آخر الأخبارأخبار محلية

زيارة البابا إلى لبنان: هدوء ما قبل العاصفة؟

كتبت ناديا غصوب في”نداء الوطن”؛ تحوّلت زيارة البابا إلى لبنان إلى حدث سياسي بامتياز، يتجاوز بعدها الديني والرمزي. زيارة بابا الفاتيكان لأي دولة ليست تفصيلًا — بل هي استحقاق يحتاج إلى موافقات دولية، أمنية وسياسية، معقدة. الفاتيكان لا يُغامر بزيارة بلد يقف على حافة اشتعال وشيك، ولا يُرسل


Advertisement










رأس الكنيسة الكاثوليكية إلى منطقة في حالة اضطراب إلّا إذا كانت هناك تطمينات دولية واضحة بأن الوضع يمكن ضبطه. هذا منطق ثابت في السياسة الفاتيكانية، ومن المعروف أن أي زيارة من هذا النوع تحمل دائمًا “ضمانات أمنية” صامتة من قِبَل القوى الكبرى. وعلى الرغم من أن البابا الحالي أميركي الجنسية، إلّا أن الفاتيكان ليس ملحقًا سياسيًا بالبيت الأبيض، ولا يرتبط رؤساؤه بأيّ خط سياسي حزبي، لا مع ترامب ولا مع غيره.
الربط بين زيارة البابا وقرار حرب إسرائيلية شاملة ليس دقيقًا. لا يعني هذا أن الوضع مطمئن بالكامل. الجنوب يعيش منذ أشهر على توتر منخفض الوتيرة، مع عمليات قصف محدودة وغارات متفرّقة وسجال ناري لا يخرج عن إطار “الاشتباك المضبوط”.
قراءة المؤشرات الحالية تظهر أن سيناريو الحرب الشاملة ما زال الأقلّ احتمالًا. فإسرائيل ليست في وضع داخلي يسمح بفتح جبهة طويلة ومكلفة في لبنان، خصوصًا مع استمرار الضغوط الاقتصادية والاحتجاجات السياسية والانقسامات الحكومية.
في المقابل، لبنان المستفيد معنويًا من الزيارة، يجد نفسه أمام لحظة نادرة لاستعادة مكانته الرمزية — الدولة التي كانت تُعرف بـ “بلد الرسالة” قبل أن تتحوّل إلى “بلد الأزمات”. الزيارة، حتى لو بقيت رمزية، تمنح لبنان نافذة جديدة على المجتمع الدولي، وتعيد تأكيد ضرورة الحفاظ على استقراره الهش. قد لا تغيّر المعادلة العسكرية، لكنها تُعطي إشارة بأن العالم لم يطوِ الصفحة اللبنانية بعد.
في الخلاصة، زيارة البابا ليست مؤشر حرب ولا ضمانة سلام، بل محطة تُستخدم لقياس حرارة المناخ الإقليمي. إسرائيل لا تنتظر البابا لتشن حربًا، والفاتيكان لا يزور بلدًا على وشك الانفجار. ما بعد الزيارة سيبقى امتدادًا للمشهد نفسه: اشتباك مضبوط، ضغوط دبلوماسية، وحسابات إقليمية تُدار بالقطعة. وبين كلّ ذلك، يبقى اللبنانيون يعيشون بين الخوف والانتظار – يتطلعون إلى زيارة تُذكّر العالم بأن لبنان يستحق حياة طبيعية… لا ساحة صراع دائم.

وكتبت رشا أبو حيدر في” اللواء”:تأتي الزيارة المرتقبة للبابا إلى لبنان في لحظة سياسية وأمنية شديدة الحساسية، تاريخياً، شكّل الفاتيكان داعماً ثابتاً لفكرة لبنان بوصفه نموذجاً للتعايش بين مكوّناته الدينية. وتحمل الزيارة أيضاً بُعداً رمزياً يتمثل في إعادة تثبيت صورة لبنان كمساحة للتلاقي الروحي رغم الانهيارات والتهديدات المحيطة. وعلى الرغم من التهديدات الإسرائيلية، يحمل إصرار البابا على المجيء رسالة واضحة برفض تحويل لبنان إلى ساحة خاضعة لابتزاز أمني أو سياسي. ويقدّم الفاتيكان من خلال هذا الموقف إشارة مزدوجة:
• لإسرائيل: أن الضغط والتهديد لن ينجحا في فرض تراجع دولي عن دعم لبنان.
• للمجتمع الدولي: أن المنطقة لا يمكن تركها دون حضور معنوي وسياسي من القوى الروحية الكبرى.
كما يمكن قراءة الزيارة على أنها تحدٍّ لفكرة «الخطر المطلق»، إذ تسعى لتذكير الأطراف المتصارعة بأن للبنان مكانة محمية معنوياً، ولو رمزياً.
داخلياً، تأتي الزيارة في وقت يعيش فيه المسيحيون في لبنان هواجس حقيقية حول مستقبل دورهم السياسي والاجتماعي. وهي، وإن لم تكن موجهة إليهم فقط، تحمل لهم تطميناً بأن المجتمع الدولي لم يتخلَّ عنهم ولا عن الشراكة الوطنية التي تميّز النموذج اللبناني. وفي الوقت نفسه، يوجّه البابا رسالة إلى جميع الأطراف اللبنانية مفادها أن الاستقرار ليس خياراً فئوياً بل مسؤولية وطنية مشتركة، وهي الرسالة التي يكررها الفاتيكان عادة عندما يشعر بارتفاع منسوب الانقسام الداخلي. ولا يمكن فصل الزيارة عن حسابات المنطقة الأوسع. فبعد سنوات من صراع النفوذ بين القوى الإقليمية، يحرص الفاتيكان على الحضور لتذكير الجميع بأن لبنان ليس مساحة سائبة أو متروكة. وتأتي الزيارة في ظل مسار دولي يحاول تجنّب توسّع التوتر في المنطقة، ما يجعلها بمثابة عامل ضغط معنوي باتجاه التهدئة، وإشارة إلى أن استقرار لبنان جزء من استقرار الشرق الأوسط.

مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى