النهار: استدعاء جعجع الى اليرزة: وصاية الترهيب
وطنية – كتبت صحيفة “النهار” تقول: مع مضي مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، ومن يقف وراءه بطبيعة الحال من مراجع وقوى معروفة، في اجراء استدعاء رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى فرع التحقيق في مخابرات الجيش في اليرزة صباح الأربعاء، يكون قد سقط آخر رهان عقدته قلة قليلة من المعنيين على الرئيس ميشال عون بأنه لن يشارك ولن يسمح باستدراج السنة الأخيرة من عهده الى أسوأ تجارب الوصاية السورية عام 1994 إبان عهد الرئيس الياس الهراوي. اذ كان الظنّ، ولو واهياً، ان رئيس الجمهورية يجب ان يكون مدركاً اكثر من الجميع الخطورة القصوى لانكشاف سلطة أمنية وأخرى قضائية تتصرف باستقرار البلاد على نحو أحادي كما حصل في استدعاء جعجع ولو بصفة “مستمع اليه” من جانب المنطقة والجهة التي تعرضت لغزوة مسلحة، فيما لم يستدع لا زعيم “حزب الله” حتماً ولا أيضا رئيس حركة “امل” ولا أي مسؤول سياسي او امني في هذين التنظيمين المسلحين اللذين شاهد العالم مئات مسلحيهما في 14 تشرين الأول الحالي يستعرضون باعهم الميليشيوية الطويلة في اثارة الفتنة وتعريض لبنان لخطر حرب أهلية. والحال ان استدعاء جعجع شكّل في رأي مصادر حقوقية وقانونية بالدرجة الأولى، أسوأ انزلاق بعد الحملة الشعواء المتصاعدة على المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار لمنطق العدالة والتجرد الذي بدا، في ظل الاستهدافين للمحقق العدلي أولا ومن ثم لجعجع من طرف واحد واستنسابي وأحادي ثانيا، سيعرض البلاد لدفع اثمان باهظة إضافية على مختلف المستويات الداخلية والخارجية. وبصرف النظر عما يمكن ان تكون عليه خطوة جعجع بإزاء حضوره غداً او تحفظه بالطرق والوسائل القانونية المتاحة، فان التداعيات الفورية للخطوة بدت شديدة القتامة ان لجهة اثبات ان وصاية الترهيب تهيمن فعلاً على جزء كبير من القضاء والأجهزة والدولة بما ظهر مع استجابة القائمين بهذا الاجراء للحملة الشعواء التي شنها “حزب الله”، وان هذا الانحراف يهدد بأخذ البلاد، عشية بدء السنة السادسة والأخيرة من عهد الرئيس ميشال عون الى متاهات لا يمكن التكهن بخطورتها ما لم يتم تدارك الاندفاع نحو هذا المنزلق الخطير. ثم ان وصاية الترهيب لم تتأخر في اظهار الانكشاف الحاد للسلطة السياسية والأمنية والقضائية التي تتماهى مع اتجاهات الانحياز لضرب القوة المسيحية الأشدّ خصومة للحزب والعهد اذ ان ترددات الاجراء خارجياً راحت في اتجاه أساسي هو اعتبار الدولة “دولة حزب الله” التي تستعيد تجربة تولاها الوصي السوري قبل اقل من ثلاثة عقود وآلت الى كارثة لا يزال الكثير من اثارها ماثلا حتى اليوم في الاختلال الذي يطبع الواقع السياسي الداخلي. ولم يكن غريباً ان تنهال التساؤلات عن سلطة تستدعي الطرف المعني بالمنطقة والمواطنين الذين تعرضوا للاعتداء والاختراق والترهيب، فيما لم يجرؤ مرجع او مسؤول ولا قضاء ولا جهاز حتى الان على مجرد استنكار اعلان زعيم “حزب الله” ان لديه مئة الف مقاتل متجاوزاً كل معايير الاستعلاء والاستقواء على الدولة، كما لم يتجرأ احد بعد على سؤال الجهة الأمنية او القضائية المعنية هل من بين الموقوفين او المدعى عليهم الـ 68 الذين اعلن انه تم الادعاء عليهم في احداث الطيونة وعين الرمانة شخص واحد من “حزب الله” ام لا ؟
اذاً وفي تطور ينذر بتداعيات سلبية واسعة واستجابة للحملة الشعواء التي يمضي “حزب الله” في تصعيد وتيرتها على “القوات اللبنانية” رئيساً وحزباً، استدعت مديرية المخابرات في الجيش الى التحقيق رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لصقاً على مدخل مقر “القوات” في معراب لسماع افادته حول قضية حوادث الطيونة – الشياح- عين الرمانة بصفة مستمع اليه في التاسعة من صباح غد الاربعاء في فرع التحقيق الخاص بها في وزارة الدفاع.
معالم التسييس
وفيما لم يعلن بعد أي موقف سيكون لجعجع من هذا الاجراء قال مصدر في “القوات اللبنانية” لـ”النهار” أن “هذه الخطوة تأتي كمحاولة لضرب تمسك “القوات” باستكمال التحقيق في قضية تفجير المرفأ ولوقوفها مع المواطنين المدنيين في عين الرمانة وفرن الشباك للدفاع عن بيوتهم في وجه المسلحين الذين حاولوا اقتحامها، ما يؤكد أن هناك صيفاً وشتاءً تحت سقف واحد في قضية الطيونة، وأن القضاء يستهدف جهة من دون جهة أخرى معنية بهذا الحادث”.
واعتبر المصدر أنه “أصبح لملف استدعاء رئيس حزب القوات سمير جعجع 3 مستويات تؤكد تسييس القضية، أولاً طلب مفوض الحكومة عقيقي الاستماع الى الدكتور جعجع بصفة شاهد قبل أن تختم مديرية المخابرات التحقيق في أحداث الطيونة، فعلى ماذا استند في ذلك؟ ثانياً، بعدما تحول هذا الملف للقاضي صوان كمحقق عسكري ظل عقيقي مصراً على طلب استدعاء جعجع في وقت لم يعد هو المسؤول عن الملف، ما يخلق جواً من الريبة ويؤكد تسييس القضية”. واعتبر المصدر أن ” من يتابع كتابات ومقالات الاعلاميين التابعين لحزب الله يجد أنه أصبح لديهم تفسيرهم الخاص للقوانين، وكأنهم نصبوا أنفسهم كمسؤولين عن القضاء ومساره التحقيقي، وهنا تسأل القوات، كيف يتم استدعاء أبناء عين الرمانة وفرن الشباك الذين تعرضوا للهجوم وكانوا في موقع الدفاع عن النفس، ومن بينهم مناصرون لـ”القوات”، ولا يتم استدعاء الذين اعتدوا على هذه المناطق لاعتبارات سياسية باتت مكشوفة للجميع، ووفق ما تقدم أي عدالة ستطبق في هذا التحقيق”.
وقال المصدر القواتي في حديثه لـ”النهار” انه “لا يراهن أحد اليوم ولا غداً ولا في المستقبل على وضع “القوات” في مواجهة الجيش اللبناني، لأنها كانت وما زالت مع فرض القوانين والعدالة، أي أنها في طريقة غير مباشرة مع الجيش في تطبيق القوانين والعدالة، ولا تتصور أن يأتي يوم تتخلى فيه المؤسسة العسكرية عن منطق القوانين والعدالة”.
وأصدرت النائبة ستريدا جعجع بيانا أكدت فيه “إن ما نشهده في الآونة الأخيرة من هجوم ضار على حزب “القوّات اللبنانيّة” ليس محض صدفة ابداً وليس وليد لحظته وإنما هو مرحلة جديدة من مراحل محاولة حصار وإحتواء “القوّات” من قبل أعداء مشروع الوطن الحر السيد المستقل”. وقالت “يحاولون اليوم عبر بعض المراجع القضائية تدفعنا كحزب سياسي وخصوصاً رئيسنا سمير جعجع ثمن عنادنا وصلابتنا وصمودنا ورسوخنا سياسياً في مقاومة مشاريعهم ويحاولون اليوم عبر هذه المراجع تدفيعنا ثمن وقوفنا إلى جانب الحقيقة والعدالة، وإلى جانب أهلنا في بيروت الذين ارتكب بحقّهم أكبر مجزرة في تاريخ لبنان وهي انفجار المرفأ”. ولفتت الى انه “أصبح من المؤكد أن هناك صيفاً وشتاءً في هذا الملف وأن هناك من يريد استتباع بعض المراجع القضائيّة للضغط علينا باعتبار أنه من غير المنطقي استدعاء المعتدى عليه في حين ان المعتدي في منأى عن مجرّد الإستماع إليه”. وتوجهت الى محازبي “القوّات ” مشددة على “إن ما نشهده اليوم ليس سوى جولة من جولات نضالنا الطويلة. فبالرغم من التشابه الكبير في الشكل ما بين اليوم وعام 1994 إلا أن الفارق في المضمون كبير جداً، لناحية أن القاصي والداني والأكثريّة الساحقة من الشعب اللبنانيّ اليوم على بيّنة من الذي يحاك لنا وترفضه رفضاً قاطعاً”.
وكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، ادعى على 68 شخصا في أحداث الطيونة بينهم 18 موقوفا وأحال الموقوفين مع الملف على قاضي التحقيق العسكري الأول بالانابة القاضي فادي صوان. وأعلن الجيش ان مديرية المخابرات أنهت تحقيقاتها في أحداث الطيونة وأحالت الملف مع الموقوفين إلى النيابة العامة العسكرية.
البيطار ومجلس القضاء
في غضون ذلك أعلن مجلس القضاء الأعلى ان المحقق العدلي القاضي طارق البيطار حضر اجتماعه أمس بناء على دعوة المجلس “وتمّ الاستماع اليه والتداول معه بما هو مثار بشأن ملف انفجار مرفأ بيروت، وتمّ التشديد من قبل المجلس على العمل لإنجاز التحقيق بأسرع وقت ممكن، وفق الاصول القانونية، وذلك توصلاً إلى تحقيق العدالة وتحديد المسؤوليات بحقّ المرتكبين، وفق ما ورد في بيان مجلس القضاء الأعلى تاريخ 5/8/2020”. وفسّر بيان المجلس بانه استوضح البيطار حول ما يثار حول مهمته وطلب منه المضي في مهمته ولم تكن هناك مساءلة للمحقق.
وكان المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان قرر حفظ الإخبار المقدّم من الوزير السابق يوسف فنيانوس في وجه المحقق العدلي البيطار.
جلسة تشريعية
على الصعيد السياسي دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد جلسة تشريعية قبل الظهر الخميس في قصر الاونيسكو، لدرس مشاريع وإقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال. وكان عقد في عين التينة اجتماع لهيئة مكتب مجلس النواب، تمهيدا للجلسة التشريعية. وافيد ان التعديلات التي ردها رئيس الجمهورية على قانون الانتخابات ستدرج على جدول الأعمال بعد الاتفاق على الموضوع في اللجان النيابية المشتركة اليوم. كما تمت إضافة بند على جدول الأعمال له علاقة بإعادة النظر بالتعديلات التي كانت أدخلت على شروط قرض البنك الدولي المتعلق بالعائلات الأكثر فقرا. وكشفت مصادر نيابية أن الرئيس بري شدد على “أهمية معالجة المشكل السياسي القائم في البلد وضرورة عودة الحكومة إلى الانعقاد وأن الاتصالات مستمرة في هذا الإطار”.
=======================
مصدر الخبر
للمزيد Facebook