العدلية مشلولة الحركة وتلحق” الخطى الضائعة” واجتماع الوزير مع السلك “بدل ما يكحّلها عَماها”
“ما يجري في عدلية بيروت المركزية يشبه تماماً قاعة الخطى الضائعة التي تقع في الطابق الأرضي من قصر العدل في بيروت، وهي قاعة يؤمل أن تكون إسماً على غير مسمّى”.هكذا يلخّص مصدر قضائي ما يدور في أروقة قصور العدل بعد إعلان القضاة إعتكافاً تحذيرياً شاملاً مدة أسبوع ينتهي في ٢٢ شباط الجاري، أعقبه إعتكاف المساعدين القضائيين الذي جاء بمثابة قوة إسناد للقضاة على قاعدة ” تَنينا بالهوى سوا”، نتيجة تدهور أحوال الجسم القضائي وقصور العدل إدارياً ولوجستياً ومادياً ومعنوياً، بحيث بات هدف القضاة الوحيد ومساعديهم، ومعهم المحامين، ينحصر برفع التعدي عن حقوقهم المادية والمعنوية، والمضي في طريق تحقيق إستقلالية السلطة القضائية، التي تحولت الى لازمة رتيبة ترافق كل العهود منذ إنبلاج فجر القضاء في لبنان.
المصدر القضائي عينه يسجّل عتباً لا بل لوماً مشوباً بالغصة على مَن يطلب من الناس الإلتزام بحرمة القضاء في الوقت الذي يُعامل فيه القاضي كما لو أنه موظف إداري لا سلطة دستورية موازية، موظف يخضع للترغيب والترهيب والتهديد بالإقصاء عن المراكز الرفيعة أو حتى بالنفي الى دوائر قضائية “بآخر ما عمّر ربنا”، اذا لم يمكن مطواعاً لرغبات وطلبات السلطة السياسية.
وعلى وقع إعتكاف القضاة، يستمر مساعدوهم أيضاً بالتوقف عن العمل، وعددهم نحو ١٣٠٠ مساعد قضائي في كافة قصور العدل، ما يعني شللاً تاماً في كل الأقلام والأقواس، من دون إستثناء جلسات الموقوفين هذه المرة كما جرت العادة في إضرابات وإعتكافات سابقة، “وخللوا الموقوفين بأماكن إحتجازن من دون سَوْق”، على ما يجيب رؤساء أقلام على سؤال عناصر قوى الأمن المكلفة سوق الموقوفين الى المحاكم وفق جدول الجلسات.
الإجتماع المشترك الذي إتخذ صفة “طارىء”، والذي حضره وزير العدل القاضي هنري الخوري في قاعة محكمة التمييز، في حضور رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود وأعضاء المجلس ورئيس صندوق تعاضد القضاة القاضي علي إبراهيم والرؤساء الأول الإستئنافيين من كل المحافظات والهيئات الإستشارية أدى الى ” تشظي” قصور العدل، و”بدل ما يكحلها …عماها”، وفق قول المثل الشعبي، ما دفع بنادي قضاة لبنان، الذي لا يمثل كل القضاة، لكنه يتمتع بثقل الموقف ووزن الكلمة، الى إعلان الإلتزام بالإعتكاف التحذيري الشامل على أساس أن للقاعدة القضائية القرار في الأمور المفصلية، وأولها وربما أهمها تأمين أدنى مقومات العمل للقضاة والموظفين من ماء وكهرباء وقرطاسية وترميم العدليات وتحويلها كما هي عليه راهناً من هياكل مظلمة ومنكوبة وأمكنة سائغة لإنتهاك حرمة العدالة الى قصور يليق بها الوصف والتوصيف.
بالمحصلة، هي معركة كسر عضم بين قضاة ذوي نوايا حسنة حطموا حاجز الخوف ووسّعوا مروحة موجبات التحفظ وحولوا مطالبهم مع مساعديهم، الى قضية رأي عام، فهل تنجح الجهود هذه المرة أم تخيب الخطى على جري العادة؟
مصدر الخبر
للمزيد Facebook