ماذا تقول الأرقام عن الدخول إلى لبنان والخروج منه؟

على مستوى تفاصيل العبور، يثبت المطار موقعه كبوابة رئيسية للبلاد، إذ سجّل 59,308 دخولًا و65,755 خروجًا خلال الفترة نفسها، بينما قادت منافذ المصنع والعريضة ومشاريع القاع الحركة البرية مع فروقاتٍ واضحة لصالح المغادرين. وتُظهر جداول التقرير تراجعًا متزامنًا عبر الوسائط الثلاثة، الجو والبر والبحر، ما يعكس تبدّلًا موسميًا بعد ذروة الصيف وبداية الخريف، إلى جانب تأثيرات سياقية أمنية واقتصادية لا تنفصل عن المشهد الإقليمي.
بالنسبة إلى اللبنانيين، تكشف الأرقام عن 41,131 دخولًا في مقابل 45,972 خروجًا خلال الأسبوع، مع انخفاضٍ في العائدين عبر الجو والبر بنسبة تقارب 22%، وتراجعٍ في المغادرين بنحو 19% مقارنة بالأسبوع السابق. والأهم في المسار التراكمي منذ 23 أيلول 2024 هو الفارق السلبي الذي يتجاوز 216 ألف حركة (2.33 مليون دخول مقابل 2.55 مليون خروج)، وهو فارقٌ يشي بميلٍ مستمرّ نحو السفر الطويل أو الهجرة، سواء لأسباب اقتصادية أو تعليمية أو مهنية. هذا الميل ليس طفرة ظرفية بقدر ما هو منحى ممتدّ ترصده البيانات الدورية على مدار عام كامل.
أما حركة السوريين، فتبقى محكومة بالبرّ إلى حدٍّ كبير؛ إذ تمّت 88% من الدخول عبر المعابر البرّية، مع تسجيل 33,304 دخولًا و42,131 خروجًا خلال الأسبوع المشمول بالتقرير. وتُظهر السلاسل الزمنية تراجعًا أسبوعيًا بنحو 21% للدخول و22% للخروج، فيما يسجّل المسار التراكمي منذ أيلول 2024 مفارقة أشدّ دلالة: 1.56 مليون دخول نظامي مقابل 2.17 مليون خروج (نظامي وغير نظامي)، بفارقٍ صافٍ يتجاوز 613 ألف حركة خروج.
تعكس هذه الفجوة ضغطًا متواصلًا على التنقّل بين البلدين، وتعيد وضع الحدود البرية في قلب معادلة إنسانية–أمنية حساسة.
في ما يخصّ الجنسيات الأخرى، تُظهر البيانات 29,364 دخولًا و31,324 خروجًا خلال الأسبوع، معظمها عبر المطار بنسبة 84% لكلٍّ من الدخول والخروج. وبانتهاء موسم الذروة، تتباطأ الحركة السياحية الطبيعية، لكن المسار التراكمي منذ أيلول 2024 يبقى متوازنًا نسبيًا: 1.55 مليون دخول مقابل 1.53 مليون خروج، بفارقٍ إيجابي طفيف لصالح الإقامة في لبنان، ما يوحي باستمرار جاذبية البلد لفئات محددة من الزائرين والعمّال والطلاب، رغم البيئة الاقتصادية الضاغطة.
تجدر الإشارة إلى وضعية نقاط العبور نفسها؛ إذ يُظهر التقرير خرائط الحالة التشغيلية للمعابر البرّية والبحرية والمطارات، بين عاملٍ بالكامل ومقيّد الوصول ومغلق وغير عامل. هذا التوزيع يُفسّر جانبًا من اختناقات الحركة، ويفرض على السياسات الحدودية مواكبة تشغيلية منتظمة لضمان إدارة التدفقات بكفاءة، خصوصًا في المعابر البرّية الرئيسية التي تتحمّل العبء الأكبر من حركة السوريين واللبنانيين على حدٍّ سواء، فيما تبقى الموانئ البحرية في خانة الحركة المحدودة للركّاب.
تبعًا لذلك، لا تبدو الأرقام مجرّد تسجيلٍ دوريّ للحركة بقدر ما تعكس مزاجًا اجتماعيًا–اقتصاديًا متقلّبًا. فالتراجع الأسبوعي يشي بعوامل موسمية، لكنه يتقاطع مع معطياتٍ أعمق: استمرار الميل الصافي لخروج اللبنانيين، ضغط العبور البرّي السوري، وتراجع السفر السياحي لغير اللبنانيين بعد الذروة. هذه الاتجاهات مجتمعةً تُحيل إلى أسئلةٍ حول إدارة الحدود، وتداعياتها على سوق العمل الداخلي، وعلى الخدمات العامة، وعلى الاقتصاد الذي يبحث عن استقرارٍ مفقود. ومع استمرار الظروف الإقليمية الراهنة، ستظلّ الحدود مرآةً حساسة لتحوّلات الداخل والخارج على حدٍّ سواء.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook
 
 




