آخر الأخبارأخبار محلية

من الضغوط العسكرية الى المفاوضات… والأمور بخواتيمها!

كتب عماد مرمل في” الجمهورية”: ليس خافياً انّ المناخات التي سبقت خطوة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون كانت توحي بأنّ لبنان يواجه خطر حرب إسرائيلية وشيكة، رجّح البعض أن تبدأ بعد انتهاء زيارة البابا او في أحسن الحالات بعد آخر السنة. من هنا، أتى توسيع بيكار «الميكانيزم » في هذا التوقيت، عبر تطعيمها بشخصيتين مدنيتين، واحدة لبنانية وأخرى إسرائيلية. ومن الواضح أنّ تكليف كرم ترؤس الوفد الممثل للبنان في لجنة «الميكانيزم » قد أفرز في الوسط السياسي اتجاهين متضاربين:









الأول، ومن ضمنه «حزب الله »، يعترض على هذه الخطوة شكلاً ومضموناً، ويضعها في سياق سلسلة التنازلات المجانية والعبثية التي تشجع الاحتلال على طلب مزيد ومزيد بلا أي قعر لمطالبه.

وتبعاً للمعترضين، لم يكن يتوجب على السلطة السياسية القبول بضمّ مدني إلى «الميكانيزم » من رتبة سفير سابق، أقلّه قبل أن ينفّذ الكيان الإسرائيلي شيئاً مما التزم به في اتفاق وقف الأعمال العدائية، سواء لجهة الانسحاب من الأجزاء المحتلة في الجنوب او وقف الإعتداءات المتواصلة، او إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين في سجونها.

وحصول الاعتداء الإسرائيلي الجديد قبل أن يجف حبر قرار توسيع لجنة «الميكانيزم »، من شأنه أن يعزز منطق رافضي هذا الخيار، وأن يثبت صوابية رأيهم في أنّ كل تنازل إضافي يفتح شهية الإسرائيليين على فرض شروط جديدة من خلال استخدام القوة. وما يزيد هواجس هؤلاء، اختيار السفير كرم تحديداً لترؤس الوفد اللبناني، وهو المعروف برفضه الشديد لخيار المقاومة وخصومته الحادة لـ «حزب الله » منذ ايام «لقاء قرنة شهوان»، ما دفع القريبين من «الحزب » إلى التساؤل عمّا إذا كان كرم يشكّل الشخص المناسب لخوض المبارزة التفاوضية مع الجانب الإسرائيلي.

على الضفة الأخرى، يلفت مؤيدو اختيار كرم إلى انّ لبنان هو الذي كان في الأساس قد طرح حصر التفاوض ضمن آلية «الميكانيزم »، ولم يمانع في ضمّ مدنيين اليها إذا دعت الحاجة، وبالتالي فإنّ ما جرى ينسجم مع الموقف اللبناني المبدئي وليس تراجعاً عنه. ووفق هؤلاء، سيكون كرم محكوماً في نهاية المطاف بضوابط السياسات الرسمية، أياً تكن عواطفه الشخصية، إذ انّه سيمثل خيارات الدولة اللبنانية «ومش فاتح على حسابه ».

وكتب جوزيف قصيفي في” الجمهورية”:اعتبرت أوساط عربية متابعة لتطورات الملف اللبناني، أنّ القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بضمّ مدني إلى لجنة «الميكانيزم »، هو السفير السابق لدى واشنطن المحامي سيمون كرم، بعد التشاور مع المسؤولين الكبار، ينبغي التعاطي معه بإيجابية، في هذه المرحلة العاصفة والدقيقة من تاريخ لبنان. وفي تقدير هذه الأوساط، أنّ القرار اللبناني أبعد شبح الاعتداء الإسرائيلي لأسابيع أو أشهر كافية، لكي يلتقط البلد أنفاسه 

وانقضاء فترة الأعياد من دون مفاجآت ذات طابع درامي. وربما يمهّد هذا الأمر لهدنة طويلة. وأشارت الأوساط العربية المتابعة، أنّ معلومات قد أفادت أنّ إسرائيل كانت تهيئ لعمل عسكري كبير في الأسبوع المقبل، لكنها فرملت هذا الأمر من دون أن تلغيه. وإنّ ما تمّ تسريبه من الأوساط القريبة من نتنياهو حول تفسيره لأبعاد القرار اللبناني، والإيحاء بأنّه خطوة على طريق التطبيع، هدفه الرئيس إلقاء الفتنة بين اللبنانيين، من خلال تشكيل لجنة من الموظفين الإسرائيليين الكبار للتفاوض، والحديث عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، والإشارة إلى منطقة إقتصادية خاصة أو حرّة في الجنوب، تسعى إليها واشنطن، نظراً للموقع الاستراتيجي المهمّ لهذه المنطقة على المتوسط.

إنّ القول سواء عن تمنٍ أو عن تشكيك، أنّ مهمة كرم هي في تهيئة الأرضية لكي يتقبّل لبنان سلاماً مفروضاً عليه، ليس في محله. المطلوب منه في منتهى الوضوح: الاضطلاع بالجانب القانوني، العمل على متابعة تنفيذ قرار وقف إطلاق النار لجهة انسحاب إسرائيل من المناطق التي تحتلها في جنوب لبنان، وإطلاق الأسرى ووقف العمليات العدائية، وصولاً إلى عودة المواطنين الذين هُجّروا قسراً تحت وطأة القصف الإسرائيلي، إلى بيوتهم في المدن والقرى، والبدء بإعمار ما تهدّم منها. إنّ ما تحقق هو الخطوة على طريق العشرة آلاف ميل، وما أقدم عليه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بتعيين السفير سيمون كرم للانضمام إلى لجنة «الميكانيزم » وتفويضه الملف القانوني والسياسي الذي حدّدت سقفه الدولة اللبنانية، هو »ضربة معلم » وجاء في التوقيت الصحيح.

وكتبت مرلين وهبة في” الجمهورية”: تدلّ المؤشرات المتسارعة، إلى أنّ واشنطن دخلت مرحلة جديدة من إدارة الملفَّين اللبناني والسوري، قائمة على ضبط الاندفاعة العسكرية الإسرائيلية، وفرضمقاربة أكثر توازناً، تمنع انفلات الجبهات نحو حرب واسعة. ويعكس ذلك تحوّلاًفي التفكير الاستراتيجي للإدارة الأميركية، التي باتت ترى أنّ التصعيد غيرالمنضبط قد يُقوّض مصالحها في الشرق الأوسط، ويمنح خصومها الإقليميِّينهامش حركة إضافياً، وعلى رأسهم إيران وروسيا. التطوّر الأبرز حصل على الجبهة اللبنانية، حيث عُيّن السفير سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني في لجنة الرقابة على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مقابل تعيين أوري رزنك ممثلاً عن مجلس الأمن القومي 

الإسرائيلي. هذه الخطوة تُعدّ اختراقاً ديبلوماسياً مهمّاً، لأنّها تُعيد قنوات التواصل العسكرية – ولو بحدّها الأدنى – إلى إطار منظّم، وتؤسِّس لآلية تمنع الانحدار السريع إلى مواجهة واسعة. وتحرص الدولة اللبنانية، بقيادة رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، على تجريد هذه الآلية من أي دلالة سياسية يمكن أن تُفسَّر كتطبيع. وأكّد سلام صراحة، أنّ ما يجري ليس محادثات سلام، بل التزاماً بإطار عسكري – تقني، لا يمسّ بالموقف الوطني الثابت بأنّ التطبيع رهين تسوية شاملة. ومع ذلك، فإنّ قبول بيروت بمفاوضات تحمل سمات سياسية ولو مواربة، يعكس إدراكاً لبنانياً بأنّ الانسداد قد يُصبح مكلفاً، وأنّ الخيارات أصبحت محصورة بين هدنة طويلة الأمد أو حرب يصعب احتواء تداعياتها. ويبرز هنا دور السفير كرم، المعروف بانتقاداته لـ «حزب الله»، وباقتناعه أنّ المسار الديبلوماسي هو الخيار الوحيد الواقعي في ظل ميزان القوى الحالي. هذا التوجّه تعزّز بالرسائل العربية السعودية والمصرية والقطرية – التي حضّت بيروت على الانخراط في مسار تفاوضي يُخفِّف التوتر، بالتوازي مع ضغوط أميركية واضحة عبّر عنها المبعوث السابق توم برّاك.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى