“كنت خائفا على سلامتي لمجرد أن بشرتي سوداء”
نشرت في: 19/10/2021 – 18:40آخر تحديث: 21/10/2021 – 15:39
متدثرين بأغطية، ينام عشرات الأشخاص بينهم نساء وأطفال كل ليلة على الأرض في بعض الأحيان أمام مقر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (أتش سي أر) في العاصمة الليبية طرابلس. وتدافعت هذه العائلات وهي أصيلة دول أفريقيا جنوب الصحراء في غرة أكتوبر/تشرين الأول، بعد أن أطلقت السلطات الليبية حملة إيقاف واسعة تستهدف مهاجرين في نواحي العاصمة. وفي ظل الخوف على سلامتهم، طلبوا ترحيلهم في أسرع وقت من البلاد.
يعيش مهاجرو أفريقيا جنوب الصحراء حالة خوف دائم منذ إطلاق حملة الإيقافات هذه خصوصا في منطقة غرغارش التي تقع على بعد نحو عشرة كيلو مترات غرب العاصمة طرابلس والتي تعرف بأنها منطقة تجمع المهاجرين. وفي غرة أكتوبر/ تشرين الأول، وتحت تعلة “مكافحة تجارة المخدرات”، اقتحمت قوات الأمن الليبية منازل المهاجرين في وقت مبكر من الصباح وتم إخراجهم بالقوة دون التردد في استخدام العنف وإطلاق النار.
{{ scope.counterText }}
© {{ scope.credits }}
{{ scope.counterText }}
مئات المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء تعرضوا للإيقاف في منطقة غرغارش في غرة تشرين الأول/ أكتوبر. صورة نشرتها وزارة الداخلية الليبية.
وقتل شخص وجرح خمسة عشر آخرين بينهم أشخاص أصيبوا بطلق ناري خلال هذا العملية التي أدت إلى إيقاف أربعة آلاف مهاجر. ويتعلق الأمر بالخصوص بجنسيات سودانية وإرترية وصومالية بينهم مئات النساء والأطفال الذي تعرضوا بدورهم للاعتقال.
“يتم رميهم مثل قطعان الماشية في الحافلات”
سميرة (اسم مستعار) 22 عاما، هي طالبة جامعية. لكنها لا تملك الجنسية الليبية رغم أنها مولودة في طرابلس وأبواها سودانيان. وتقول إنها تعيش في جو من الرعب خلال الأسابيع الأخيرة.
أقطن في مكان يبعد عشر دقائق عن حي غرغارش حيث وقعت عمليات الإيقاف. كان الوضع مرعبا. شرطة مكافحة الهجرة [فريق التحرير: إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية] والعسكريون قاموا بإغلاق كامل الحي. قاموا بكسر أبواب المنازل ولجأوا إلى ضرب سكانها عند إخراجهم ثم رميهم مثل قطعان الماشية في حافلات أو في سيارات رباعية الدفع. كما قاموا بافتكاك هواتفهم والمال الذين كان بحوزتهم. كان هنا جيران أعرفهم منذ سنوات عدة ونساء حوامل. تم نقل الجميع دون أي تمييز بينهم من كان يملك وثيقة مطلب لجوء أو وثيقة من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تؤكد أن لديهم صفة لاجئ.
مهاجرون ينامون أمام مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (أتش سي أر) يوم السبت 16 أكتوبر /تشرين الأول صورة نشرها طارق لملوم.
معظم المهاجرين الذين تعرضوا للاعتقال تم تكديسهم في مركز غوت شعال للاحتجاز ولم تستطع الإمدادات الغذائية سد الحاجة في ظل حالة الاكتظاظ.
مركز الاحتجاز غوت شعار، غرب طاربلس في غرة تشرين الأول/ أكتوبر. صورة ميغرانت ريسكيو واتش على تويتر.
بعد مرور بضعة أيام، أي في 8 تشرين الأول/ أكتوبر، أطلق أفراد من قوات الأمن النار على المهاجرين داخل مركز الاحتجاز ما أدى إلى وفاة ستة محتجزين. ووسط الهلع، فر المئات من الأشخاص في ظل حالة من الفوضى العارمة. وقدم نائب رئيس مجلس الدولة الرئاسي موسى الكوني اعتذاره خلال ندوة صحفية في 10 تشرين الأول/ أكتوبر بسبب هذه “الأحداث المؤسفة التي كان المهاجرون ضحية لها”.
قرار المعتقلين من مركز غوت شعال لاحتجاز المهاجرين في 8 تشرين الأول/ أكتوبر.
وأمام موجة الاعتقال الواسعة، تجمع مهاجرون أمام مكتب المفوضية الأممية العليا لشؤون اللاجئين (أتش سي أر) أملا في تلقي الحماية. ولكن ذلك لم يمنع رجالا ملثمين من ضربهم وقتل مهاجر سوادني كان بينهم في 14 تشرين الأول/ أكتوبر وهو عامر بكر أمام أعين عائلات كانت تخيم في المكان.
مهاجرون يرفعون لافتات تطالب بالعدالة لمقتل الشاب السوداني عامر بكر أمام مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (أتش سي أر). صورة طارق لملوم على فيس بوك.
“هناك بارقة أمل تتمثل في استئناف الرحلات الجوية الإنسانية”
تردف سميرة قائلة:
إلى غاية يوم أمس [الاثنين 17 تشرين الأول/ أكتوبر]، كان الطريق الرئيسي في غرغارش مغلقا من قبل رجال الأمن. كنت أراهم كلهم من شرفة بيتي. خلال الأيام الماضية، كانت شرطة مكافحة الهجرة تجوب المنطقة بشكل مستمر. كنت أرى رجال شرطة يستوقفون السكان طالبين منهم ما إذا بينهم أجانب”
كنت خائفة على سلامتي الشخصية وذلك لمجرد أن بشرتي سوداء. أبواي هاجرا إلى ليبيا منذ أكثر من أربعين عاما وأنا مولودة في طرابلس. ولكننا مازلنا نعاني من كل أشكال التمييز. إذ لا أملك الحق في الحصول على الجنسية وأملك بطاقة إقامة يجب علي تجديدها بشكل دوري.
وبالتالي، بعد حملة الإيقافات في غرة تشرين الأول/ أكتوبر، لم أخرج قط من بيتي طيلة أسبوع لأنني كنت أعلم أن الشرطة لن تهتم بالتفاصيل وكان يمكن أن تزج بي في السجن حتى دون التثبت من هويتي.
لكن تبقى هناك بارقة أمل في خضم كل هذه الأحداث، وذلك لأنه في ظل التغطية الإعلامية لهذه المأساة وبفضل الضغط الذي سلطته المنظمات غير الحكومية للدفاع عن حقوق الإنسان، أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين مؤخرا أنها ستتمكن من استئناف رحلات الإجلاء الجوي للأشخاص الذين يملكون صفة لاجئ [فريق التحرير: في اتجاه دول يطلق عليهم اسم إعادة التوطين]. حيث أكد لي أصدقاء من المهاجرين أنهم تلقوا رسائل من الوكالة الأممية تطلب منهم الاستعداد للمغادرة. وكانت رحلات الإجلاء الجوي قد علقت من قبل السلطات الليبية منذ 8 آب/ أغسطس دون تقديم أي توضيحات.
آمل الآن أن يتم تسريع إجراءات الإجلاء.
وفي بيان نشر في 14 تشرين الأول/ نوفمبر، أشارت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أنه بسبب هذا التعليق، أعلنت بعض من دول إعادة التوطين أنها لم تعد قادرة على قبول ملفات طالبي اللجوء للأشخاص القادمين من ليبيا هذا العام. “هذا الوضع سيؤدي إلى خسارة 162 مكانا في رحلات جوية مباشرة لإعادة التوطين ويمكن أن يعطل قرابة ألف مكان من خلال آلية النقل المستعجل هذه، والتي توفر أملا للاجئين ولطالبي اللجوء الموجودين في وضعيات هشة من الذين يمكن لهم التوجه إلى رواندا أو النيجر في انتظار إيجاد بدائل على المدى الطويل” حسب تأكيد بيان المفوضية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook