هدفنا نشر جهازنا الذي يستخلص رطوبة الهواء ويحولها لماء بالعالم العربي
نشرت في: 15/06/2022 – 16:50آخر تحديث: 15/06/2022 – 17:00
تمكن المخترع التونسي إيهاب التريكي وفريق شركته كومولوس من إنتاج جهاز يحول الرطوبة المستخلصة من الهواء المحيط إلى ماء شرب. مشروع مبتكر وملهم ويأتي فيما تواجه دول العالم والمنطقة العربية تحديات غير مسبوقة بسبب تداعيات التغيرات المناخية وخاصة ظاهرة الاحتباس الحراري مع ما يعنيه ذلك من أزمات مياه. ويقول التريكي وهو مستشار سابق لوزير الطاقة ببلاده، واختير في 2021 ضمن لائحة 100 من أبرز القادة الأفارقة الشباب، في حوار خاص مع فرانس24، إن طموح شركته هو توفير الماء لنحو مليون شخص، ونشر جهازه في الجزائر والمغرب والعالم العربي.
أنتجت شركة تونسية ناشئة جهازا مبتكرا يحول الهواء إلى ماء صالح للشرب بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، عبر دورة عمل فريدة من نوعها تحاكي الطبيعة وتعمل على استخلاص الماء من الرطوبة في الهواء وتنقيته وإزالة البكتيريا منه وإشباعه بالأملاح المعنية الضرورية لصحة الإنسان.
وتضم شركة “كومولوس” إلى جانب إيهاب التريكي رئيسها التنفيذي، كل من محمد علي عابد كبير المسؤولين الفنيين، بثينة زلامة مهندسة العمليات والطاقة، عماد ملاوح مطور برامج وإلكترونيات، غادة الشابي دكتوراه جودة المياه، ونهى ابروج كرئيسة للعمليات. وهي تشارك حاليا في فعالية “فيفاتيك” المقامة سنويا في معرض “بورت-دو-فرساي” قرب باريس والتي انطلقت الأربعاء وتستمر حتى 18 يونيو/حزيران، وتعد بمثابة ملتقى عالمي للشركات الناشئة والقادة “للاحتفال بالابتكار وجمع ألمع العقول والمواهب والمنتجات التقنية خاصة” حسب موقع الفعالية الهامة على الصعيد التكنولوجي.
للإشارة، سبق أن عمل إيهاب التريكي مستشارا لوزير الطاقة والمناجم التونسي (2014-2015)، ومستشارا لمجموعة بوسطن الاستشارية (BCG). وقد اشتغل أيضا لأكثر من 10 سنوات في مجال الطاقات المتجددة. وهو خريج المدرسة المتعددة التقنيات في باريس وحاصل على الماجستير في العلوم من جامعة كاليفورنيا. تم اختياره في 2021 من معهد “شوازول” المرموق كواحد من بين 100 من أبرز القادة الأفارقة الشباب.
وفاة 500 ألف طفل سنويا بسبب مياه غير صالحة للشرب
وفقا للموقع الرسمي للشركة فإن جهاز “كومولوس-1” هذه الآلة الذكية قادرة على إنتاج ما بين 20 إلى 30 لترا من المياه الصالحة للشرب يوميا. وهي تتسع لمكعب 1m3 ويمكن تجهيزها بحزمة طاقة شمسية ما يجعلها مستقلة تماما. وهدف الشركة توفير مياه الشرب بطريقة اقتصادية ومستدامة من خلال تصميم وبيع وتشغيل الآلات التي تنتج مياه الشرب انطلاقا من الهواء المحيط. يضيف موقع الشركة أن مسألة الوصول إلى مياه الشرب هي من بين أكثر التهديدات الوشيكة التي تواجه البشرية، مع وجود مليار شخص لا يحصلون على مياه شرب نظيفة، وافتقار 31 بالمئة من المدارس في العالم للمياه النظيفة، ووفاة 500 ألف طفل دون سن الخامسة سنويا بسبب سوء نوعية المياه، إلى جانب الخطر الداهم المحدق بنحو 600 مليون طفل سيعيشون في مناطق تفتقر بشكل خطير للموارد المائية بحلول 2040.
ويأتي هذا الاختراع فيما يواجه العالم تحديات متفاقمة من جراء التغيرات المناخية وخصوصا ظاهرة الاحتباس الحراري وما تخلفه من تصحر وجفاف وتداعيات أخرى خطيرة تؤثر على توفر المياه الصالحة للشرب، إلى جانب الدور الذي تلعبه الأنشطة البشرية الصناعية والزراعية، وأيضا النزاعات الدولية حول الماء، وتشييد السدود مثل أزمة سد النهضة، في ضرب هذا القطاع التنموي الاستراتيجي الحساس والمادة الأساسية لحياة الإنسان.
فكيف يعمل جهاز تحويل الهواء إلى ماء “كومولوس-1″؟ هل يمكن أن يساهم في مواجهة الجفاف وشح المياه وفي دعم الزراعة؟ من هي الجهات الداعمة للمشروع؟ هل بإمكان المخترعين العرب تحقيق النجاح دون دعم؟ ما هي طموحات الشركة المستقبلية؟ أسئلة يجيبنا عليها المخترع التونسي إيهاب التريكي.
- كيف يعمل جهاز “كومولوس-1” وهل هو صالح لكافة النطاقات المناخية؟
“يعمل جهاز كومولوس-1 بالطاقة الشمسية وهو يستخرج الرطوبة من الهواء ويحولها إلى ماء. حيث يدخل الهواء إلى الآلة ويتم تصفية الجزيئات قبل نقله إلى الغرفة الباردة حيث يتم خفض حرارة الهواء وإنتاج القطرات التي تبدأ في الظهور ليتم تجميعها وتنقيتها من البكتيريا والجزيئات. ومن ثم يتم إضافة الأملاح المعدنية اللازمة حتى يكون الماء صالحا للشرب”.
