هل تفجر أسعار الدجاج ومنتجاته أزمة اجتماعية في الأردن؟
نشرت في: 01/06/2022 – 17:53
على غرار العديد من الشعوب العربية التي تواجه ارتفاعا جنونيا في أسعار المواد الغذائية الأولية بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا ومخلفات جائحة كوفيد-19، لم ينجُ الأردنيون أيضا من معضلة تدني قدرتهم الشرائية، فأطلقوا منذ ثلاثة أيام على مواقع التواصل الاجتماعي حملة وطنية للانقطاع عن شراء الدجاج ولحوم الدواجن بشكل عام. ولقيت هذه الحملة تجاوب المواطنين وأصحاب المطاعم الذين اتهموا الحكومة برفع الدعم المالي الذي كانت تحظى به هذه اللحوم.
تحت وسوم متعددة أبرزها #مقاطعة_الدجاج، و#معا_لمقاطعة_الدجاج_والبيض و#مقاطعة_الدجاج_مصلحة_وطنية، أطلق الأردنيون حملة وطنية لمقاطعة شراء الدجاج ولحوم الدواجن بشكل عام بسبب ارتفاع أسعارها، لا سيما منذ شهر رمضان الماضي.
فيما اتهم بعض المواطنين وزارة التجارة والتموين بالرفع في الدعم المالي الذي كانت تخصصه الحكومة لهذه المادة الغذائية الأساسية في المملكة الهاشمية وترك الحرية للسوق لتحديد الأسعار وفق سياسة العرض والطلب.
وانتشرت مقاطع فيديو كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي لأردنيين يقسمون بعدم شراء الدجاج لمدة شهر كامل ويحرضون مواطنين أخرين على اتباع نفس الخطوة تنديدا برفع المزارعين والشركات المنتجة للدواجن الأسعار.
وقال مواطن أردني لم يذكر اسمه في شريط فيديو: “قسما بالله العظيم، اليوم السبت 28 مايو/أيار 2022 لن أشتري دجاج النتافة ولا دجاج المزارع وسأقاطعه لغاية 28 يونيو/تموز”. وأضاف: “حتى إذا جاء عندي ضيف، فسأقدم له السمك أو لحم مفرومة. لكن الدجاج لن يجتاز باب منزلي. عليكم بالمقاطعة يا أردنيين”.
“47 سلعة من أصل 105 ارتفعت أسعارها خلال عام” حسب جمعية حماية المستهلك
وأضاف مغرد أخر اسمه حسين الفايز: “الإخوة والأخوات الأعزاء الناشطين على تويتر وعلى جميع مواقع التواصل الاجتماعي، التفاعل مع وسم مقاطعة الدجاج والبيض في الأردن سواء بالتغريده أو التعليق أو بإعادة التغريدة”، منوها أن ذلك “واجب كل واحد فينا لنجعل منه ترند لتعم الفائدة وتصبح ثقافة عامة. شاكرين تعاونكم”.
هذا، وأشارت جمعية حماية المستهلك في الأردن إلى ارتفاع مقلق لسعر الدواجن وفي مقدمته الدجاج المذبوح الذي زاد سعره بنسبة 30 بالمائة والدجاج الحي بنسبة 15 بالمائة، أما البيض فلقد ارتفع بحوالي 12 بالمائة. ويأتي هذا الارتفاع في وقت يعد الدجاج من أبرز الأطباق التي تتناولها العائلات الأردنية بسبب سعره الزهيد المفترض.
من جهته، صرح محمد عبيدات، رئيس هذه الجمعية لموقع الأخبار “خبرني” في الأردن: “غياب مراقبة وزارة الصناعة والتجارة والجهات المعنية على الأسعار في الأسواق خلال جائحة كورونا كان أحد أهم أسباب ارتفاع الأسعار”، كاشفا في الوقت نفسه أن “47 سلعة من أصل 105 ارتفعت أسعارها خلال عام”، وواصفا هذا الارتفاع “بالمحزن والمؤلم”.
