النتائج الأولية للانتخابات التشريعية تظهر خسارة حلفاء حزب الله عددا من المقاعد
نشرت في: 16/05/2022 – 19:00آخر تحديث: 16/05/2022 – 19:04
أفرزت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في لبنان خسارة حلفاء حزب الله القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد الغارقة في الأزمة، عددا من المقاعد في أول استحقاق يعقب سلسلة من الأزمات المستمرة منذ عامين، حسبما أعلنت وزارة الداخلية فيما لا يزال فرز الأصوات جاريا في غالبية الدوائر. ولم يتمكن التيار الوطني الحر بزعامة الرئيس ميشال عون من الاحتفاظ بأكثرية نيابية مسيحية، بعد خسارته عددا من المقاعد لصالح خصمه حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع.
وجهت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية في لبنان صفعة لحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، مع خسارة حلفائه عددا من المقاعد في أول استحقاق يعقب سلسلة من الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ عامين.
في السياق، أعلنت وزارة الداخلية عصر الإثنين النتائج النهائية لـ49 مقعدا موزعين على سبع دوائر انتخابية، على أن تصدر النتائج المتبقية “تباعا”. وتعكس النتائج الأولية فوز مرشحين معارضين ومستقلين بعدد من مقاعد البرلمان المقبل الذي تنتظره تحديات عدة. وسيضمّ على الأرجح كتلا متنافسة، لا تحظى أي منها منفردة بأكثرية مطلقة، بعدما كان حزب الله وحلفاؤه يحظون بأكثرية في المجلس المنتهية ولايته.
التيار الحر يخسر مقاعد لصالح القوات
وأظهرت نتائج الماكينات الانتخابية التابعة للوائح المتنافسة احتفاظ حزب الله وحليفته الشيعية حركة أمل، بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، بكامل المقاعد المخصصة للطائفة الشيعية (27 مقعدا).
ولم يتمكن حليفه المسيحي التيار الوطني الحر بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون من الاحتفاظ بأكثرية نيابية مسيحية، بعد خسارته عددا من المقاعد لصالح خصمه حزب القوات اللبنانية. كما فشل نواب سابقون مقربون من حزب الله وداعمته دمشق في الاحتفاظ بمقاعدهم على غرار نائب الحزب القومي السوري الاجتماعي أسعد حردان عن المقعد الأرثوذكسي في إحدى دوائر الجنوب والذي يشغله منذ 1992، والنائب الدرزي طلال أرسلان في دائرة عاليه في محافظة جبل لبنان، وفق نتائج أولية.
في المقابل، ضمن حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، خصم حزب الله اللدود والذي تربطه علاقات جيدة بالمملكة العربية السعودية، فوزه بأكثر من عشرين مقعدا، وفق نتائج أولية لماكينته الانتخابية. وكانت القوات فازت وحدها بـ15 مقعدا في انتخابات 2018، مقابل 21 للتيار الوطني الحر مع حلفائه.
وقال مسؤول الإعلام الخارجي في الحزب مارك سعد “تظهر النتائج أن اللبنانيين اختاروا كسر الحلقة التي أرساها حزب الله والتيار الوطني الحر، وتغيير الطريقة التي تدار بها الأمور”. مضيفا: “يمكننا القول إن اللبنانيين عاقبوا الأحزاب الحاكمة وانحازوا لنا للتعبير عن رغبتهم في بداية جديدة في الحكم”.
ومن شأن توسع كتلة القوات أن يخلط الأوراق عشية استحقاقات عدة، أولها انتخاب رئيس للبرلمان الجديد ثم تكليف رئيس للحكومة وصولا إلى الانتخابات الرئاسية بعد أشهر، بالنظر إلى خصومتها الشديدة مع حزب الله وحلفائه.
ولا يزال فرز الأصوات مستمرا الإثنين في غالبية الدوائر.
“تغيير جذري ودولة جديدة”
ضمن هذا الشأن، كتب الباحث والأستاذ الجامعي زياد ماجد “مهام المجلس النيابي الجديد فيها انتخاب رئيس جمهورية، وفيها موافقة على خطط إنقاذ اقتصادي واتفاقات مع مؤسسات دولية (..) وهذه كلّها ستجري وسط انقسامات عميقة، ومستوى تمثيلي منخفض”.
وهذه الانتخابات هي الأولى بعد انهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850 وبعد احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة، وانفجار مروّع في 4 أغسطس/آب 2020 في مرفأ بيروت أودى بأكثر من مئتي شخص ودمر أحياء من العاصمة.
وتحدثت ماكينات أحزاب ومجموعات معارضة عن خروق في عدد من الدوائر، أبرزها في دائرة الجنوب الثالثة التي عادة ما تكون كلها من نصيب لائحة مشتركة بين حزب الله وحلفائه وتمكن فيها المرشح المستقل إلياس جرادة، وهو طبيب عيون معروف في منطقته، من الفوز.
وتمكن ثلاثة مرشحين على الأقل من لائحة المعارضة في دائرة جبل لبنان الرابعة، وثلاثة مرشحين في دائرتي بيروت الأولى والثانية من الفوز بمقاعد نيابية وفق نتائج غير رسمية. وأظهرت النتائج الرسمية فوز سبعة مرشحين مستقلين في أربع دوائر. ويمكن للفائزين المعارضين والمستقلين أن يشكلوا كتلة برلمانية موحدة، تكرّس نهجا مختلفا في العمل البرلماني، في بلد يقوم نظامه السياسي على محاصصة طائفية وتغليب منطق الصفقات.
وقال الناشط السياسي المعارض جيلبير ضومط على صفحته على فيس بوك “نتيجة هذه الانتخابات بداية لترجمة ثورة 17 تشرين الأول (أكتوبر).. فلنترجم نشوة الفرح لوضع الأسس الجديدة لبناء الدولة وتحقيق تغيير جذري بأدائها وتظهير نموذج حديث لمعنى المسؤولية السياسية”.
“إحباط من الطبقة السياسية”
وجرت الانتخابات وسط انهيار اقتصادي بات معه أكثر من 80 بالمئة من السكان تحت خط الفقر وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين بالمئة. كما أتت بعد نحو عامين على انفجار الرابع من أغسطس/آب 2020 الذي دمر جزءا كبيرا من بيروت وأودى بأكثر من مئتي شخص وتسبب بإصابة أكثر من 6500 آخرين.
واتهم ثلاثة مرشحين معارضين، رجحت نتائج أولية فوزهم، أحزابا نافذة بالتدخل في عملية احتساب الأصوات خصوصا المغتربين، لضمان نجاح محازبيهم، في وقت يعلق مرشحو المعارضة آمالهم على أصوات المغتربين. لكن وزير الداخلية بسام المولوي نفى خلال إعلان النتائج الرسمية حصول أي تجاوزات خلال الانتخابات أو “تلاعب” أثناء احتساب الأصوات. وقال “نسبة الشوائب التي اعترت الانتخابات قليلة جدا”.
وتعد نسبة الاقتراع التي بلغت 41 بالمئة ثالث أدنى نسبة مسجلة في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990). وقال الباحث والأستاذ الجامعي كريم بيطار “أعتقد أن الامتناع عن التصويت مرتبط جزئيا بالإحباط من الطبقة السياسية والشعور بأنه لن يحصل أي تغيير كبير في الوضع الاقتصادي”.
ويرتبط كذلك بامتناع مناصري رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري عن الإقبال على صناديق الاقتراع، حسب بيطار، بعدما أعلن قبل أشهر عزوفه وتياره السياسي الأكثر تمثيلا على الساحة السنية، عن خوض الاستحقاق.
وبدا منذ البداية أنه سيكون صعبا أن تترجم النقمة الشعبية في صناديق الاقتراع بسبب تضافر عوامل عدة أبرزها قانون انتخابي معقد مفصل على قياس الأحزاب التقليدية وتشتت المعارضة وعدم اتحادها في لوائح مشتركة، عدا عن عمل الأحزاب التقليدية بكل ما أوتيت من وسائل على استنفار قواعدها الشعبية.
فرانس24/ أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook