آخر الأخبارأخبار محلية

دريان: حوادث الطيونة معيبة ونحذر من تسييس المسائل الكبرى وتطييفها

وطنية – وجه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة الى اللبنانيين لمناسبة ذكرى المولد النبوي تحدث في بدايتها عن المعنى الديني للعيد، وقال: “تحل علينا الذكرى العطرة لمولد نبينا محمد، وهي ذكرى غالية وعزيزة على قلب وعقل كل عربي ومسلم. اختاره الله، واصطفاه رسولا للعالمين، رحمة منه وفضلا. هي ذكرى تملؤنا بالأمل والرجاء. فمحمد بن عبد الله الطفل اليتيم، الذي عانى في طفولته وفتوته فقدان الأب والأم والجد، هو نفسه الذي ألقى على بني قومه وعلى العالم من أعالي جبال مكة – حاملا: قل هو الله أحد، و: اقرأ باسم ربك الذي خلق، مستندا إلى عناية الله، وتوفيقه في إنفاذ ما عهد إليه به من مهمات: أما المهمات فكانت عبر التذكير بالنعم:فأما اليتيم فلا تقهر. وأما السائل فلا تنهر. وأما بنعمة ربك فحدث. فإذا ضاقت عليه الأمور، واشتد الاضطهاد، خاطبه القرآن وخاطب بني البشر: ألم نشرح لك صدرك. ووضعنا عنك وزرك، الذي أنقض ظهرك. ورفعنا لك ذكرك. فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا. جاء في الحديث الشريف، في تفسير آيتي اليسر والعسر: لن يغلب عسر يسرين. فالأمل الذي يبعث على انشراح الصدر، يكون بالاستجابة لدعوة الحق والنور، ويكون بعد ذلك: فإذا فرغت فانصب، وإلى ربك فارغب. فالمسألة في صحة التوجه، وفي الإصرار على القيام بالمهمات الإنسانية الكبرى والصغرى، من جانب الجماعات والأفراد”.

وتابع: “في ذكرى المولد النبوي الشريف، هذا هو العالم الذي تفتح لنا أبوابه وآفاقه، دعوة رسول الله وشخصيته الكبيرة. لقد انفتحت عيناه على عوالم من البؤس والحاجة، فبحث وبحث، وسعى وسعى، وحمل دعوة الخير لبني قومه وللعالم أجمع: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. وبهذا الوعي، وعي العناية والرحمة، والتضامن والمحبة، أمكن له في النهاية أن يفوز، وأن ينشر الخير في القريب والبعيد. ما ثبطت المصاعب عزائمه، ولا سمح للعقبات أن تسد طريقه. وما هي العقبة أو العقبات التي لا بد من مجاهدة النفس ودفع الغير لتجاوزها؟ لنعد إلى قراءة آيات من سورة البلد، والبلد مكة في السنوات الأولى للدعوة: فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فك رقبة، أو إطعام في يوم ذي مسغبة، يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة، ثم كان من الذين آمنوا، وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة. تجاوز عقبات النفس والمجتمع، تكون بتحرير العبيد، والإطعام في المجاعات، ورعاية الأيتام والمساكين. وفي الحالة التضامنية الكبرى هذه، يقول القرآن للنبي ولكل من قهر هذه العقبات، بل يشهد له ولهم أنهم يكونون قد صبروا، ويكونون قد اتصفوا بصفة من صفات المولى عز وجل، صفة المرحمة والتراحم. والقرآن الكريم يقول: وتواصوا، وهذا يعني أن عمل الخير هنا مزدوج: أداء الواجب الخيري، والإيصاء به، أو الدعوة إليه بالمثل الصالح، والقدوة الحسنة، ونصيحة الأقران وأهل المروءة في الأعمال الاجتماعية الجماعية”.

أضاف: “في هذه الذكرى، يكون علينا نحن المهتدين بهدي النبي، أداء الشهادة لله، ثم له صلوات الله وسلامه عليه، والذي ندعو الله في صلواتنا، أن يجزيه خير ما يجزي به نبيا عن أمته. ففي القرآن الكريم: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين..(سورة النساء: 135). ويقول: وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل، وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم، وتكونوا شهداء على الناس .. (سورة الحج: 78). في ذكرى مولد رسول الله، يكون علينا الاقتداء بسيرته، والاهتمام بحاجات الناس الملحة، بحسب القدرة والحاجة. وهذه الاستجابة تفتح الطريق، طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأكبر والأعظم، طريق الشهادة، وهي هنا شهادة الحياة الإنسانية الكبرى، من أجل القسط في القول والعمل، والتأهل لكي نكون شهداء على الناس، نحمل لواء الكلمة السواء، بدون تقصير ولا جبروت أو كبرياء. هي مسؤوليات جسيمة، بمقتضى الإيمان، وبمقتضى العمل الصالح، الذي يستلزمه الإيمان، وأخيرا للتأهل للشهادة، باعتبار السعي من أجل القدوة والنموذج”.

وعن الوضع السياسي والاقتصادي، قال دريان: “في ذكرى مولد النبي محمد نجد أنفسنا مشدودين إلى نموذجه في النضال، وفي الخير، وفي السعي للتأهل للشهادة تجاه بني البشر. الحالة الاجتماعية عندنا في منتهى السوء. والحالة الاقتصادية كذلك. والحالة السياسية متصدعة. وما ظهرت الحكومة وأعلنت عن برامجها في وقف الانهيار، وفي المضي للمجتمع الدولي، حتى أحاطت بها العقبات من كل جانب. نحن نريد لهذه الحكومة أن تعمل وأن تنتج، وبالطبع، فإن الإنتاج غير سهل في هذه الظروف، والله يقول: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. فهل سياسيونا متأكدون أنهم وطنوا أنفسهم على الإصلاح، والسماح للحكومة بالعمل”.

وتابع: “بقدر ما نخشى السياسيين ونياتهم وأعمالهم، وإثارة للناس بعضهم على بعض. نحن نخشى على العيش المشترك، وعلى وثيقة الوفاق الوطني والدستور. وهي الثوابت التي لا يبدو أن أحدا يأبه لها وسط حمى الانتخابات، وحمم المرفأ. من قال إننا لا نأبه للعدالة في جريمة العصر. إنما لذلك مسار واضح، ينبغي التزامه، لكي لا ينقسم الناس من حول العدالة، كما من حول المسار السياسي. نحن نعتقد، وفي ذكرى المولد النبوي، أن هناك مسارين لا بد من التزامهما من جانب المواطنين، ومن جانب الإدارة السياسية. في الجانب الاجتماعي، لا بد من التضامن المنقطع النظير، والملتزم بالضرورات الإنسانية. إنه لعار على القادرين منا الصمت عند الشكوى من انعدام الدواء أو غلاء أسعاره، وعند تصاعد الألم من الفقر والجوع. وعند العجز أمام المرض وحاجات الأطفال والتعليم. عندما نلاحظ الآن الآثار المفزعة لوقف الدعم على الحياتين الخاصة والعامة، ندرك أن دولتنا دولة صالحة واجتماعية في الأصل، وإنما دمر السياسيون قدراتها ومؤسساتها، واجبات المواطنين الأفراد والجمعيات الخيرية صارت واضحة. لكن بقايا الدولة والإدارة، لا تقوم بأي من واجباتها. ولذلك، لن يستمتع الرئيس ميقاتي بالصمت من جانب المفتقرين إلى الكهرباء وإلى المحروقات، وإلى النقل وإلى المرتبات، وإلى فرص العمل، وإلى الأمن بشتى أصنافه وألوانه”.

وكرر دريان تحذيره من “مخاطر التسييس والتطييف للمسائل الوطنية الكبرى”، وقال: “ما هذا المسار الانتحاري الذي يقبل عليه الجميع بحماس؟ هو مناخ يذكر – للأسى والأسف – ببدايات الحرب الأهلية. وعلى كل لبناني عاقل، أن لا يدخل في الانتحاريات، وأن يصر على الدستور والعيش المشترك، والسلم الأهلي. ولا شيء غير ذلك”.

وعن حوادث الطيونة، قال: “ما جرى كان مشينا ومهينا ومعيبا أن يحصل بين أبناء الوطن الواحد، فالخلاف في الرأي مشروع، أما الاقتتال في الشارع فمرفوص وممنوع أيا كان السبب، والحل يكون بالطرق السلمية، لا باستعمال السلاح المتفلت في الشوارع وخصوصا في العاصمة بيروت بقتل الناس وانتهاك حرماتهم، فالإنسان له احترامه وكرامته سواء أكان مسلما أو مسيحيا، فالمواطنة حق مشروع لكل من يعيش تحت سماء لبنان، وفي أي منطقة كان، فالسلاح لا يجوز أن يشهر بوجه بعضنا بعضا، لان هذا يؤسس لإشعال الفتنة الطائفية والمذهبية التي لا نسمح لأي كان بإيقاظها، نحن في لبنان دولة لها قوانينها ودساتيرها وقضاؤها وجيشها وقواها الأمنية التي ينبغي التمسك بها لأنها الملاذ الوحيد لحفظ امن الوطن والمواطن”.

وعن الانتخابات النيابية، قال: “ستجري بإذن الله في العام المقبل، وهذا أملنا ورجاؤنا، والتغيير يصنعه الناس باختيارهم الحر بانتخاب من يرون فيه الصلاح والأمانة لتولي أمورهم التشريعية وكل ما يخدم تطورهم وتقدمهم من تقديم مشاريع تعود بالنفع عليهم، وعلى الوطن ككل لا على من يمثل من جماعة أو فئة أو ما شابه ذلك. وان يكون ولاؤه للوطن والمواطن، وبذلك يتحقق التغيير بحسن الاختيار”.

وختم: “في ذكرى مولد محمد نتطلع إلى نضاله من أجل المجتمع الأفضل، ومن أجل غد أفضل، ونسأل الله أن يهبنا الأمل والرجاء، لنكون ممن تنشرح صدورهم بعد العسر، بفضل عناية الله ورحمته”.

وذكر دريان بخاطرة للشاعر رشيد سليم الخوري في المهجر حول عيد المولد النبوي، حيث كانت قضية فلسطين في الاوج ما بين العام 1948 أو 1974، جاء فيها:
“عيد البرية عيد المولد النبوي
في المشرقين له والمغربين دوي
عيد النبي ابن عبد الله من طلعت
شمس الهداية من قرآنه العلوي
بدا من القفر نورا للورى وهدى
يا للتمدن عم الكون من بدوي
يا قوم هذا مسيحي يذكركم
لا ينهض الشرق إلا حبنا الأخوي
فإن ذكرتم رسول الله تكرمة
فبلغوه سلام الشاعر القروي”.

============= ل.خ


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى