ثماني معلومات كاذبة في دقيقتين… ريبورتاج مفبرك لقناة إيرانية يقدم رونالدو على أنه مدافع عن القضية الفلسطينية
عرضت قناة “إيريب” التابعة للتلفزيون الحكومي في إيران يوم 15 حزيران/ يونيو الجاري تقريرا مصورا عن نجم الكرة العالمية كريستيانو رونالدو مدعية أنه أظهر مساندته للقضية الفلسطينية و”كرهه” للإسرائيليين. لكن التقرير كان في الحقيقة مليئا بأخبار كاذبة مفبركة.
عملية التحقق في سطور
-
قدم تقرير مصور عُرض في قناة تلفزيونية إيرانية كريستيانو رونالدو على أنه داعم للقضية الفلسطينية
-
ترجمة كاذبة وصور مفبركة وتصريحات لا أساس لها من الصحة… هذا بعض ما رصده فريق تحرير مراقبون في هذا الريبورتاج الذي يحتوي على ما لا يقل عن ثمانية معلومات مضللة.
عملية التحقق بالتفصيل:
تحتكر الدولة في إيران البث التلفزي وتروج لإيديولوجيا وسياسة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامئني. وفي ظل معرفة عدد كبير من الإيرانيين بكم الدعاية الهائل الذي يبث بلا توقف على شاشات القنوات المحلية، فقد لجأوا إلى قنوات تلفزيونية أجنبية كثيرة ناطقة بالفارسية ومتاحة عبر البث الفضائي.
في 15 حزيران/ يونيو الجاري، عرضت قناة “إيريب الحكومية” تقريرا مصورا باللغة الفارسية عن نجم الكرة البرتغالي كريستيانو رونالدو وعن دعمه المزعوم للقضية الفلسطينية.
وخلال الدقيقتين اللتين تمثلان طول التقرير، أحصى فريق تحرير مراقبون فرانس24 ثماني أخبار كاذبة التي نفصلها لكم في ما يلي
Table of Contents
لا وجود للاعب من منتخب إسرائيل بل منتخب إيسلندا
يؤكد التقرير المصور بالخصوص أن قائد منتخب إسرائيل الوطني اقترب من رونالدو بعد نهاية المباراة بين منتخب بلاده والمنتخب البرتغالي وكان يرغب في تبادل القمصان مع النجم العالمي لكن رونالدو رفض طلبه.
وبفضل بحث عكسي عن الصور عبر محرك البحث غوغل (انظر هنا كيف يمكن القيام به)، يمكن لنا العثور على عدة مقالات تتناول هذا الفيديو وبلغات مختلفة بينها اللغة البرتغالية. وفي الحقيقة فإن اللاعب أرون غونارسون ليس قائد منتخب إسرائيل لكرة القجمة بل لاعب في المنتخب الإيسلندي.
في هذا المقطع المصور، نرى نفس الصورة مع التفسير الصحيح لسياقها. وكان العلمان البرتغالي والإيسلندي ظاهرين على قميصي اللاعبين.
جرى المشهد في سنة 2016، انتهى اللقاء بين منتخبي البلدين بالتعادل بهدف لمثله. وحسب تصريح لاعب كرة القدم الإيسلندي، فقد أكد بأنه بعد تبادل القمصان معه، رد عليه رونالدو بأنه يمكن تبادل الأقمصة في الداخل [فريق التحرير: الرواق المؤدي إلى حجرات الملابس]”.
وبالتالي، فإن القول بأن رونالدو رفض تبادل قميصه مع لاعب منتخب إسرائيل هو خبر مضلل حيث أن هذا المعلومة الكاذبة بتم تداولها عدة مرات في السنة على وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية.
رونالدو كان يتحدث عن سوريا وليس عن إسرائيل كما ذكر التقرير
في الثانية 30 من مقطع الفيديو، نستمع إلى ترجمة باللغة الفارسية لتصريحات رونالدو. وحسب قناة “إيريب” فقد كان اللاعب البرتغالي يقول: “من بين مشجعي كرة القدم، الإسرائيليون هم الأكثر سوءا، لا يمكن لي تحملهم، لن أستبدل قميصي مع قاتل”
لكن هذه الترجمة خاطئة تماما. ومن خلال القيام ببحث عكسي عن الصورة عبر تطبيق “غوغل إيماج”، يمكن لنا بسهولة العثور على النسخة الأصلية للفيديو.
تبلغ مدة هذا المقطع المصور عشرين ونشره رونالدو في سنة 2016 للتعبير عن دعمه لأطفال سوريا. وكان المهاجم البرتغالي بصدد القول في الواقع: “أعلم أنكم تعانون كثيرا… أنتم أبطال حقيقيون لا تفقدوا الأمل، العالم يقف معكم”.
وقد نشر رونالدو هذا المقطع المصور عندما كان نظام الرئيس السوري بشار الأسد بصدد تنفيذ هجمات واسعة ضد المدنيين. وساعدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا جيش بشار الأسد في تنفيذ هذه الهجمات.
رونالدو لم يبع حذاءه الذهبي في المزاد العلني دعما لفلسطين
إليكم معلومة مضللة أخرى في هذا التقرير التلفزيوني وهي معلومة كاذبة يتم تداولها على نطاق واسع بشأن النجم البرتغالي.
إذ تؤكد القناة الحكومية الإيرانية أن لاعب كرة القدم باع أحد أحذيته الذهبية الأربع بقيمة 1,4 مليون يورو وتبرع بهذا المبلغ لفائدة بناء مدرسة في قطاع غزة. ويتم تقديم الحذاء الذهبي كجائزة سنوية لأفضل هداف في الدوريات الأوروبية خلال موسم واحد وتقدم من طرف جمعية وسائل الإعلام الرياضية الأوروبية ” إي إس إم”.
وتم تكذيب هذه الإشاعة عدة مرات من قبل شركة “جيستيفوت Gestifute، وهي شركة تتولى إدارة العلاقات العامة للاعب البرتغالي, وحسب الموقع الرسمي لمتحف كريستيانو رونالدو في مدينة فونشال مسقط رأس، فإن كل الأحذية الذهبية التي تحصل عليها اللاعب البرتغالي مازالت معروضة هناك.
ويعود تاريخ التقاط صور اللافتة المعروضة في قطاع عزة والتي يظهر فيها رونالدو وكتب عليها “شكرا رونالدو” باللغتين العربية والإنكليزية والتي عرضتها قناة إيريب التلفزيونية الحكومية الإيرانية للإشارة إلى تصريحاته المضللة، إلى سنة 2016 عندما زار طفل فلسطيني كان ضحية لحريق مركز تدريبات فريق ريال مدريد الإسباني لالتقاط صور مع النجم البرتغالي. وقد تم عرض لافتات الشكر هذه بالفعل في غزة ولكن السياق لا علاقة له من قريب أو من بعيد مع الرواية التي قدمتها قناة “إيريب”
تركيب فني لصور مع مسؤولين عن كرة القدم الفلسطينية
وفي المعلومة الموالية التي تناولها هذا “الريبورتاج”، عرضت قناة “إيريب” صورة لرونالدو مع أشخاص يرتدون وشاحا يحمل العلم الفلسطيني. ورأت القناة الحكومية الإيرانية في ذلك مؤشرا على دعم رونالدو للقضية الفلسطينية. ويؤكد صاحب الريبورتاج أن رونالدو أصبح “هدفا لموظفين فاسدين بسبب دعمه العلني والكبير لفلسطين”.
هنا أيضا، وعبر بحث عكسي عن الصورة عبر أداة “تين آي TinEye” نتوصل إلى العثور على النسخة الأصلية للصورة التي تعود لسنة 2013 على الأقل.
وتظهر هذه الصورة مسؤولين في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم في مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”. الرجل الموجود في يمين الصورة هو جبريل الرجوب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم, و يحمل الوشاح صورة علم فلسطين مع شعار الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم. ولا يعد ذلك مؤشرا على دعم رونالدو للقضية الفلسطينية. حيث التقى النجم البرتغالي أيضا عدة مسؤولين سياسيين إسرائيليين وأهدى قميصه لعزرائيل كاتز وزير الشؤون الخارجية الإسرائيلي خلال سنة 2019 كما التقى الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز في سنة 2011.
وبإمكانكم الاطلاع عبر هذا الرابط على صورة لرونالدو بصدد إهداء قميصه لوزير الخارجية الإسرائيلي.
حوار مفبرك مع رئيس الفيفا السابق سيب بلاتير
ويحتوي التقرير أيضا على مقطع فيديو لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا السابق سيب بلاتير وهو “يرد الفعل بغضب وحنق شديدين بسبب دعم رونالدو للفلسطينيين” حسب الصحافي الإيراني الذي أعد التقرير. ودائما حسب القناة التلفزيونية الإيرانية، فقد قال سيب بلاتير لرونالدو: “رونالدو يتصرف مثل قائد صغير ويبذر أمواله على الحلاقة كعارضات الأزياء”.
وللعثور على النسخة الأصلية للفيديو، يكفي البحث عن كلمتين مفتاحين على محرك غوغل: سيب بلاتير ورونالدو ويظهر لكن الفيديو في نتائج البحث الأولى.
وتبين أن هذا الفيديو الذي يظهر فيه سيب بلاتير ما هو إلا مقتطف من حوار أجراه في جامعة أوكسفورد البريطانية في سنة 2013 وعندما سأله الصحافي عن لاعب كرة القدم المفضل لديه بين ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو. اكتفى المسؤول السويسري السابق عن الفيفا بكيل المديح للاعبين قائلا إن أسلوب لعبهما مختلف. وصرح بلاتير بالخصوص، في المقتطف الذي نقلته القناة الإيرانية مفبركا: “رونالدو هو قائد في الميدان ومن الجيد أن يكون لدينا لاعبون مثله فذلك يعطي الحيوية لكرة القدم. أحدهما ينفق مالا أكبر على شعره ولكن ذلك ليس ذو أهمية، لا يمكنني القول من هو أفضل من الآخر”.
رونالدو لم يرفض مصافحة سياسي إسرائيلي بل كان دبلوماسي إيطاليا
وعند التقدم في مشاهدة التقرير، تؤكد القناة الإيرانية أن رونالدو رفض مصافحة مسؤول إسرائيلي كما أنه “رفض عرض الرئيس الإسرائيلي له بزيارة الدولة العبرية”.
وعلى مقطع الفيديو، توجد مؤشرات تتيح لنا العثور على النسخة الأصلية منه، فقد كان رونالدو يرتدي قميص نادي يوفنتوس الإيطالي ونرى اسم العاصمة السعودية الرياض مكتوبا في الخلفية وإشارة لسنة 2019. ومن خلال البحث عن الكلمات المفاتيح “العربية السعودية” “مباراة كرة قدم” و”يوفنتوس” على محرك غوغل نعثر على مقطع مصور لنهائي كأس السوبر الإيطالية الذي جمع نادي السيدة العجوز بفريق العاصمة لاتسيو الذي أقيم في الرياض في سنة 2019.
وقد تم تناقل نفس المشهد لرونالدو مع المسؤول السياسي الإيطالي لوكا فيراري في تلك الفترة. ويتعلق الأمر برفض رونالدو مصافحة مسؤول خلال تسليم الميداليات والرجل الذي كان يرتدي بدلة هو السياسي الإيطالي لوكا فيرراي سفير إيطاليا في السعودية في تلك الفترة والسفير الإيطالي الحالي في الصين.
وسرعان ما سحب رونالدو، الذي يبدو أنه كان مستاء من الهزيمة، الميدالية الفضية ورفض مصافحة لوكا فيراري. وفي هذا المقطع المصور، يمكن لنا رؤية لوكا فيراري السفير الإيطالي الحالي لدى الصين.
كما أنه لا يمكن أن يتواجد مسؤول رسمي إسرائيلي في المملكة السعودية بما أنه لا وجود لعلاقات دبلوماسية تربط البلدين ويمكن لنا أن نكون متأكدين من أن معلومة التلفزيون الإيراني كانت مضللة.
لا خطاب ضد إسرائيل بل هو خطاب للتعبير عن سعادته بالحصول على ميدالية شرفية
ويواصل التقرير التلفزيوني الذي عرضته القناة الحكومية الإيراني مع خطاب لكريستيانو رونالدو وقد أضيف صوت لترجمة كلامه قيل فيه إن النجم البرتغالي صرح: “إذا ما قلت إنني أحب النظام الصهيوني ولو لمرة واحدة، فستختارني الفيفا كأفضل لاعب كرة قدم في العالم ولكنني أفضل دعم الأطفال الفلسطينيين الفقراء والجائعين على قبول دعوة لزيارة إسرائيل”.
لكن هذه الترجمة هي مضللة بالكامل مرة أخرى. ويتيح لنا بحث عكسي عن الصورة على “غوغل إيماج” من العثور على النسخة الأصلية للفيديو.
تم التقاط هذه المقطع المصور في كانون الثاني/يناير 2014، وذلك خلال حفل رسمي أقيم في العاصمة البرتغالية لشبونة حيث حصل اللاعب على “وسام الاستحقاق الأكبر دوم هنريكي” وهو لقب شرفي في البرتغال وقد تسلمه رونالدو من رئيس البرتغال في تلك الفترة هانيبال كافاكو سيلفا.
وفي خطابه المقتضب بعد الحصول على هذا اللقب الشرفي، صرح رونالدو: “أنا سعيد جدا كل من أحبهم موجودون هنا، باستثناء عائلتي التي لم تقدر مع الأسف على حضور الحفل لأسباب شخصية ومهنية. إنها لحظة مهمة لي ولكل البرتغاليين الموجودين هنا. أنا ممتن جدا. آمل أن أواصل على نفس النهج الذي سلكته منذ بداية مسيرته، وهو الفوز بالألقاب على المستوى الشخصي والفرق التي ألعب لها وحققت كل ذلك باسم البرتغال”.
ولم يأت رونالدو في معرض حديثه البتة عن إسرائيل أو فلسطين.
لافتة من أجل الناجين من هزة أرضية في لوركا الإسبانية وليس دعما لفلسطين
في نهاية الريبورتاج، ظهر رونالدو وهو يعرض لافتة كتب عليها “كلنا مع الفلسطينيين” وكان إلى جانبه العلم الفلسطيني. ولكن الصورة كانت مفبركة.
ومن خلال اللجوء مرة جديدة إلى البحث العكسي عن الصورة عبر محرك غوغل، نعثر على الصور الأصلية وصور أخرى لنفس الحملة التي أطلقها لاعبو ريال مدريد مع نفس الشعار.
تعود الحملة إلى سنة 2011، وكانت تهدف إلى تقديم الدعم للناجين من الهزة الأرضية في منطقة لوركا الإسبانية التي أدت إلى مقتل 9 أشخاص. وقد حملت اللافتة الحقيقة شريطين باللونين الأحمر والأبيض وليس العلم الفلسطيني.
//platform.twitter.com/widgets.js
مصدر الخبر
للمزيد Facebook