هدفٌ خفي وراء اغتيال طبطبائي.. لماذا سكنَ الضاحية؟

في الواقع، يُعتبر استهداف طبطبائي خلال اجتماع قياديّ، بمثابة جرس إنذارٍ لاستخبارات “حزب الله”، فيما الرسالة الواضحة من القصف تعني أنّ الثغرة التي كانت تلاحق طبطبائي يمكن أن تكون نفسها بالنسبة لقادة آخرين. لهذا السبب، وانطلاقاً من قاعدة الحماية، دخل “حزب الله” في بلبلة داخلية، وبات لزاماً عليه تغيير الخطط بشكل مستمر خصوصاً تلك المرتبطة بتنقل قادته وأماكن سكنهم، وبالأخصّ من هم في الصف الأول ضمن الحزب وعلى رأسهم أمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم.
لا يمثل استهداف طبطبائي إلا حلقة واحدة من انتقال إسرائيل نحو الاغتيال المُركّز مُجدداً، والهدف وراء ذلك يرتبطُ بأمرين، الأول وهو أنّ إسرائيل تريد خلط الأوراق داخل “الحزب” خصوصاً على صعيد فرملة عملية إحياء قدراته العسكرية والقتالية، فيما الأمر الثاني يرتبطُ بإزاحة إسرائيل لكل من يتمتع بالخبرة القتالية وله باعٌ طويل في العمل العسكري ضمن “حزب الله”.
ما يتضح هو أن إسرائيل تسعى لإحباط “الخبرات المتمرسة” داخل “الحزب”، الأمر الذي يجعلُ القادة الجُدد أمام مسؤولية صعبة، خصوصاً أن “القدرات التكتيكية” التي كان يتفرد بها طبطبائي هي التي جعلته يتقدّم بسرعة ضمن الهيكلية القيادية لـ”حزب الله” لاسيما بعد الحرب الأخيرة التي خاضها الأخير ضد إسرائيل عام 2024.
وضمنياً، فإن اغتيال طبطبائي الذي يعتبر جزءاً أساسياً من المجلس الجهادي في “حزب الله”، يمثل رسالة إلى آخرين معه وهي أن إسرائيل تراقبهم، في حين أن الخطر بتكرار سيناريو طبطبائي مع أي طرف آخر قد يكونُ وارداً، ولهذا السبب قد يستنفر “حزب الله” داخلياً لإحباط أي محاولة اغتيال جديدة قد تخلط الأوراق مُجدداً.
اليوم، فإن ما يسعى “حزب الله” إليه هو ترتيب بيته الداخلي أولاً، وتعيين رئيس أركانٍ بديل عن طبطبائي، وهو أمرٌ يجري العمل عليه على قاعدة أنَّ “الحزب” لديه نواب لكل قائد، وبالتالي لا فراغَ في المستوى القيادي إن حصل أي اغتيال. هذا الأمرُ محسوم لدى “حزب الله” ومعتمدٌ لديه لاسيما بعد الحرب، وبالتالي قد لا يدخل الحزب في فراغٍ على صعيد المسؤوليات، لكن المراقبة والخروقات والاغتيالات هي التي تنسفُ كل العمليات والخطط، وهنا يكمنُ الخطر الكبير.
لماذا مكث طبطبائي في الضاحية وليس خارجها؟
أول سؤال طُرح بعد حادثة اغتيال طبطبائي هو التالي: “لماذا كان موجودا في الضاحية الجنوبية؟ لماذا اختار البقاء فيها ولم ينتقل إلى مكان آخر أكثر أماناً بدلاً من التحصّن في مبنى سكني؟”.
تقول مصادر معنية بالشأن العسكري لـ”لبنان24″ إنّ وجود طبطبائي وغيره من قادة “حزب الله” في الضاحية الجنوبية لبيروت سببه تقني بالدرجة الأولى ويتصل بوجود شبكة اتصالات سلكية يصعبُ على “حزب الله” ابتداع مثلها في أي منطقة أخرى غير خاضعة لنفوذه.
في الواقع، فإنَّ كافة عناصر “حزب الله” لا يمكنهم استخدام الهواتف أو الأجهزة الالكترونية نظراً لخطورتها عليهم، في حين أن الخطوط الداخلية تعتبر أساسية للتواصل. ولهذا، فإن الوجود في الضاحية يعتبرُ ضرورياً من ناحية الاتصالات، كما أن تلك المنطقة تعتبرُ من أكثر المناطق التي يمكن للقادة أن يشعروا بالأمان فيها خصوصاً أنها تضم الدائرة الصغرى لـ”حزب الله”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook





