آخر الأخبارأخبار محلية

اول تحدي لنوّاب التغيير: ضبط الكلام العشوائي والمتفلت

كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: يمكن لنواب «تغييريين» أن يجزموا، بالفم الملآن، أن لا تمويل انتخابياً صب لصالحهم كي يصلوا إلى المجلس النيابي، لا السعودية ولا السفارات العربية أو الغربية ولا رجال أعمال لبنانيين، موّلوا حملاتهم. لكن من غير الجائز كذلك أن يتصرف بعضهم، المعروف جيداً، وكأن لا مال انتخابياً صب لصالحهم ولا متمولين لبنانيين، منهم سياسيون وغير سياسيين بأسماء محددة، دعموا حملاتهم الانتخابية ووصولهم إلى المجلس، بعدما احتضنوهم منذ 17 تشرين، وبعد انفجار المرفأ.

لم تصبح هذه المجموعة بعد نموذجاً مصغراً عن الطبقة السياسية، لكن بين مهرجانات النصر وحفلات العشاء اللبنانية التكريمية، بدأ التجاذب السياسي وأحياناً الطائفي يدخل إلى الوسط «التغييري» بسرعة . وأضاف هؤلاء إلى تموضعهم الذي يصرون على أنه غير سياسي وغير حزبي، انتماءات وشخصانية، بدأت تتسرب من خارج جلساتهم الجماعية. وهنا خطورة أن يتم تداول كلام من نواب، يعبر فقط عن قائليه فقط، لكنه يلتصق بالمجموعة ككل. وما لم يضبط هذا الكلام العشوائي والمتفلت من كل حدود، يخشى على هذه التجربة أن تكون هي المسمار الذي يدق في نعش التغيير.

إن استمرار عدم نضوج قرار المجموعة الحالية لن يكون السبب فقط بسبب عدم التجانس السياسي، أو أن الرغبة في إبقاء وحدتها متكاملة سيطغى على نوعية مواقفها. بل بسبب شخصانية بعض الفائزين، في وقت يتصرف بعض هؤلاء منذ اللحظة الأولى لفوزه على أنه من لائحة ومن موقع متفوق على زميله في لائحة ومنطقة أخرى. هنا الخشية وبعيداً من محاولات الظهور بمظهر علماني وخارج من الأطر الطائفية، من كلام مسيء بدأ يتسرب، حتى من بعض الممولين والداعمين الذين يوزعون شهادات «حسن السلوك» لزملاء منتخبين، والتعاطي معهم بفوقية ونبش خلفياتهم. وهناك كلام تخويني في حق مرشحين من لوائح أخرى فازوا أو سقطوا لمجرد أنهم دخلوا لوائح حزبية، وعدم الاعتراف بموقعهم السياسي أو العلمي أو الوطني. وهناك اتهامات تطاول حتى مرشحين من قلب القوى «التغييرية»، بعضهم فاز وبعضهم لم يفز، بتنسيقهم مع قوى حزبية وراء الكواليس.

عدا عن النواب إبراهيم منيمنة ومارك ضو ونجاة صليبا الذين وصلوا بأصواتهم التفضيلية فإن النواب الآخرين وصلوا من خلال اللوائح التي انتموا إليها وما أفرزه القانون من توزيع للمقاعد، وهذا يعني أن هؤلاء منتمون إلى لوائح واتجاهات سياسية، فهل هذه اللوائح لا تزال «تمون» سياسياً على الفائزين وقادرة على التأثير في مجريات الحدث السياسي. لا سيما أن هناك من بدأ ينسب لنفسه أدواراً ناطقة باسم هؤلاء وتوجهاتهم. وفي هذا الأمر خطورة لأنه يثير حساسيات من خلال رسم مسارات حزبية وسياسية تثير أسئلة عن خلفياتها، خصوصاً أنها تجر معها مجموعات شبابية لا تزال تحت تأثير مجريات 17 تشرين بعفوية وبراءة الأيام الأولى. فبعض ما ينقل من نواب محددين، (وليس النائب الدكتور الياس جرادي هو المقصود هنا) متناقض في شكل مثير للأسئلة، مثلاً موضوع سلاح حزب الله ليس مسؤولية النواب «التغييريين»، بل مسؤولية القوى السياسية والحزبية التي تشاركت مع الحزب في المجالس النيابية وفي الحكومات المتتالية، ولا يجب للواصلين حديثاً أن يطرحوا هذا الموضوع. كذلك هناك شيطنة لبعض القوى السياسية الحزبية من منطلق غير مفهوم، وهناك كلام في توزيع المسؤوليات عما وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية يتناقض كلياً مع طروحات الثورة في أيامها الأولى والأخيرة. وهذا لا يبرر في أي نقاش اقتصادي أو مالي، تماماً كما النظريات السياسية الجديدة لجهة تحديد خيارات لبنان المستقبلية. وأخيراً هناك ما يشبه كلام السياسيين المتجذرين منذ سنوات في العمل السياسي، فقط من ناحية اتهام كل من ليس معهم، بأنهم يعملون لدى «أعداء الشعب».


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى