آخر الأخبارأخبار محلية

بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة.. توجه اغلبية اللبنانيين نحو النقل المشترك!

كتبت زينب حاوي في الاخبار:

 

 

«بعد في رئيس الجمهورية ومدير البنك ما طلعوا معي»، يقول أحد سائقي الحافلات الصغيرة (الفان) ممازحاً، وليؤكد استقباله طبقات اجتماعية لم يعتَدْها سابقاً. وجوه الركاب الجدد في الحافلات الصغيرة ليست إلّا واحداً من تغيّرات عديدة طرأت على مشهد النقل العام في لبنان؛ منها التخلّي عن النقل تماماً، أو الاقتصاد في المشاوير

 

على غير عادتها، خلت محطة «الكولا» من ركابها المعتادين، نهار الجمعة، اليوم الذي يتوجّه فيه أغلب الشبان وسكان الأطراف إلى بلداتهم البعيدة. خفتت الأصوات، وانخفض معها ضجيج الحافلات وأصوات أصحاب «الفانات». مشهد استجدّ في المنطقة، لينضمّ الى مفاعيل الأزمة الاقتصادية الخانقة، تقف خلفه أسباب متعدّدة؛ منها هجرة العديد من الركاب من ذوي الدخل المحدود، ولا سيّما الشباب منهم، هذه الحافلات، وخسارة البعض أعمالهم في العاصمة، واختيار كثيرين البقاء في منازلهم لعدم امتلاكهم أجرة التنقل.

 

ينسحب هذا المشهد داخل العاصمة وضواحيها، بعدما أضحى ترفاً على بعض الفئات المهمّشة أن تستقلّ الحافلات الصغيرة، مفضّلة السير على الأقدام للوصول إلى أعمالها. وبات مألوفاً معاينة مجموعات، أغلبها من الفئة الشبابية، تسير على جوانب الطرقات، تحت أشعة الشمس الحارقة، متوجّهة إلى أعمالها. وإن كانت محظوظة، يرأف بحالها سائقو الحافلات، ويتقاضون منها مبلغاً رمزياً قد يصل إلى عشرين ألفاً على سبيل المثال، لستة أشخاص، كما يُسرّ لنا بعض هؤلاء.

 

 

وجوه جديدة
نزوح هذه الفئة عن النقل المشترك، قابله دخول مستجدّ للطبقات الوسطى إليه. وجوه جديدة لم تألفها الحافلات الصغيرة (الفان) من قبل، تبدو عليها حالات الضياع، كما يصف أغلب سائقي هذه الحافلات لـ«الأخبار». ضياع يتمثّل بجهلهم مسار الحافلة ومحطاتها، وسؤالهم عن التعرفة المطروحة حالياً للراكب الواحد. منهم من قرّر ركن سيارته جانباً و«اختبار» تجربة ارتياد «الفان» للمرة الأولى في سبيل الوصول الى عمله، توفيراً للمحروقات ودرءاً لأيّ تكاليف محتملة في حال تعطّل السيارة.
هذا التغيّر في أحوال الركاب، الذي نستدلّ إليه من جولة على عدد من محطات الحافلات في العاصمة وضواحيها، يوافق عليه سائقو الفانات. يروي لنا أحد سائقي الحافلات المتوجهة إلى منطقة البقاع، أن 90% من الموظفين باتوا يستقلون الفان، ومنهم من بات يطلب أرقام السائقين ليقصدوهم إلى منازلهم ويوصلوهم إلى أماكن أعمالهم.

 

تغيّر مؤقت
يضع خبير النقل علي الزين هذا التغيّر ضمن الإطار الظرفي المؤقت، مؤكداً أن «اللبنانيين ومع رفع الدعم على المحروقات، قرّروا التأقلم مع هذا الواقع، لا الانتفاضة عليه، مع إبقائهم على خيار التنقل بالسيارة بالدرجة الأولى، أو ركنها جانباً في ظل هذه الأزمة، واللجوء الى النقل المشترك، أي أنّهم لم يتخلّوا عن السيارة بشكل جذري»، ويحيلنا الزين إلى تجربة البلدان التي اختبرت أزمات اقتصادية مماثلة، وعودة سكانها إلى السيارة بعد انتهاء أزمات بلادهم.

 

وفي ما خصّ إقصاء الأزمة الاقتصادية فئة ذوي الدخل المحدود عن ارتياد النقل المشترك، يشير الزين الى فئات اجتماعية بات واقعاً تسميتها بالفئات غير المتحرّكة (immobiles)، أي تلك التي ظلّت قسراً في منازلها، لعجزها عن دفع تكلفة التنقل، فأوقفت العديد من نشاطاتها الاجتماعية. هؤلاء برأيه خسروا حقهم بالتنقل، وبالتالي زاد تهميشهم ورُسّخت بالتالي اللاعدالة الاجتماعية. ويلفت الزين، بناءً على دراسة يعدّها (عيّنة من 500 شخص من المقيمين) ضمن بحث أشمل عن تأثير نظام النقل العام في لبنان المتعدّد الأبعاد، الى أن «تأثر استخدام النقل المشترك في التنقلات غير الملزمة (زيارات، ترفيه، استهلاك…) بات أكثر من التنقلات الملزمة بين مكان السكن والعمل أو الدراسة».

 

«حقوق الركاب»: تبعات إيجابية
التغيّر الحاصل في قطاع النقل العام، خلّف إيجابية يعبّر عنها رئيس جمعية «حقوق الركاب» شادي فرح لـ«الأخبار». الجمعية التي تعنى بتشجيع الناس على ارتياد وسائل النقل المشترك، والعمل على إصلاحه، وجدت أنّ الأزمة الحالية غيّرت في الكثير من المفاهيم والعادات. ويعدّد فرح وسائل نقل لجأ إليها اللبنانيون بعد غلاء المحروقات كـ«التوك توك» و«السكوتر»، والدراجة الهوائية، فتغيّرت بالتالي أنماط التنقل، بعدما زادت كلفة النقل إلى أكثر من 500%.

 

 

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى