آخر الأخبارأخبار محلية

في بيت عنيا – لبنان… العازار لن يقوم من قبره

لم أفهم حقيقةً كيف أن بعض النواب المسيحيين، الذين سيجتمعون غدًا في “بيت عنيا” – حريصا، بدعوة من البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، لن يتطرقوا إلى الاستحقاق الرئاسي. هؤلاء يمثّلون، في شكل أو في آخر، جميع الكتل المسيحية الممثلة في مجلس النواب. ومن واجبهم الوطني أولًا قبل أن يكون من واجبهم المسيحي ثانيًا أن ينتخبوا رئيسًا للجمهورية، وقبل أي أمر آخر، وحتى قبل الصلاة والصوم والتوبة. فإذا لم تتوافق الكتل المسيحية، وبالأخص التكتلان الأكبر، أي تكتل “لبنان القوي” وتكتل “الجمهورية القوية”، على الاقلّ على مواصفات مشتركة لهذا الرئيس، فإن صلاتهم تكون من دون ذي جدوى. فـ “اللقاء الروحي” سينتهي مفعوله ما أن يغادر هؤلاء النواب بوابة حريصا متجهين إلى حيث كانوا، أو بتعبير آخر إلى متاريسهم وخنادقهم ومواقفهم، التي لم تنفع معها الصلاة، ولم تستطع كلمات “سيد بكركي” الإيحائية أن تفعل معهم فعلها.

فالمسيحيون الذين يتبّعون التقويم الغربي تذكرّوا يوم السبت الماضي في احتفالاتهم الليتورجية كيف أقام السيد المسيح العازار من القبر في بلدة بيت عنيا. أمّا في “بيت عنيا” – حريصا، فإن العازار سيبقى في قبره، ولن تكون له قيامة، ما دام ممثلو “المسيحيين الغربيين” و”المسيحيين الشرقيين”، الذي سيجتمعون غدًا حول وليمة عرس الحمل، لا يتكلمون مع بعضهم البعض بلغة واحدة، بل لكل واحد منهم لغته الخاصة به. وبمّا أن كل واحد سيبقى، بعد هذا “اللقاء الروحي”، على موقفه السابق، فإنه يمكن القول إن هذا اللقاء سيكون يتيمًا. وبما أنه سيكون صوريًا ولن يؤدّي إلى أي نتيجة عملية فإن أي كلام سيُقال عنه، ومن بينه كلام هذا المقال، سيكون مبرّرًا ومنطقيًا، خصوصًا إذا قيل إنه “لزوم ما لا يلزم”، وكان من الأفضل ألاّ يدعو إليه الداعي.
لم أفهم ولن أفهم كيف سيجتمع هؤلاء النواب غدًا في لقاء يُفترض من حيث عناوينه أن يكون لقاء أخويًا بما أنه “لقاء روحي مخصّص للصلاة والتأمل والتوبة”، وهم لا يتكلمون مع بعضهم البعض في أمور جوهرية، ويجرؤون على ترداد مقولة “إن الخلاف في الأمور السياسية لا يفسد في الودّ قضية”.  
فأي لقاء، وأيًّا كان لونه وعنوانه، لن ينتج عنه توافق على رئيس للجمهورية هو لقاء عقيم. وأي لقاء لا تكون الصراحة إحدى محرّكاته الأساسية لن يُكتب له النجاح، وسيدخل في سجل اللقاءات الفاشلة، وإن الصلوات النيابية التي ستتلى في “أربعة أيوب” لن يكون لها المفعول السحري، ولن تكون مقبولة إذا ما قيست بميزان مقدار ما في القلوب من نوايا غير صافية.
وقد يصح في هذا اللقاء ما قاله عمر ابن الخطاب: “لو اطلع الناس (النواب المسيحيون) على ما في قلوب البعض، لما تصافحوا إلا بالسيوف”.
نقول ما نقوله ليس تشفّيًا ولا استهزاء ولا شماتة، بل لأن تجارب الماضي تجعلنا ننفخ على اللبن، وذلك لكثرة ما كوانا حليب المناكفات والخلافات المسيحية – المسيحية، وقد صدّقنا في يوم من الأيام أن هذه الخلافات قد ولّت إلى غير رجعة، وأن “خبرية أوعا اخيّك” قد ساهمت في وقت من الأوقات بتصفية القلوب وتصافح الأيدي ونسيان مآسي الماضي والتطلع نحو المستقبل بنظرة واحدة، ولكن هذه “الأوعى” لم تطل كثيرًا وسقطت في أول امتحان ثقة، وبقي ما في القلوب يعتمر ويعتصر حقدًا وكراهية.
فلا قيامة للعازار لبنان ما لم تصفَ القلوب، وما لم تتطهرّ الأفكار من سموم الماضي.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى