آخر الأخبارأخبار محلية

لمواجهة الأزمات.. متى تحلّ الإدارة المحلية مكان الخطة المركزية؟

أصبحت البلديات، في ظل الانهيار الشامل الذي يعيشه لبنان، تقف منذ سنوات في الخطوط الأمامية لمواجهة أزمات متراكمة تتجاوز قدراتها، من النفايات إلى المياه والكهرباء. ومع غياب خطة مركزية واضحة من الدولة، تحولت هذه السلطات المحلية إلى الجهة الوحيدة القادرة – ولو جزئياً – على تنظيم حياة المواطنين اليومية، في معركة مفتوحة مع العجز المالي والإداري.



Advertisement















منذ أزمة النفايات الكبرى عام 2015، لم ينجح لبنان في وضع سياسة وطنية مستدامة لإدارة القمامة. ومع تراكم الأزمة، لجأت البلديات إلى حلول محدودة وفق إمكاناتها. بعضها أنشأ مكبّات موقتة أو محطات فرز صغيرة بتمويل من منظمات دولية أو من مغتربين، فيما اعتمدت بلديات أخرى على الجمع اليدوي أو الحرق العشوائي رغم مخاطره البيئية والصحية. وفي المدن الكبرى، باتت الشوارع تغصّ بأكياس القمامة التي تنتظر دورها في النقل إلى مطامر مكتظة أصلاً. هذا التخبط جعل البلديات تتحرك بآليات “إطفاء الحرائق”، بدل العمل وفق خطط إدارة نفايات متكاملة.
أما أزمة المياه، فهي انعكاس مباشر لغياب الصيانة والاستثمار في الشبكات العامة. البلديات، خصوصاً في المناطق الريفية، اضطرت إلى حفر آبار خاصة لتأمين الحد الأدنى من المياه للسكان، أو لتوزيع المياه عبر الصهاريج. البعض نسّق مع منظمات غير حكومية لتركيب أنظمة طاقة شمسية لتشغيل المضخات، بعدما توقفت مؤسسات المياه الرسمية عن العمل المنتظم بسبب نقص الكهرباء والمازوت. ورغم هذه الجهود، تبقى نوعية المياه ومراقبتها شبه غائبتين، ما يهدد الصحة العامة ويزيد من مخاطر التلوث.
وفي ملف الكهرباء، باتت البلديات عاجزة عن التعويل على مؤسسة كهرباء لبنان، التي لا تؤمّن أكثر من ساعات قليلة من التغذية يومياً. ولجأت بعض البلديات إلى تركيب شبكات طاقة شمسية لتشغيل إنارتها العامة أو مضخات المياه، فيما تعاونت بلديات أخرى مع شركات محلية لتوزيع الكهرباء عبر المولدات بأسعار متفاوتة. لكن غياب الرقابة والتنظيم، إضافة إلى الكلفة الباهظة، يجعل هذه الحلول محدودة الأثر وغير عادلة بين المناطق.
ووفق ما أشار إليه الخبير الاقتصادي باتريك مارديني، فالخطة المركزية إن وجدت، لن تساعد على التعامل مع الأزمات هذه. هناك خطة سياسية للكهرباء وضعت ورقتها في العام 2010 أدّت إلى نتائج عكسية وكارثية، تمثلت بزيادة كلفة الدولة على الكهرباء وزادت أيضاً ساعات التقنين بدل من أن تنخفض.
وأكد عبر “لبنان 24” أن الخطط المركزية في لبنان أثبتت فشلها الذريع لمعالجة الأزمات. فعلى الرغم من وجود خطط خاصة بالمياه والكهرباء ، إلا أننا نرى الناس يشترون الصهاريج، ويلجأون الى المولدات على الرغم من ارتفاع اسعارها، فضلاً عن الخطط التي وضعت للنفايات، إلا أننا نرى حرقاً للقمامة أو رميها في الأماكن التي لا يجب أن تكون فيها.
وفي هذا الإطار، أشار مارديني إلى أن المشكلة الأساسية لا تكمن فقط في الخطط الفاشلة التي وضعتها الحكومات المتعاقبة، إلا أن الأخيرة عرقلت عمل البلديات، مشدداً على أن أي إصلاح يجب أن يسير بعكس هذا المسار.
وقال: “عندما يتمّ احتكار مؤسسة كهرباء لبنان لناحية الانتاج، تمّ بالتالي منع البلديات من أداء دورها ويجب بالتالي إعطاءها القدرة لجباية ضرائب محلية تحددها هي، ولكن الأهم هو أنه يجب على البلديات انتهاج نهج الاستثمارات”.
وهنا أوضح أنه يجب على الدولة وقف الاحتكار للسماح للبلديات بالخروج من اطار كهرباء الدولة مثلاً وتأمينها عن طريق انتاجها بنفسها أو شرائها من احدى الجهات.
في المحصلة، تلعب البلديات دور الدولة المصغّرة في ظل الانهيار المركزي. إلا أن قدراتها تبقى محدودة، وتعاني من ضعف التمويل، وغياب الدعم الفني، والتجاذبات السياسية..


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى