علاقة باسيل و”حزب الله”… خلافات وتحالف على المصالح!
وتبقى علاقة “حزب الله” و”التيّار” تسودها الكثير من الشبهات والتساؤلات. فمواضيع الخلاف بينهما على حالها. وأبرزها، التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، وقضيّة المحقّق العدلي القاضي طارق البيطار. ورغم نجاح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في احتواء هذا الخلاف داخل أروقة مجلس الوزراء، والتركيز على المفاوضات مع صندوق النقد الدوليّ، بالاضافة إلى الامور المعيشيّة والتأكيد على إجراء الانتخابات في موعدها، إلا أنّ هذه النقطة لا تزال عالقة بين باسيل و”الثنائيّ الشيعيّ”. وما يُؤخّرها حاليّاً، هو طلبات الردّ التي تُقدّم باستمرار لكفّ يدّ البيطار. ويقول مراقبون إنّ الموضوع يُمكن أنّ يُفجّر الامور في أي لحظة بين “التيّار” و”الحزب”. ولكن مع اقتراب الانتخابات، وحاجة الاثنين لبعضهما في التحالفات، وُضع الملف جانباً في الوقت الراهن، على أنّ يتم توظيفه سياسيّاً في أي لحظة لاحقاً.
كذلك، مرّر وزراء “التيّار” بعض التعيينات الاداريّة، وفاجأوا بها وزراء “الثنائي الشيعيّ”، في خطوة كانت ستُعيد إجتماعات الحكومة إلى الوراء أيضاً، لولا الموازنة، والملفات الحياتيّة التي تتقدّم حالياً على غيرها، مع اقتراب الانتخابات.
توازياً، لم يُعلن بعد أي تعديل أو تطوير على تفاهم “مار مخايل” بين “التيار الوطنيّ الحرّ و”حزب الله”، على الرغم من أنّ كليهما اتّفق على الامر. وبقيت الكثير من المسائل التي أدّت إلى طرح موضوع تجديد الاتّفاق بينهما عالقة، وأهمّها ملفات الفساد والتدقيق الجنائيّ وترسيم الحدود والاستراتيجيّة الدفاعيّة. فيقول “التيّار” إنّ “حزب الله” لم يجاريه في الاصلاح، وغطّى “الفاسدين” وملفاتهم. ويرى مراقبون أنّ هذه المواضيع الخلافيّة تُشكّل ضربة لمشاريع “العهد” الاصلاحيّة، من أقرب حليفٍ له، والذي عمل جاهداً على إيصال عون لبعبدا. فـ”حزب الله” استمرّ بالتدخّل في القضايا العربيّة، وانتقاد العلاقة مع الولايات المتّحدة الاميركيّة، ومطالبته بالتّوجّه شرقاً. في المقابل، يُعوّل الرئيس عون والحكومة على نجاح المحادثات مع واشنطن، لتمرير إتّفاق الكهرباء مع مصر والاردن، وصولا إلى إنجاح المفاوضات مع صندوق النقد (الدول العربية والخليجيّة أبرز المساهمين فيه)، التي يتحفّظ أو يعارض “حزب الله” الكثير من نقاطها.
إذاً، الكثير من المواضيع لا تزال عالقة بين المكوّن الشيعيّ الابرز في البلاد، وحليفه المسيحيّ. ويبقى تمسّكهما بتحالفهما هدفه المصالح. فالاوّل لديه التأييد الشيعيّ في بيئته لسلاحه ولمشروع المقاومة تجاه العدّو الاسرائيلي. كذلك، لديه غطاء سنّي ودرزيّ لا بأس به. وهو بحاجة للغطاء المسيحيّ الكبير الذي يُؤمّنه “الوطنيّ الحرّ” له من جهة. أمّا من جهة ثانيّة، ومع انسداد الافق أمام باسيل في تشكيل التحالفات واللوائح، وتراجع شعبيّة “التيّار” بعد “ثورة 17 تشرين”، وتحميل فريق العهد المسؤوليّة المباشرة لما آلت إليه الاوضاع الاقتصاديّة في البلاد، وجد باسيل نفسه من دون تحالفات إنتخابيّة قوّية، ولم يبقَ له سوى “حزب الله”.
في الاطار عينه، يُدرك الفرقاء المتخالفون في 8 آذار أنّه وبالرغم من كلّ التجاذبات الجوهريّة السائدة بينهم، فإنّ أبرز ما يجمعهم هو الانتخابات النيابيّة والفوز بأكثريتها، وإيصال رئيس للجمهوريّة من رحم تحالفهم. ولتحقيق هذه الاهداف، أدرك “حزب الله” أنّ وحدة الحلفاء هي الاساس أوّلاً. فجمع باسيل برئيس مجلس النواب نبيه بري في لوائح. ورغم أنّ السيّد نصرالله، صوّب باتّجاه وزير “العهد” منذ أيامٍ، حافظ فريق الاخير على هدوئه، ولم يرّد. فيُدرك باسيل بحسب مراقبين أنّ عليه المهادنة مع اقتراب الاستحقاق الانتخابيّ، لان التصعيد بوجه “حزب الله” وفكّ الارتباط به سيُفقده نهائيّاً حلمه بالوصول لبعبدا. ولا يستبعد المراقبون من أنّ التحالف مع برّي سيُؤدّي مستقبلاً إلى إعطاء أصوات تكتّل “لبنان القوي” لرئيس “حركة أمل” في مجلس النواب، مقابل إمكانيّة إعطاء كتلة “التنميّة والتحرير” أصواتها لباسيل لرئاسة الجمهوريّة.
ولكن، يبقى موضوع إجراء الانتخابات النيابيّة غير محسوم حتّى الان، وكلّ الامور مفتوحة مع الحديث عن انخفاض نسب التصويت في الدوائر لعوامل معيشيّة، أهمّها كلفة التنقل لمراكز الاقتراع وخصوصاً بعد سقوط بند “الميغاسنتر” في جلسة الامس في مجلس الوزراء، واعتماده في انتخابات الـ2026، وهو بحسب مراقبين، يُمكن أنّ يُفخّخ الاستحقاق النيابيّ، مع تصعيد مواقف باسيل تجاهه، وقوله إنّه “لن يقبل بإجراء الانتخابات من دون اعتماده”. ناهيكم عن آثار الحرب الاوكرانيّة، وما ستعود به من نتائج سلبيّة على الدورة الاقتصاديّة في لبنان. بالاضافة إلى أنّ عدد المرشحين لا يزال غير محمسّاً لخوض الانتخابات.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook