حلب تفقد أيقونتها الأثيرة برحيل صباح فخري.. “الأسطورة الحيّة” انتقلت لطور الخلود
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — خبرٌ حزين لعشاق الطرب العربي الأصيل، أعلنته وزارة الإعلام ونقابة الفنّانين في سوريا، برحيل “الأسطورة الحيّة” صباح فخري، صباح الثلاثاء 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، عن عمرٍ يناهز الـ 88 عامًا.
المطرب السوري الذي تفرّد بطريقته الخاصّة في غناء الموشحات، والقدود، والقصائد، والموروث الشعبي، الحلبي على وجه الخصوص؛ رحل عن عالمنا اليوم، تاركًا في ذاكرة العالم العربي الصورة الخالدة لذراعيه المفرودين وسع المدى، وهو يدور على خشبات المسارح، بينما يخترق صوته موجات الأثير إلى قلوب مستمعيه وأرواحهم، إلى أن خانه الصوت، والجسد، وأعياه مشوار الحياة ليردد ما تجود به ذاكرته المتعبة، جالسًا على كرسي في حفلاته الأخيرة.
حطم الرقم القياسي بغنائه طيلة 10 ساعاتٍ متواصلة في كاراكاس- فنزويلا 1968، وأهدت له مدن العالم مفاتيحها من لاس فيغاس، إلى فاس، مرورًا بديترويت وميامي، وتردد صدى صوته في أهم قاعات ومسارح العالم، كقاعة نوبل بالسويد، وبيتهوفن في ألمانيا، وقصر المؤتمرات في باريس، وفي العديد من مسارح المملكة المتحدة، وقرطاج، وجرش، وبيت الدين، وأوبرا دمشق، ومسرح قلعة حلب.
تقلّد العديد من الأوسمة منها: وسام تونس الثقافي، وسام التكريم من سلطنة عمان، وسام الاستحقاق السوري بالإضافة إلى العديد من التكريمات العربية والعالمية، التي حازها خلال مسيرته التي مضت كومضة سحر.
لن يتذكر الكثير من عشّاق الراحل اسمه الحقيقي صباح الدين أبو قوس، بل سيبقى في الذاكرة صباح فخري، الذي أخذ لقبه ممن عشق صوته، وتبنى موهبته في عمرٍ مبكر؛ فخري البارودي أحد أبرز زعماء الاستقلال في سوريا، ورجالاتها الوطنيين.
في كتابها “صباح فخري سيرة وتراث” الذي تم توقيعه بحضوره في بيروت عام 2019؛ نقلت عنه الكاتبة السورية أنّ “أهله اكتشفوا صوته لأول مرة عندما كان رضيعًا”، ويروى أنه “لدى ولادته وفي عمر الشهر الواحد كان أحد أقربائه يتعمد إيقاظه لأنه يحب سماع صوته، حتى وهو يبكي، فقد كانت لديه نغمة خاصة في البكاء…”
وبحسب الكاتبة السورية “تمكن الطفل صباح الدين في سن مبكرة من ختم القرآن، وتلاوة سوره في جوامع حلب، وحلقات الطريقة الصوفية النقشبندية، مفتتحًا أول تمارينه مع الشيخ بكري الكردي أحد أبرز مشايخ الموسيقى… واشتد عوده، وازداد تعلقه بالإنشاد والتجويد من خلال مجالسته كبار منشدي الطرب الأصيل، واجتاز امتحانات غنائية صعبة على أيدي السمّيعة في حلب، الذين يتمتعون بآذان لا تخطئ النغم..”
وتقول الكاتبة شذا نصار إنّ الفنان سامي الشوا (عازف الكمان الشهير)، تعهده بالرعاية وغيّر اسمه إلى محمد صباح، واصطحبه معه في جولات غنائية بالمحافظات، ولم يكد محمد صباح يبلغ الـ12 من عمره حتى وجد نفسه يغني في حضرة رئيس الجمهورية السورية آنذاك شكري القوتلي، خلال زيارته لحلب عام 1946، ما اعُتبر محطة مصيرية قفزت بفتى الموشحات إلى خارج حدود مدينته الأم…”
وتضيف: “بمساعدة موسيقية من الفنان عمر البطش، وضع صباح فخري أولى تجاربه في التلحين عن عمر لم يناهز 14 عامًا..”، وتحدثت عن مرحلةٍ صعبة عاشها خلال انتقاله لمرحلة الشباب وتغير طبيعة صوته بفعل الهرمونات، فانكفأ على نفسه، و”اعتزل الغناء مكرهًا، فراح يبحث عن لقمة عيشه في الترحال بين قرى ريف حلب”.
وتتابع نصار؛ مع اكتمال رجولة صباح فخري عاد إلى أضواء الشهرة من “بوابة إذاعة حلب، وسهرات إذاعة دمشق، وما كان يعرف بـ (خيمة حماد) التي غنى فيها مع المطربة اللبنانية صباح، وهناك قدّم الموال بالقدود الحلبية، وغنى (مالك يا حلوة مالك) و (يا مال الشام).
جدد الراحل صباح فخري في التراث الغنائي السوري، أو تراث بلاد الشام، وقدّم الجديد من القصائد والأغاني في ذلك الوقت من خلال مسلسل “الوادي الكبير” مع الراحلة وردة، وسجل عشرات الألحان بصوته تنوعت بين الأغنية، والقصيدة، والدور، والموال في “نغم الأمس” مع الراحل رفيق سبيعي، وحافظ من خلالها على تراث مدينة حلب الغنائي الفريد.
وكان المطرب الراحل صباح فخري نقيبًا للفنّانين السوريين لأكثر من دورة، كما ترأس مهرجان الأغنية السورية، ومثّل مدينة حلب كنائب في مجلس الشعب السوري.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook