معركة خصوم حزب الله لتحشيد القوى صعبة

المشكلة لا تتعلق فقط بتركيب اللوائح أو توزّع الأصوات، بل بطبيعة المزاج الشعبي الذي تغيّر عمّا كان عليه في انتخابات عام 2022. يومها، وُجدت شعارات كبرى قادرة على جمع مجموعات واسعة خلف فكرة واحدة: الثورة، التغيير، الغضب على السلطة، وانفجار المرفأ. هذه العناوين كانت كافية لشدّ العصب واطلاق ما يشبه المعركة المفتوحة بين من يريد حماية “المنظومة السياسية” ومن يريد إسقاطها.
اليوم، الصورة مختلفة بالكامل. القوى التي تُصنَّف في موقع مواجهة حزب الله تبدو وكأنها فقدت القدرة على صياغة خطاب يحرّك الشارع أو يتسبب بانقسام واضح لمصلحتها. لا توجد قوّة دافعة شبيهة بما كان موجودًا قبل ثلاث سنوات، ولا قضية مركزية تحمل جمهورها على الاندفاع بحماسة نحو صناديق الاقتراع. في المقابل، تبدو الساحة السياسية وكأنها مقلوبة رأسًا على عقب: “الحزب” هو الجهة الوحيدة القادرة على شدّ عصب جمهورها عبر معركة يعتبرها أساسية ومفتوحة، مستفيدًا من التطورات الإقليمية والحدود الملتهبة والخطاب التعبوي الذي يجيد استخدامه في اللحظات الحساسة.
هذا الاختلال في القدرة على التحشيد يضع القوى المعارضة للحزب أمام مأزق فعلي. فهي من جهة تخشى خسارة جزء من قواعدها التي تعبَت من الشعارات المتكررة، ومن جهة أخرى لم تجد بعد عنوانًا جاذبًا يقدّم شيئًا جديدًا للناس. كذلك، فإن محاولاتها إعادة تدوير شعارات 2022 تبدو باهتة، لأن المزاج العام لم يعد كما كان، ولأن جمهورًا واسعًا يشعر بأن الوعود السابقة لم تتحقق وأن المعركة الكبرى التي رُسمت في تلك المرحلة انتهت بلا نتائج ملموسة.
في المقابل، يعمل “الحزب” على بناء رواية انتخابية كاملة ترتكز على أنّ البلد يواجه «تحديًا مصيريًا»، وأن الحفاظ على التوازن السياسي يتطلب نيل «الثلث» مجددًا داخل المجلس النيابي. ومع استمرار التحشيد الحالي، لا تبدو مهمته صعبة. فالعنوان الذي يقدّمه لجمهوره جاهز، والشارع الذي يخاطبه يعيش يوميًا تحت تأثير التطورات والغارات والتهديدات الإقليمية، ما يجعل تعبئته أسرع وأكثر فعالية مقارنةً بمنافسيه.
بناءً على ذلك، تبدو الانتخابات المقبلة مرشّحة لأن تكون مختلفة عن أي استحقاق سابق. القوى التي تواجه “الحزب” تبحث عن معركة لا تجدها، بينما “الحزب” يخوض معركة لا يحتاج إلى اختراعها. وفي هذا التباين قد تتحدد النتائج قبل فتح صناديق الاقتراع.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook





