فيروس جديد يهددكم بالبدانه
ترتبط البدانة من دون شكّ بالشقّين الغذائي والبدني، وهذا الأمر مُثبَت علميّاً ولا يمكن نكرانه. لكن هل فكّرتم يوماً في أنّ هذه المشكلة قد تندَرج في دفاتر الأمراض المُعدية؟
«بعدما توصّل العلماء إلى أنّ الأصدقاء يؤثّرون كثيراً في رشاقة الإنسان، وهو الأمر الذي يُشير إلى أنّ البدانة قد تكون مُعدية إجتماعياً، تبيّن لهم أيضاً أنّ هذه المشكلة قد تكون مُعدية بالمعنى الحرفي للكلمة»، هذا ما قالته اختصاصية التغذية كريستال بدروسيان لـ»الجمهورية».
وتابعت حديثها: «لم يفكّر العلماء في السابق أنّ العدوى قد ترتبط بالسرطان، ولكن مع مرور الوقت تبيّن لهم أنّ فيروس الورم الحليمي البشري مرتبط بسرطان الرحم، وجرثومة الهليكوباكتير بيلوري تحفّز الإصابة بسرطان المعدة. الأمر الذي دفع العلماء إلى التساؤل عمّا إذا كان مصدر البدانة قد يكون له علاقة أيضاً بالفيروسات، وهل صحيحٌ أنّ السعال والرشح وآلام الحلق المرتبطة بنزلات البرد قد تجعل الإنسان بديناً؟».
«بحسب العلماء، يوجد فيروس وراء نزلات البرد يغذّي أيضاً وباء البدانة الذي يحصل في العالم المتطور. والسبب يعود إلى «Adenovirus 36» الذي يؤدي إلى سعال ونزلات برد بشكل متوسّط»، شرحت بدروسيان، مُشيرةً إلى أنّ «البدانة ازدادت في الأعوام الثلاثين الأخيرة، وقد ترافَق ذلك مع اكتشاف هذا الفيروس».
وعرضت أبرز ما قيل عن علاقة «Adenovirus 36» بالبدانة:
– بحسب «European Congress of Obesity» صحيحٌ أنّ الأكل والرياضة مهمّان جداً، ولكنهما لا يفسّران وحدهما سبب ارتفاع الوزن الذي يحدث بشكل مفاجئ، الأمر الذي دفع العلماء إلى تسليط الضوء على «Adenovirus 36» المُعدي كثيراً.
وأظهرت أبحاثهم أنّ حقن الحيوانات (دواجن، جرذان، فئران، قرود) بهذا الفيروس أدّى إلى زيادة وزنها، حتى ولو استمرّ نظامها الغذائي على ما كان عليه سابقاً، مُفسّرين ذلك بأنّ «Adenovirus 36» يدخل الخلايا الدهنية ويعلّمها تخزين دهون إضافية أكثر من المعتاد، حتى وأنه يستطيع اختراق الخلايا الجذعية ويدفعها إلى التحوّل لخلايا دهنية.
– في دراسة ثانية، إكتشف الباحثون أنّ المراهقين الذين يعانون زيادة الوزن هم أكثر عرضة للبدانة بنسبة مرّتين ونصف إذا أصيبوا بهذا الفيروس مقارنةً بنظرائهم الذين يتمتّعون بوزن صحّي. كذلك أظهر بحث آخر أنّ الأولاد الذين يعانون «Adenovirus 36»، يبلغ وزنهم 23,5 كلغ أكثر مقارنةً بغير المُصابين به. أمّا المراهقون البدناء الذين لديهم هذا الفيروس، فيبلغ وزنهم 15,8 كلغ أكثر من البدناء الذين لا يعانون هذا الفيروس.
– وجد بحث ثالث أنّ 1/3 من البدناء لديهم هذا الفيروس الذي يُعتبر حتى الآن الوحيد المرتبط بالبدانة عند الإنسان. إنه موجود بنسبة 30% عند البدناء و11% عند الأشخاص الذين يملكون وزناً طبيعياً. من جهة أخرى، بيّنت دراسة أنّ 30 في المئة من الأميركيين البدناء لديهم أجسام مُضادّة (Antibodies) للـ«Adenovirus 36» في مقابل 5% للأشخاص الذين يملكون وزناً صحياً.
ولفتت إلى «وجود نحو 60 منشورة تظهر دور «Adenovirus 36» في تعزيز البدانة، و45 منها تقريباً صدرت في الأعوام الخمسة الأخيرة، ما يظهر تزايد الاهتمام بهذا الموضوع».
وأفادت بدروسيان أنّ «الشخص الذي قال إنّ جزءاً من البدانة يأتي من «Adenovirus 36» ويؤثر في الوزن لأكثر من 20 عاماً من حياة الإنسان، هو الطبيب الأميركي ريتشارد أتكينسون الذي أمضى نحو 15 عاماً يدرس هذه العلاقة.
وقد وضعَ مجموعة خطوات للوقاية من هذا الفيروس تشمل الحفاظ على مناعة قوية، والنوم جيداً، وتجنّب التوتر، وغسل اليدين بانتظام، وعدم فرك الأنف. لا بل دعا أيضاً إلى تجنّب الشخص النحيف الذي يعاني نزلات البرد لأنّ «Adenovirus 36» يكون معدياً قبل أن يكتسب الإنسان كيلوغرامات إضافية. هذا الفيروس يختفي من الجسم بعد نحو شهر، ما يعني أنه عندما يصبح الإنسان بديناً فإنه لن يُعدي من حوله».
هل يوجد لقاح للـ«Adenovirus 36»؟ «في الواقع تمكّن أتكينسون من ابتكار تركيبة للقاح مُضادّ لهذا الفيروس، ولكن فكرة أنّ البدانة مُعدية هي جديدة ولذلك لم يجد التمويل لتطويره. أجريت بعض الاختبارات على الحيوانات لمعرفة إذا كان هذا اللقاح يساعد على إنتاج أجسام مُضادّة، ولكنّ الأمر يحتاج الى أبحاث إضافية».
«إذاً، وبحسب النتائج التي توصّل إليها 5العلماء حتى الآن، لا يجب فقط التفكير في الغذاء والرياضة لمحاربة البدانة، التي وصفتها منظمة الصحّة العالمية (WHO) بالوباء الخطير، إنما يجب أيضاً الأخذ في الحسبان طرق الوقاية من «Adenovirus 36» ووضع استراتيجية فعّالة مُضادّة له»، عَلّقت بدروسيان.
وأضافت أنّ «هذه المقاربة الجديدة ستمنحنا فرصة أكبر لمعرفة كيف يمكن الوقاية من البدانة وعلاجها، علماً أنها لن تُطبّق على الجميع ولكنها حتماً ستُفيد نسبة كبيرة من الناس».
وأكّدت أخيراً «اننا بحاجة لأبحاث إضافية من أجل اكتشاف صِلة الوصل الحقيقية بين البدانة والـ«Adenovirus 36»، ومعرفة من هم الأشخاص الأكثر تأثّراً في ذلك»، مشيرةً إلى أنّ «رصد مشكلة كل مجموعة من الأشخاص والعمل على علاجها سيساعدان حتماً في محاربة البدانة أكثر، بحيث إنّ البعض سيعالجها إجتماعياً، في حين أنّ البعض الآخر سيواجهها نفسياً أو غذائياً أو وقائياً من خلال منع التعرّض للفيروس».