ارتفاع نسبة الفقر في وسط العائلات الأردنية
ولفت محمد عبيدات إلى أن “الكميات التي تصل إلى الأسواق هي نفسها، لكن غياب الرقابة شجع بعض التجار المحتكرين على رفع الأسعار واستغلال المواطنين خلال الجائحة”، معبرا عن أسفه أن يؤدي هذا الوضع إلى “ارتفاع نسبة الفقر لدى العائلات الأردنية”.
ودائما حسب رئيس جمعية حماية المستهلك في الأردن، فرقعة المقاطعة اتسعت في الأيام القليلة الماضية بالمملكة، مقدرا نسبتها “بين 50 إلى 60 بالمائة من المواطنين الذين يرفضون شراء الدواجن”.
هذا، وتصدر وسم #مقاطعة_الدجاج_مصلحة_وطنية صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن، إذ نشر العديد من الأردنيين صورا لموائد طعامهم وهي خالية من الدجاج والبيض، في تأكيد منهم على الاستمرار في المقاطعة. مقاطعة باتت لا تخدم مصالح التجار والمستثمرين الذين يخشون من انخفاض أرباحهم.
هل الأعلاف المستوردة هي السبب في ارتفاع سعر الدجاج؟
هذا الأمر أدى بحسب رئيس جمعية مستثمري الدواجن والأعلاف عبد الشكور جمجوم إلى التفكير في رفع دعاوى قضائية ضد الذين يحثون الأردنيين على مقاطعة شراء الدواجن في الأسواق والمراكز التجارية.
وصرح على أثير إذاعة “ميلودي” الأردنية “أن أسعار الدجاج ستبقى مرتفعة مع ارتفاع اسعار الأعلاف المستوردة”، مشيرا إلى أن “سعر اللحوم البيضاء في الأردن هو الأرخص من بين الدول العربية المجاورة”. كما طالب الحكومة برفع الضرائب عن الأعلاف المستوردة التي يتم استعمالها لتربية الدواجن، ومنوها إلى أن القطاع يرفض الدعم لمدة 6 شهور.
وإلى ذلك، عزت وزارة الصناعة والتجارة الأردنية ارتفاع أسعار الدواجن إلى الارتفاع الذي طرأ على المواد العلفية وعلى تكلفة الإنتاج. فيما أضاف ينال برماوي، المتحدث باسم وزارة الصناعة والتجارة على قناة “المملكة” الأردنية إن “الوزارة تراقب بشكل يومي واقع السوق المحلي وترصد أي متغيرات تطرأ على أسعار المواد الأساسية وهذه الفترة يتم التركيز على الدجاج في ضوء ما حدث مؤخرا من ارتفاع في أسعار المنتج محليا”.
حملات مقاطعة مماثلة في السعودية والكويت وتذمر في دول شمال أفريقيا
وليست هذه المرة الأولى التي يشهد فيها الأردن حملة مقاطعة بعض المواد الاستهلاكية. ففي 2019 مثلا نظمت حملة لمقاطعة شراء المحروقات بسبب غلاءها تحت هاشتاغ #صف_سيارتك، لكنها لم تتوصل إلى نتيجة بسبب استخدام الأردنيين لسياراتهم وغياب المواصلات العامة. فهل ستنجح هذه المرة حملة مقاطعة الدجاج؟
وتأتي الحملة الأردنية بعد النداءات لمقاطعة شراء لحوم الدجاج في كل من السعودية والكويت. ولعبت مواقع التواصل الاجتماعي أيضا دورا محوريا في دعوة مستهلكي هذين البلدين إلى ترك رفوف المحلات التجارية مملوءة بالدواجن تنديدا بارتفاع الأسعار.
دول عربية أخرى، كالجزائر والمغرب وتونس ولبنان ليست عن منأى من ارتفاع أسعار المواد الغذائية… ارتفاع بدأ قبل أيام قليلة فقط من شهر رمضان ويستمر مع بداية الصيف. وعلى الرغم من التنديدات والوقفات الاحتجاجية والانتقادات التي تطال التجار والمزارعين، إلا أن الحكومات باتت غير قادرة على كبح جماح الأسعار التي أصبحت “وكأن لها أجنحة”. فهل سيفجر الدجاج أزمة اجتماعية في الأردن؟ وهل ستشهد دول عربية أخرى مظاهرات الرغيف من جديد كما وقع في السابق؟
فرانس24
مصدر الخبر
للمزيد Facebook