ويضيف محدثنا: “هذا الجهاز ليس صالحا لكافة النطاقات المناخية بل إن الآلة مصممة خصيصا للعمل في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهي تمتاز بخصائص مناخية معينة. الهدف هو أن يستفيد العالم العربي بالدرجة الأولى من هذا الجهاز. كما وأن الآلة موجهة لسكان المناطق النائية والصحراوية والجبلية حيث يصعب جلب الماء. وعموما هي موجهة للمناطق المأهولة حيث إن تواجد الناس والغطاء النباتي يعني صلاحية عملها. فمثلا، في واحات تونس شط الجريد أو نفطة ليس هناك ماء كاف لكن توفر الأشجار يسمح بجلب الرطوبة. نحن نحاكي من خلال آلتنا هذه طريقة عمل الطبيعة نفسها”.
- هل يمكن تطوير المشروع للقضاء على الجفاف وشح المياه ودعم الزراعة؟
النشاط الزراعي هو من بين أهدافنا بعيدة المدى حيث إننا نعمل على مشروع الزراعة العمودية. الهدف الحالي هو إنتاج الماء الصالح للشرب. ففي العالم العربي كثيرا ما نجد أن ماء الحنفية هو غير صالح للشرب لكنه جيد للغسيل والأشياء الأخرى. ويمكن أن نطور هذا الجهاز للعمل على الأنشطة الزراعية أيضا.
{{ scope.counterText }}
© {{ scope.credits }}
{{ scope.counterText }}
- من هي الجهات الداعمة للمشروع؟
بالنسبة إلى الجهات الداعمة للمشروع. نحن شركة ناشئة تعمل بين فرنسا وتونس، الدعم الفرنسي كان عظيما وهائلا وهناك إعانات كثيرة للشركات الناشئة لإطلاق أنشطتها. لكننا بدأنا بأموالنا الشخصية أنا والفريق المشارك معي وقد حققنا الفوز خلال بعض المسابقات ما منحنا بعض العوائد المالية والتمويلات، وهكذا انطلقنا. نعول على الجهات الوطنية وخصوصا في تونس والجزائر والمغرب وعلى تفهم الحكومات والإدارات لأن المشروع جدا مبتكر ويجب أن تكون التشريعات منفتحة على هذه التجديدات.
- هل تعتقد أن بإمكان المخترعين العرب تحقيق النجاح دون دعم السلطات في دولهم؟
الحاجة هي أم الاختراع. أنا أؤمن بأن التكنولوجيا هي التي ستسمح للعالم ولدولنا بتخطي الظواهر المستعصية والصعبة. التكنولوجيا مكنتنا من تبريد الهواء وإنتاج الطاقة من الطاقات المتجددة والتي كانت حلما في السنوات الفائتة. المساعدات والدعم يختلف من دولة لأخرى، نحن كشركة خاصة لا نرى أنه يجب التعويل على دعم الدولة للنمو، حيث إن المنتجات يجب أن تفرض نفسها بنفسها.
- ما هي طموحاتكم المستقبلية؟
بالنسبة للطموحات المستقبلية، أشير إلى أن هدفنا خلال هذه السنة هو البدء في تسويق 50 آلة. ومن ثم نطمح خلال الخمس سنوات المقبلة لتوفير الماء الصالح للشرب من خلال هذه الآلة لما بين 150 ألف إلى مليون شخص. نطمح أيضا للتواجد إلى جانب تونس، في الجزائر، مصر، المغرب، السعودية، والإمارات.
مدرسة البياضة تدشن أول جهاز “كومولوس-1”
للإشارة، تم تركيب أول آلة كومولوس-1 في مدرسة ابتدائية تقع في قرية البياضة التونسية الريفية النائية الواقعة في منطقة غار الدماء القريبة من الحدود الجزائرية، حسبما قالت الشركة في منشور على حسابها في فيس بوك، مشيرة إلى أنه قد “أتيحت لنا الفرصة لاختبار وعرض آلتنا وتقنيتنا لإتاحة إمكانية الوصول إلى مياه الشرب العذبة لجميع طلاب المدرسة. نحن ممتنون لشركة Orange لدعمها المستمر وثقتها”.
هذا، ووفقا للبنك الدولي، لا يحصل نحو 2.2 مليار شخص في العالم على خدمات مياه شرب آمنة. وأن التغيرات المناخية تعبر عن نفسها من خلال المياه، فمن بين كل 10 كوارث طبيعية هناك 9 مرتبطة بالمياه. وأن مخاطر المناخ المرتبطة بالمياه تنتقل عبر منظومة الغذاء والطاقة والأنظمة الحضرية والبيئية. ويحذر البنك الدولي من أن بعض المناطق قد تشهد انخفاضا في معدلات نموها بنسبة تصل إلى 6 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2050 نتيجة للخسائر المرتبطة بالمياه في الزراعة والصحة والدخل وتحقيق الرخاء.
من جهتها، حذرت الأمم المتحدة من أن سبع دول في المنطقة العربية وخصوصا الخليج هي من بين أكثر البلدان المهددة في العالم بندرة المياه. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حذرت منظمة اليونيسيف من تداعيات وخيمة للأزمات المرتبطة بنقص المياه أو انعدامها، من ذلك النزاعات والعنف والنزوح وانخفاض المحاصيل الزراعية والتصحر وانعدام الأمن الغذائي المزمن.
أمين زرواطي
مصدر الخبر
للمزيد Facebook