آخر الأخبارأخبار محلية

“حزب الله” يتحرّر.. هكذا سيخوض معركة رئاسة الجمهوريّة

بشكلٍ فعلي، أضحت قضية انتخابات رئاسة الجمهوريّة هي الأكثر بروزاً على الساحة السياسيّة، إذ انصرفَ مختلف الأفرقاء لـ”دوزنة” الخيارات وأسماء الشخصيات التي يريدون طرحها لخوض السّباق نحو قصر بعبدا.


ورغم أنّ آفاق هذا الملف ما زالت في بداياتها، إلّا أنّ معالمها باتت تتبلورُ شيئاً فشيئاً في الداخل. أما على الصعيد الخارجي، فما يتضحُ تماماً هو أنّ هناكَ ضبابية في المواقف على الرغم من وجود بوادر لتسوية إقليميّة جديدة من شأنها أن تطرحَ تغييرات جذريّة بالنسبة للبنان.

 

أين “حزب الله” من ملف الرئاسة؟


وفي ظلّ الحديث المُتنامي عن “مواصفات” الرئيس المقبل، وبعد المعادلة التي أرساها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بشأن رجل بعبدا العتيد، بات واضحاً أن “حزب الله” يتريثُ تماماً في إطلاق أيّ موقفٍ يرتبط بالرئاسة الأولى. فحتى الآن، لم يكن هناك كلامٌ واضحٌ للحزب بشأن المواصفات التي يريدها في  الرئيس الجديد، ما جعل مختلف الأفرقاء يتساءلون عن موقفه من انتخابات الرئاسة، وعمّا إذا كان يريدُ خوضها الآن أم لا.


يقولُ العارفون بأجواء الحزب إنّ ملف الرئاسة لن يمرّ مرور  الكرام في ظلّ التسابق الكبير عليه، إذ أن الفراغ قد يكون قائماً في حال أرادت أطراف مختلفة ذلك.


في المقابل، يُدرك الحزب تماماً أنّ أي تأخير للاستحقاق يعني دخول البلاد في دوامةٍ جديدة من الفراغ في ظلّ أزمةٍ اقتصادية متجذرة، ما يعني أن الرهان يبقى كبيراً على رئاسة الجمهورية لإحداثِ تغيير ما يمكن أن يصبّ في خانة الحزب وجمهوره وقوته السياسيّة والشعبية.


خلال الفترات الأخيرة وتحديداً بعد انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، لجأ “حزب الله” إلى تعديل مقاربته بشأن الاستحقاقات الدستورية، فساهم في نزعِ صفة “المُعطّل” عنه ليتلقفها حليفه “التيار الوطني الحر”. فعلى صعيد الحكومات، سلك الحزبُ درب المرونة نوعاً ما، فحافظ على وتيرة واحدة من التعاطي، في حين أن حليفه أخذ خيار المجابهة والإستعداء، فاستفردَ بمواقف عديدة وصعّد بمواقف أخرى، وقد ينسحب هذا الأمرُ على انتخابات الرئاسة التي باتت قريبة جداً.


وإنطلاقاً من “سلاسة” معينة، يسعى الحزبُ إلى عدم طرح أي عراقيل على خطّ رئاسة الجمهورية، ويقول المقربون منه إن “نواب حزب الله سيحضرون أي جلسة يدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي من أجل انتخاب رئيس جديد”، مشيرين إلى أن “الظروف الحالية تقتضي تجديداً في صلب الحياة السياسية، وتفرضُ وجود عصب جديد في المؤسسات الدستورية”.


هل من مصلحة الحزب عرقلة الانتخابات؟


وبعيداً عن منطق التسويات والتسميات المُعلّبة، وبمنأى عن الإتفاقيات المُسبقة، يعتبرُ “حزب الله” من أكثر الأطراف حاجة لرئيس جديد للجمهوريّة. فمن جهة، لا يُنكر الحزبُ مكانة الرئيس عون كحليفٍ قويّ له، إلا أن المسار الذي سلكه فريق الأخير، جعل الحزبَ يدخلُ في دوامةٍ كان بغنى عنها، سواء على الملف الحكومي أو الاقتصادي.


اليوم، يحتاجُ الحزب أكثر من أي وقتٍ مضى إلى إتمام استحقاق الرئاسة بسرعة قصوى للوصول برئيسٍ بعيدٍ عن المتاريس السياسية، وقادر على تفعيل العمل بملفات الدولة العالقة. إضافة إلى ذلك، بات الحزبُ بحاجة لانتهاء العهد الحالي بأقلّ أضرار ممكنة وذلك بعد تراجع سياسيّ مُنيَ به ضمن الطائفة الشيعية بسبب ممارسات حليفه “الوطني الحر”، الذي استفرَد برئاسة الجمهورية وساهم في إرساء منطق التعطيل على أكثر من جبهة.


هنا، كان “حزب الله” مُحرجاً تماماً بسبب ما فعله “الوطني الحر”، وما يريحه تماماً هو ابتعاد رئيس التيار جبران باسيل عن سباق الرئاسة، خصوصاً أن الأخير يعتبرُ من أكثرِ الأسماء استفزازية، كما أنه لا يتضمن مواصفات الرئيس المطلوب، وكما قال رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب قبل يومين، فإن “باسيل لا يحصل على أصواتِ من غير حزب الله في مجلس النواب”.


وبسببِ هذا الأمر، بات “حزب الله” يتحرّك بأريحية تامّة مع التسميات الأخرى لرئاسة الجمهورية، ما يؤكد تماماً أنه غير مُلزم حتى الآن بشخصية معينة تحتاجُ لعرقلة الانتخابات من أجل وصولها، مثلما حصلَ في السابق.  


ولهذا، وبشكل واضح، يعتبرُ “حزب الله” مُتحرراً من قيود كانت رُسمَت حوله عام 2016، سنة انتخاب عون رئيساً للجمهورية. وبالتالي، فإنّ الذهاب نحو شخصية وسطية مقبولة من الجميع قد يكون خياراً متقدماً عند الحزب وذلك وسط احتمالية استبعادٍ تام لأي شخصية تدورُ في فلك “التيار الوطني الحر”، باعتبار أن النهج الذي سار عليه الأخير بات مُثقلاً باعباء وملفات متراكمة حتّمت على الآخرين رفضه تماماً.


في خلاصة القول، يُمكن القول أن “حزب الله” هو أكثر الأطراف ارتياحا اليوم، فمن جهة بات غير مُقيّد بشخصيةٍ معينة، إذ أن مصادره تقول بإنه “حتى الآن لا صحة لكلام عن وعودٍ لأحد”. أما من جهة أخرى، فإن الحزبَ قد يحتاج المرحلة الجديدة من الرئاسة للإنطلاق بآلية عملٍ جديدة تساهم في إحداث انتقالٍ سياسي هادئ وإعادة ترميم مع تدمّر خلال السنوات الـ6 الأخيرة.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى