هذا هو موقف “حزب الله” من ترسيم الحدود… لا للتفاوض مع الأميركيين
دخل لبنان جدّيًا في مرحلة بالغة الدّقة في سباقه مع الوقت بالنسبة إلى ملف ترسيم الحدود البحرية بينه وبين إسرائيل، ولو بطريقة غير مباشرة، وذلك بعدما تبّلغ الرؤساء الثلاثة عرضًا مكتوبًا من الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين قامت بتسليمه السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا. ومكتوب هوكشتاين جاء ترجمة لعرضه الشفهي الذي حمله معه في زيارته الأخيرة بناءً على طلب لبنان.
وقبل أن يجيب لبنان رسميًا على هذا العرض المكتوب ثمة خطوات يجب التوافق عليها داخليًا حتى لا يكون أي خلاف على الأساسيات سببًا من أسباب دفع الأمور إلى المزيد من التأزيم بين اللبنانيين أولًا، وبين لبنان الرسمي والأميركيين كمفاوضين ثانيًا، خصوصًا بعد موقف الأمين العام السيد حسن نصرالله في آخر إطلالة له عندما قال أن أي نائب من الحزب عندما يدلي بأي تصريح يكون معبّرًا عن سياسة القيادة الحزبية وليس مجرد تعبير عن رأي هذا النائب، وذلك في إشارة واضحة إلى أن تصريح رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد حول ملف الترسيم جاء تعبيرًا عن موقف رسمي لـ”حزب الله”، وهذا الموقف قطع الشك باليقين، خصوصًا أن “حارة حريك” إنتقلت من مرحلة رفض التفاوض مع اسرائيل حتى ولو كان الأمر بطريقة غير مباشرة إلى مرحلة رفض التفاوض مع الأميركيين، وهذا ما عبّرت عنه عندما رفضت أن ينضم وزير الأشغال العامة علي حميّة إلى اللجنة التي ستؤلف لدراسة عرض هوكشتاين.
وهذا الموقف الواضح والصريح يُنتظر أن يعلنه نصرالله بعد غد الثلثاء. وفي ضوئه يمكن تحديد معالم المرحلة المقبلة وإطار عمل اللجنة بعدما رفض الرئيس نبيه بري إنضمام ممثل عنه إليها.
فموقف “حزب الله” المستجدّ، وهو الذي كان يعلن أنه يقف خلف الدولة في هذا الملف، فرضته بعض المتغيرات التي لا تزال أسبابها غير واضحة، وإن كانت بعض المصادر السياسية المراقبة تعيده إلى جملة إعتبارات، وهي:
– أولًا، يبدو أن “حزب الله” لا يرغب في الدخول في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ما أعلنه السيد حسن نصرالله بنفسه في أكثر من مناسبة، وكذلك السيد هاشم صفي الدين، على رغم سعي الولايات المتحدة الأميركية إلى حوار مع الحزب، حسب ما ينقل عن بعض المصادر القريبة من “حارة حريك”.
-ثانيًا، لا يرغب “حزب الله” في تحّمل مسؤولية أي قرار يضعه على تماس مباشر مع العدو الإسرائيلي.
-ثالثًا، يرغب “حزب الله” في الإبقاء على دوره كمقاومة من خارج منظومة الدولة اللبنانية.
– رابعًا، يعتبر الحزب أن توقيع الدولة اللبنانية غير ملزم بالنسبة إليه، ولكنه لا يعترض في الوقت نفسه على هدا التوقيع.
– خامسًا، يدرك الحزب أن المنطقة مقبلة على تسويات على وقع الإتفاق النووي، وأن لبنان سيواصل نزيفه بما لا طاقة لأحد على تحمّله، ما لم يرسم حدوده مع إسرائيل.
– سادسًا، يدرك الحزب أن الترسيم البحري لا يرتبط بالترسيم البري ولا بعودة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، الأمر الذي يُبقي أسباب إستمرار الصراع العسكري مع إسرائيل قائمة، ولو بحدود لا تؤثر على أعمال التنقيب أو الإستخراج في مرحلة لاحقة.
– سابعًا، يشعر الحزب بثقل العقوبات الأميركية على حلفائه، وهو يرغب في تخفيف تلك الضغوط، ما حدا به متابعة الزيارات التي قام بها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل لبرلين أولًا، والدوحة ثانيًا، بعين الرضى والقبول، على رغم نفي مصادر “ميرنا الشالوحي” حصول هاتين الزيارتين.
– ثامنًا، يدرك الحزب أن ملف الترسيم البحري مرتبط بشكل وثيق بضخ الغاز المصري والتزّود بالكهرباء من الأردن، والأهم أنه مرتبط بالمساعدات المالية للبنان، سواء جاءت من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو سواهما.
وعليه، يُنتظر أن تحدّد الأيام المقبلة معالم الخطوات التي يجب أن تتخذ من دون تأخير لا في مفاوضات الترسيم ولا في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook