قبل التطبيع كان التعامل التجاري مع الإمارات معقدا ويشوبه الحذر
نشرت في: 20/10/2021 – 13:38آخر تحديث: 20/10/2021 – 13:39
تحتضن دبي في الإمارات العربية المتحدة من 17 إلى 21 من أكتوبر/تشرين الأول النسخة 21 من معرض “جيتكس” الذي يعتبر من أبرز صالونات التكنولوجيا في الشرق الأوسط وآسيا وشمال أفريقيا. في نسخة هذا العام، تمكنت الشركات الإسرائيلية لأول مرة بعد تطبيع العلاقات بين أبو ظبي والدولة العبرية من المشاركة في هذا الصالون. فقد خفت عن عاتق أصحاب الأعمال حلول مكلفة كانت حتمية في السابق وتتمثل في الاستعانة بوسطاء لإجراء عمليات تجارية غير مباشرة مع الإمارات ذات الوزن الاقتصادي الهام في المنطقة.
معرض “جيتكس” يحظى وفقا لما شاهدناه من كثافة وتنوع المشاركة بمتابعة عالمية واسعة في ميدان التكنولوجيا الحديثة، وهو مناسبة للعارضين والمستهلكين والمراقبين للتعرف على ما جادت به قريحة الشركات في مجال الذكاء الاصطناعي والأجهزة الذكية والمتصلة.
في نسخة هذا العام من صالون “جيتكس” استطاعت شركات إسرائيلية المشاركة لأول مرة في هذا الموعد التكنولوجي الفريد في المنطقة. وأصبح ذلك متاحا بعد تطبيع العلاقات بين أبو ظبي وتل أبيب في سبتمبر/أيلول 2020.
فرانس24 رصدت آراء بعض هؤلاء العارضين الإسرائيليين الذين حلوا ضيوفا في الإمارات لأول مرة.
“أعمل مع دبي منذ عشرين عاما لكن بطريقة غير مباشرة وفي غاية التعقيد”
سألنا إسحاق بنتيزون وهو صاحب مؤسسة متخصصة في المكونات الدقيقة للهواتف الذكية والذي يقول “منذ أكثر من عشرين عاما أعمل مع دبي بانتظام لكن بشكل غير مباشر، وعبر شركات أجنبية أخرى، فأقوم بالتحويلات البنكية الضرورية عبر بنك في هونغ كونغ لأن كل أنواع المعاملات التجارية والاقتصادية عموما بين الإسرائيليين والإماراتيين في السابق كانت محظورة. كنا نلتقي مع رجال أعمال ومستثمرين إماراتيين، أو يعملون في الإمارات، في دول أخرى على غرار إسبانيا وفي صالونات خاصة بالتكنولوجيا في مدينة برشلونة، أو في ألمانيا في مدينة برلين كذلك. كنا نلتقي هناك ونناقش تفاصيل الصفقات التجارية ونمر مجددا عبر مصارف في هونغ كونغ للإتمام تفاصيل الدفوعات”.
وأضاف “لك أن تتصور القدر الكبير من التعقيد الذي كان يرافق هذه العمليات البسيطة عادة والتعطيلات والمصاريف الإضافية التي يتحملها الطرفان خلال هذه المعاملات، فغالبا ما كنا نمر بوسطاء لم نعد اليوم بحاجة إليهم”.
وتابع “كما كان الحذر يشوب أيضا التواصل بين التجار الإسرائيليين ونظرائهم في الإمارات، فكثيرا ما كنا نتخاطب هاتفيا باستخدام رموز ولا نذكر أبدا أسماء دولنا. فكنا نقول دائما “بلدك، بلدي …” حتى المكالمات كانت تفتقد للثقة، واليوم تغير كل شيء كليا”.
وقال مؤكدا “اليوم لا أخفي سعادتي لأنني تخلصت من كل هذه الضغوط ويكفي أن أستقل الطائرة لمدة ثلاث ساعات فقط لأصل إلى دبي أو أي مدينة إماراتية أخرى للقاء زبائني. وأنا كذلك سعيد لحجم المعاملات التجارية اليوم مع الأطراف الإماراتية أو المستقرة في الإمارات. أعتقد كذلك أن الإماراتيين يتشوقون لمجيئنا بقدر تشوقنا للقائهم أيضا”.
“’اتفاقية أبراهام‘ خلصتنا من الوسائط السابقة للتعامل مع الإماراتيين”
سارة غروتزينسكي مسؤولة قسم مبيعات إسرائيلية تقول: “في السابق كنا نقوم بمعاملات تجارية مع الإمارات لكن عن بعد، ولم يكن هناك تبادل للزيارات. لكن منذ توقيع بنيامين نتناياهو ’لاتفاقية أبراهام‘ أصبح كل شيء سهلا، ونحن اليوم سعداء جدا بالمجيء إلى دبي”.
قبل عام كنا نمر بمكاتبنا وفروعنا في بريطانيا والولايات المتحدة لعقد صفقات تجارية، إذ كان من الممنوع استخدام وثائقنا الإسرائيلية. كل الوثائق كان يجب أن تترجم إلى الإنكليزية وأحيانا كان الزبائن الإماراتيون يغيرون آرائهم بمجرد اكتشافهم أننا إسرائيليون فيتراجعون عن إتمام الصفقات.
اليوم نلاقي ترحيبا حيث حللنا، الإماراتيون لطفاء للغاية معنا. وآلاف الشركات الإسرائيلية سارعت منذ توقيع الاتفاقية بالمجيء إلى دبي وحتى جائحة كورونا لم تمنعهم من ذلك”.
أما البحرين التي وقعت إسرائيل معها اتفاقيات تطبيع في إطار “اتفاقية أبراهام” فترى سارة “أنه ليس لديها نفس الوزن التجاري في المنطقة، وتبقى دبي شريانا اقتصاديا هاما في منطقة الشرق الأوسط بأسره، ولديها علاقات وثيقة مع باقي الدول المهمة تجاريا بالنسبة لنا كالسعودية وحتى إيران ستكون في غاية الأهمية بالنسبة لنا. نحن لا نمانع في التعامل تجاريا حتى مع باقي الدول العربية وننتظر تحسن العلاقات بيننا وبينها لتوسيع معاملاتنا التجارية معها والتخلص من الوسائط. اليوم لدينا عملاء في بعض الدول كالجزائر مثلا ـ لكن ما زلنا نمر بدول ثالثة، ومؤخرا قامت شركتي بشحن بضائع موجهة لزبون جزائري عبر مدينة مرسيليا الفرنسية، إذ قام بتسلمها من هناك لاستحالة إيصالها مباشرة إلى بلاده الجزائر.
“السلام مفيد للغاية في عالم الأعمال”
رامي فيللر، صاحب مؤسسة بيع بالجملة للهواتف الذكية وصاحب شركة متخصصة في الألواح الشمسية المقتصدة للطاقة، لم يخف سعادته للمشاركة في صالون دبي للتكنولوجيا لأول مرة بفضل اتفاقية السلام والتطبيع بين بلاده إسرائيل والإمارات. ويؤكد “أن التبادل التجاري مع دبي لا يعود تاريخه إلى عام مضى فقط بل لسنوات خلت”، وتغير المعادلات السياسية اليوم يعتبره كسبا له ولشركته لذلك سارع بالقدوم إلى دبي رفقة عدد هام من أفراد فريق عمله لعقد صفقات جديدة وبشكل مباشر مع الإمارات.
رامي فيللر يصف الاستقبال الذي حظي به في الإمارات “بالخيالي”. وقبل اتفاقية السلام استنجد هو بدوره بشركات أوروبية وخصوصا فرنسية وهولندية وألمانية لعقد صفقات مع الإمارات.
ويؤكد رجل الأعمال الإسرائيلي أن اتفاقيات السلام بين إسرائيل وباقي الدول العربية يخمد مباشرة التوترات حتى أنه فوجئ برد فعل مرحب للغاية من سائق تاكسي أقله إلى المعرض، فقد احتضنه حين علم أنه إسرائيلي.
ويقول رامي إنه مستعد للتعامل تجاريا مع كل الدول باستثناء إيران التي تمنع حكومة بلاده التعامل معها بأي شكل من الأشكال، لكن لو كانت لديه حرية الاختيار فلن يتردد في التعامل معها تجاريا فيقول بالإنكليزية: “بينزس إيز بيزنس” أي (العمل هو العمل).
ويضيف أن التسهيلات التي قدمتها اليوم معاهدة السلام لكل من الإسرائيليين والإماراتيين قد تدفعه لفتح فروع لشركته في الإمارات إذا اقتضت الحاجة.
عماد بنسعيّد ،موفد فرانس 24 إلى دبي
مصدر الخبر
للمزيد Facebook