ندوة عن المسيحيين والمسلمين في بناء الوطن في نقابة محامي طرابلس
بعد النشيد الوطني ونشيد نقابة المحامين في طرابلس، كانت كلمتان ترحيبيتان لعريف الاحتفال الإعلامي رائد الخطيب وعضو الجمعية رنا ضاهر، وتحدثت رئيسة الجمعية ياسمين غمراوي زيادة، عن أن “الحوار بين المسيحيين والمسلمين ليس خيارا بل ضرورة”، داعية إلى “تدعيم الجسور بين المسلمين والمسيحيين”. وشددت على أن “هدف الحوار إخراج الإنسان من كهوف العصبية، وعلى أن الوحدة لا تكون إلا في التنوع، فيما التعصب ينم عن جهل في الدين”.
القوال
ثم ألقت نقيبة المحامين ماري تريز القوال كلمة قالت فيها: “عنوان هذا اللقاء بحد ذاته محاضرة، لذلك سيكون كلامي الآن بينكم تنويعا على العنوان، كمثل تقاسيم عود على مقام واحد، ولا تعجبوا من استهلالي الكلام بالاستشهاد الموسيقي، فإنه، كما تتجمع النوتات منتقلة من قرار فما دونه إلى جواب فما فوقه، لبناء اللحن والأغنية، هكذا ينبغي على المواطنين أفرادا وجماعات أن يتضافروا لبناء الوطن. نحن المسيحيين والمسلمين على وجه البسيطة كلنا أبناء الله أولا، خلقنا سواسية نسلا لأب واحد وأم واحدة: آدم وحواء، وعشنا معا في هذا الشرق زهاء ألف و500 عام، وبنينا حضارتنا معا، وصمدنا بوجه العاتيات معا، وسنبقى معا في سكون التذكارات وفي ضجيج الأحداث اليومية إلى أن يرث الله الأرض وما عليها. أقول هذا عارفة بما شاب هذه الحياة المشتركة على مر التاريخ من صراعات وتشنجات ودماء واضطهادات، ومؤمنة بأن علينا دائما أن نتخذ من الماضي، بحلوه ومره، عبرا نستفيد منها لبناء الغد الجميل”.
أضافت: “أن نكون معا ليس كلاما يلقى ثم ينسى، بل هو نهج تربية وحياة إيمان. لماذا المعية؟ لأنك لا تكتمل إلا بالآخر، يقول المطران جورج خضر، وبهذا المعنى إذا أدرك المسيحي والمسلم اللبنانيان أن أحدهما لا يكتمل وطنيا إلا بالآخر، فعند ذلك يسود السلام ويتجذر التعاون ويرتفع البنيان ويصان الوطن، وهذا ليس غريبا عن تراثنا الديني، بل هو في الدينين الأصل والمغزى والهدف، إذ يقول الله تعالى في كتابه الكريم: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا. وإن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير، فالله جعل التنوع من أجل التعارف لا الخصام، وكذلك يقول القديس بولس: تنافسوا في المواهب الفضلى وأنا أريكم طريقا أشد كمالا، لو كنت أنطق بألسنة الناس والملائكة ولم تكن في المحبة، فإنما أنا نحاس يطن أو صنج يرن. فالتنافس هو في المواهب البناءة، وسقفه الأعلى المحبة، ويضيق بي مجال اليوم عن استعراض هذه المبادىء في تراثنا الديني الخصب، مسيحية وإسلاما، حيث تكثر الآيات والأحاديث والروايات المتناقلة، عن هذه المعية التي عشناها لقرون طويلة، يكفي أن أقول إن أي تصادم عنفي باللفظ أو بالفعل أو بالفكر، وأي موقف متعصب من هنا أو من هناك، ليس سوى تنكر لتاريخنا الجميل وهدم لأساسات مستقبلنا المرجو”.
وتابعت: “يقود الحديث إلى الصفة التي للمعية أن تكتسيها، إذ ينبغي لها أن تكون من أجل البناء، فإنما قد يتعاون الناس على خير وشر، وأما عمارة الكون فهي عمل الخير فقط، علاقة ذات وجهين متكافلين متضامنين: لا بناء إلا بالمعية، ولا معية إلا من أجل البناء الذي لا يكون بجهد منفرد، بل بزنود تتشابك، وقلوب تتآلف وعقول تتحاور في ما يفيد الناس ويؤمن لهم مصالحهم اليومية وأمان مجتمعهم ووطنهم، وأذكر أننا في لبنان بخاصة، وفي المشرق العربي بعامة محتاجون أشد الحاجة إلى أن يتعمق حوار الحياة بين المسلمين والمسيحين، فإن هذا النوع من الحوار هو أفضل نتيجة من الحوارات الفكرية التي لا بد منها بكل حال؛ ولكن العيش معا في سبيل التعاون والمحبة هو الذي يؤمن لنا إمكانية تحقيق الغايات الدينية والاجتماعية والانسانية العليا”.
وقالت: “لعل المحاماة من المهن التي يتحقق فيها حوار الحياة بصورة مشرقة، فنحن المحامين نعيش معا من كل المناطق والمذاهب والانتماءات، نتبادل الفكر القانوني ونتخاصم بالكلمة الساعية إلى الحقيقة والعدالة، ندرس القوانين الخاصة بطوائفنا المتنوعة، ونمثل كلنا أمام المحاكم الشرعية والروحية والمدنية دون تمييز أو تفرقة، على أساس المذهب أو الدين، ونتوكل كلنا عن موكلين من جميع الفئات؛ هكذا بحوار الحياة اليومي نمارس عيش المعية البناءة التي هي مضمون لبنان الرسالة، ولعلّ نقابة المحامين في طرابلس، وسائر نقابات المهن الحرة في هذه المدينة قدمت أيضا صورة مشرقة عن حوار الحياة عبر التقاليد التي أرسيت فيها منذ مائة عام، والتزمت بها الحياة النقابية في أشد الحقبات قساوة وتشرذما، فلم تشهد تلك التقاليد ولا لمرة تعديا أو تجاوزا إلا هنيهة سرعان ما تنتهي، فهكذا نتعلم في المهنة وفي النقابة أن القانون لا يفرق بين دين وآخر، أو مواطن وآخر، وأن المعية تفرض أن يكون لكل دوره في عمل البناء وموقعه في خدمة الوطن”.
وختمت: “لبنان بحاجة إلينا جميعا، والأزمات المتلاحقة التي حلت به لم تميز بين فقير مسلم وآخر مسيحي. فإذا كانت الويلات جماعة للناس، أفليس أولى أن يكون البناء كذلك؟”
طالب
ثم بدأت المداخلات بواحدة للمفتي طالب اعتبر فيها أن “أي وطن لا يمتلك مقومات الانتماء يضع أبناءه في حال ضياع، إذ يجب أن نوحد الوطن بأمنه واقتصاده من خلال مؤسساته”. وشدد على ضرورة أن “يوحد الإنسان هذا الوطن لأن كل إنسان معني ولا يجب أن يتخاذل عن مسؤولياته، فالمشكلة ليست في الأديان، والحرية يجب أن تقف عند حدود المواطنة”.
حبيقة
وتحدث الأب حبيقة الذي ركز على “أهمية الكلمة ودورها في التلاقي بين المسلمين والمسيحيين، فالمسلم كما المسيحي في لبنان يولدان في حضن التنوع”. وتناول “الفرادة التي يتمتع بها لبنان بين دول المشرق والدول العربية”، مشددا على أن “الانتماء هو قاعدة الإنسان”.
الشعار
أما المفتي الشعار فتحدث عن ان “القيم السماوية مشتركة بين الجميع، وعن مشاركة المسلمين والمسيحيين في بناء الوطن وعن أن كلاهما يعترف بالآخر”. وشدد على أن التعاون بين المسلمين والمسيحيين أمر لا مناص منه، والاعتراف بالآخر يجب أن يكون حقيقيا وعمليا لا نظريا ومجرد مجاملة، فالاعتراف بالآخر هو ثمرة وعي ديني بتعاليم الإسلام والمسيحية على السواء”.
ختاما كان نقاش وأسئلة بين المشاركين والحضور.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook