البابا يطلق نداء السلام: أنتم شعب لا يستسلم

وقد حض البابا اللبنانيين، على المضي بطريق السلام، مستهلاً زيارته إلى بيروت بعبارة «طوبى لفاعلي السلام». ودعا اللبنانيين إلى التحلي بـ«شجاعة» البقاء في بلدهم، الغارق في أزماته الاقتصادية والسياسية التي ضاعفت هجرة الشباب، مشدداً على أهمية «المصالحة» من أجل مستقبل مشترك، ومؤكداً أن فاعلي السلام «يجرأون على البقاء، حتى عندما يكلّفهم ذلك بعض التضحية».
وكتبت” النهار”: البابا لاوون الرابع عشر في لبنان، لم تكن سوى البشارة الأولى إلى أن “الوطن الرسالة” لا يزال يحتل الأولوية الاستثنائية لدى الفاتيكان والكرسي الرسولي، ولكن البابا الآتي للمرة الأولى إلى أرض لبنان فاجأ المنتظرين بأنه ذهب أعمق بكثير من مجرد الزيارة، ليوقظ في لبنان نبض اللبنانيين إلى القيامة وإلى الوحدة على اسم بلدهم الفذ. تحت القول المقدس “طوبى لفاعلي السلام” فعل البابا في أقل من ساعات من إطلالته الأولى في زيارة الأيام الثلاثة، فعل الإيمان الكبير بلبنان مطلقاً نداء الثقة فيه، بل أدهش متابعيه بأن حضّ اللبنانيين على الثقة الراسخة بقدرتهم المدهشة على النهوض دوماً.
ولعل المشهد الجامع “النادر” الذي كان في قصر بعبدا لدى استقبال البابا، شكل العلامة الأولى على اختراق الزيارة واقع لبنان المنهك والمتعب بانقساماته من جهة، والحروب وأنصاف الحروب والتهديدات بالحروب من جهة مقابلة، فاذا بالزيارة، وبالكلمة الأولى والإطلالة الأولى لفاعل السلام وناقل الثقة باللبنانيين على صناعة السلام، تحفّز اللبنانيين على أبعد مدى على مشهد عزَّ على أي جهة زمنية أو روحية، سياسية أو ديبلوماسية، أن تحققه.
شكلت إطلالة البابا في الساعات القليلة منذ وصوله إثباتاً راسخاً على توق اللبنانيين إلى لغة تخاطبهم بهذا الرقي وبهذه الثقة وبهذا الإيمان. وحتى لو تداخلت المصالح الداخلية المتناقضة في استقباله الحار، فإنه يكفي أن ينجح البابا في استقطاب مشهد وحدوي بالشكل الذي بدأ يتشكل أمس وينتظر أن يتواصل اليوم ويبلغ ذروته غداً في القداس الحاشد الكبير، لكي تغدو الزيارة رسالة كبيرة بدلالاتها ومضامينها ومراسمها وكل ما يحوطها برسم الدول كما برسم اللبنانيين، وأن تحدث الأثر المرجو والمأمول والمطلوب لوقف استباحة لبنان واستجرار الحروب والأزمات والكوارث إليه.
وكتبت” نداء الوطن”: أطلق البابا لاوون الرابع عشر أمس في مستهل زيارته التاريخية للبنان “نداء السلام” الذي تكررت كلمته 28 مرة في خطابه الأول من القصر الجمهوري في بعبدا. وانطوى هذا النداء الذي قصده الحبر الأعظم على رفض الحرب التي تُقرع طبولها وتهدد لبنان، وكأنه رسالة إلى من يعنيه الأمر في المنطقة والعالم مفادها، أن لبنان بلد يستحق السلام ما يتطلب تجنيبه وضعًا إقليميًا “معقدًا للغاية ومليئًا بالصراعات والغموض”، كما قال البابا في كلمته.
وذكرت أن حديث البابا عن السلام لا يترافق مع مبادرة لإحلال السلام بين لبنان وإسرائيل، بل أفكار ومحاولة للتحرك لتجنيب لبنان والمنطقة الحرب، فمنطق البابا هو إحلال السلام في لبنان والعالم، والأمور ستتابع بعد عودته إلى الفاتيكان حيث سيحتل الملف اللبناني حيزًا كبيرًا من اهتمامات الفاتيكان.
اضافت: أن الخلوة التي جمعت عون بالبابا ركز فيها رئيس الجمهورية على وضع لبنان بعد اتفاق 27 تشرين 2024، وشرح له الصعاب والمخاطر وسط استمرار الاعتداءات الإسرائيلية. وقدم الرئيس عون شرحًا مركزًا عن كل ما يحيط بالوضع اللبناني والمبادرات التي قدمها وآخرها استعداد لبنان للذهاب إلى التفاوض مع إسرائيل، وطلب مساعدة البابا لحماية لبنان ومنع تجدد الحرب. من جهته، أكد البابا متابعته القضية اللبنانية والعمل على صون البلد وحمايته.
بدوره، قدم رئيس مجلس النواب نبيه بري كتابًا للبابا عن خطى المسيح ومروره بالجنوب، وشرح الوضع العام وما يعيشه أهل الجنوب وسط استمرار الحرب وعدم تجاوب إسرائيل مع المبادرات وعدم احترامها الاتفافات. أما رئيس الحكومة نواف سلام فركز خلال لقائه البابا على الوضع العام والجهد المبذول لاستعادة لبنان مكانته والدولة حضورها.
وكتبت” الديار”: عرس وطني شهده لبنان يوم أمس، مع وصول قداسة البابا لاوون الرابع عشر الى بيروت قادما من تركيا، في أول زيارة خارجية له منذ انتخابه. فالتلاقي الوطني للترحيب بالضيف الكبير، ومشهد أهالي الضاحية المنكوبين يرفعون أعلام الفاتيكان، ويهللون للبابا على الطرقات، أرخى رجاء وأملا بأيام أفضل مقبلة، وان كانت الخشية من جولة حرب جديدة بعد مغادرته لا تزال قائمة ،في ظل التهديدات الاسرائيلية المتواصلة.
وبدت التحضيرات والاستعدادات لاستقبال البابا على قدر عال من الاحتراف، بحيث أنه ورغم الأمطار التي هطلت بكثافة منذ ساعات الصباح كما عند وصوله، الا أن المنظمين كانوا يتحسبون لسيناريو مماثل، ما أدى لتنقله وتجمع المواطنين لاستقباله بسلالة. ولعل المشهد الأكثر تعبيرا هو انجاز فرقة «هياكل بعلبك» رقصتها لاستقبال البابا عند المدخل الرئيسي لقصر بعبدا تحت الامطار، ما أثار بهجته خلال تنقله في السيارة البابوية التي رُشت بالأرز.
وكتبت” الانباء الكويتية”: ان اللقاء الثاني الذي سيجمع البابا مع رؤساء المرجعيات الإسلامية: مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، وشيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز د. سامي أبي المنى، ورئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ علي قدور في مقر السفارة البابوية في حريصا مساء اليوم الاثنين، جاء بطلب من تلك المرجعيات.
المشاورات والاتصالات المواكبة بين السفير البابوي باولو بورجيا من جهة والشيخ أبي المنى باسم الطوائف الإسلامية من جهة ثانية، أفضت إلى الاتفاق على اللقاء. وبحسب معلومات مصادر المرجعيات، تم صرف النظر عن وثيقة كانت ستقدم خلال اللقاء، والاستعاضة عنها بالكلام المباشر مع البابا والاستماع إلى رده.
واشارت المصادر إلى «اتفاق المرجعيات الإسلامية على تقديم هدايا خاصة من قبلها وبعضها «بماء الذهب»، ستكون تعبيرا عن تقديرها العميق للزيارة، التي خص بها البابا ليو الرابع عشر لبنان. وذلك في أول جولة خارجية بعد انتخابه على رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم».
وشددت المصادر على «ان المرجعيات ستشرح وجهة نظرها بخصوص واقع الطوائف ضمن الحاضنة الوطنية. كما ستطلب تعاون حاضرة الفاتيكان، فيما يتعلق بحاجة لبنان إلى الاستقرار والصمود، وان ينعم بالأمن والأمان». وأضافت: «الأهم من كل ذلك هو الدفع الجماعي للمرجعيات الدينية في كل المحافل، للوقوف بوجه الخطاب الديني المتطرف، الذي يسبب التباغض والتباعد. وكذلك إطلاق الدعوات للعمل على تحقيق نتائج على مستوى الحوار والانفتاح، وبناء جسور التواصل فيما بينها، انطلاقا من القيم والمبادئ التي ينبغي أن تشكل الأساس لتلاقي الاديان حولها، والبحث عن المساحات المشتركة الجامعة بيننا».
ورأت المصادر ان «لقاء ممثلي الطوائف الإسلامية في لبنان مع البابا في الفاتيكان في شهر سبتمبر الماضي، والرسائل المتبادلة التي حصلت، فعلت توجهات حاضرة الفاتيكان بخصوص الحوار وتعزيز الشراكة الإنسانية المطلوبة، وأهمية التطلع الجامع نحو تحقيق السلام المنشود».
كلمات
وكان البابا لاوون الرابع عشر اكد في كلمته الأولى خلال زيارته للبنان من قصر بعبدا، أنّه “لفرح كبير لنا أن نزور هذه الأرض حيث السلام هو أكثر من مجرّد كلمة بل أمنية ودعوة وعطيّة وورشة عمل مشرّعة دائمًا”. وتوجّه إلى اللبنانيّين قائلاً: “أنتم شعب لا يستسلم بل ينتصر أمام الصعاب ويعرف كيف يولد من جديد، وصمودكم علامة مميّزة لا يمكن الإستغناء عنها”، وشدد على أن “الإلتزام من أجل السلام لا يعرف الخوف أمام الإخفاقات المتكرّرة ولا يسمح للفشل أن يمنعه، وطالب السلام يقبل ويعانق الواقع القائم والسلام يتطلّب مثابرة من أجل حماية الحياة لتنبض من جديد”. ومظهراً ثقته باللبنانيين، توجّه اليهم قائلاً: “أنتم بلد متنوّع وجماعة متآلفة من جماعات تجمعكم لغة لا تقدّر بثمن ولغة رجاء سمحت لكم دائماً بأن تبدأوا من جديد”.
وقال للمواطنين: “عانيتم من أزمات اقتصاديّة ومن تشدّد وقمتم من جديد، وباستطاعة لبنان المفاخرة بالمجتمع المدني الغني بالكفاءات”. من هنا، أعرب عن “أمنيته بأن يتحدث اللبنانيون بلغة الرجاء القادرة على لمّ الشمل التي تجعل من كل المجموعات جماعة متناغمة والمنتشرون اللبنانيّون يحبّون وطنهم ويتضرعون من أجلكم وصانعو السلام يقومون بذلك من خلال سلوك طريق المصالحة”.
وشدّد على “أن ثقافة المصالحة تحتاج إلى اعتراف السلطات والمؤسسات بتقديم الخير العام”، لافتاً إلى “أن السلام في الواقع هو أكثر بكثير من التوازن الدائم والمهترئ بين الذين يعيشون منفصلين تحت سقف واحد”. واعتبر “أن السلام هو أن نعرف كيف يمكننا العيش معاً جنباً إلى جنب في سبيل مستقبل مشترك، وعندها يُحقق السلام تلك البحبوحة التي تدهشنا حينما تتخطى آفاقنا الحواجز والحدود”. وأشار إلى “أن فاعلي السلام يجرؤون على البقاء حتى لو كلفهم ذلك بعض التضحية”، مؤكداً أن “العودة إلى الوطن تتطلب شجاعة وبصيرة على الرغم من الظروف الصعبة”.
بدوره خاطب الرئيس عون البابا أمام الحشد السياسي والروحي والنقابي والإعلامي الكبير في بعبدا قائلأ: “أردتم أن يكون لبنان، أرض زيارتكم البابوية الأولى خارج روما. فجئتم إليه مباشرة من نيقيا، من أرض قانون الإيمان، في ذكراه الألف وسبعمئة لتؤكدوا مجدداً إيمانكم بنا. ولنجدد معاً إيماننا بالإنسان. جئتم إلى أرض الكنائس التي وصفتموها بالشهيدة لتزرعوا فينا الرجاء، ولنحولها شاهدة على القيامة. جئتم إلينا يا صاحب القداسة، لنقرأ في وجهكم المضيء، كلماتكم الرائعة في رسالتكم العامة الأخيرة، “لقد أحببتك” بأن لمس جرح مقهور على الأرض، هو كلمس جراح يسوع.
وفي أرضنا اليوم، وأرض منطقتنا، الكثير من القهر، والكثير من المتألمين. وجراحهم تنتظر لمستكم المباركة. وتتطلع إلى سماع وإسماع صوتكم العظيم الشجاع. صاحب القداسة، أبلغوا العالم عنا، بأننا لن نموت ولن نرحل ولن نيأس ولن نستسلم بل سنظل هنا، نستنشق الحرية، ونخترع الفرح ونحترف المحبة، ونعشق الابتكار، وننشد الحداثة، ونجترح كل يوم حياة أوفر.
أبلغوا العالم عنا، بأننا باقون مساحة اللقاء الوحيدة، في كل منطقتنا، وأكاد أقول في العالم كله. حيث يمكن لهذا الجمع أن يلتقي حول خليفة بطرس، ممثلين متفقين لكل أبناء ابراهيم، بكل معتقداتهم ومقدساتهم ومشتركاتهم”.
وفي تصريحات للصحافيين على متن طائرة أقلته من تركيا إلى لبنان، أكد البابا أن «الحل الوحيد للصراع المستمر منذ عقود بين «إسرائيل» والفلسطينيين، يجب أن يتضمن قيام دولة فلسطينية»، وقال:»نعلم جميعا أن «إسرائيل» لا تزال لا تقبل بهذا الحل حتى الآن، لكننا نراه الحل الوحيد». وتابع البابا «نحن أيضا أصدقاء «لإسرائيل»، ونسعى لأن نكون صوتا وسيطا بين الطرفين، لمساعدتهما على الاقتراب من حل يحقق العدالة للجميع».
ويبدأ البابا برنامجه اليوم الاثنين بزيارة وصلاة عند ضريح القديس شربل في دير مار مارون – عنايا ، على أن ينتقل للقاء مع الأساقفة والكهنة والمكرّسين والعاملين في الرعويات في مزار سيدة لبنان – حريصا. ويعقد بعد ذلك لقاء خاص مع البطاركة الكاثوليك في السفارة البابوية، من ثم لقاء مسكوني وحواري بين الأديان في ساحة الشهداء – بيروت . ويختتم برنامجه الاثنين بلقاء مع الشباب في ساحة الصرح البطريركي الماروني – بكركي.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook





