التيار الوطني الحر يبحث عن حلول قبل الانتخابات

والواقع أن القوى التغييرية لا تملك أي استعداد للتقاطع معه، إذ تعتبر أن أي تحالف من هذا النوع سيفقدها صدقيتها أمام جمهورها، ويضعها في موقع التناقض مع شعاراتها الإصلاحية التي قامت عليها منذ العام 2019.
أما على الضفة المسيحية، فلا توجد رغبة من القوى الأساسية، سواء “القوات اللبنانية” أو “الكتائب” أو حتى الشخصيات المستقلة الوازنة، في فتح الباب أمام تفاهمات جديدة مع “التيار” أو رئيسه جبران باسيل. فالصورة التي ترسّخت لدى هذه القوى هي أن “التيار” في حالة تراجع مستمر، وأن أي تقاطع معه سيمنحه فرصة لاستعادة شرعية مسيحية فقدها تدريجياً بفعل مواقفه وتحالفاته السابقة. لذلك، ترى تلك القوى أن أفضل خيار هو ترك “التيار” يواجه وحده نتائج خياراته، من دون أن تُمدّ له أي يد إنقاذ.
وفي الوقت نفسه، يحاول “التيار” الظهور بمظهر الطرف القادر على التحرك المستقلّ، وعلى الانفتاح على أكثر من جهة، لكن الواقع السياسي يُظهر عكس ذلك. فحالة العزلة السياسية التي يعيشها لم تعد خافية على أحد، ومحاولاته استعادة الزخم الشعبي تصطدم بانعدام الثقة بينه وبين جزء واسع من القاعدة المسيحية، التي ترى أن الخطاب الإصلاحي ل”التيار” تحوّل إلى أداة لتبرير التسويات لا لتحقيق الإصلاح.
أما في الحسابات الانتخابية، فالواضح أن “التيار” لا يملك القدرة على خوض الانتخابات منفردا، فوضعه التنظيمي لم يعد كما كان سابقا ، وتحالفاته شبه مجمّدة، وحضوره الشعبي يحتاج إلى إعادة بناء حقيقية. من هنا، يبدو أن الخيار الوحيد المتاح أمامه هو إعادة التفاهم مع “حـزب الله”، ولو بشكل محدود ومشروط.
لكن حتى هذا الخيار لا يبدو مضموناً. فالحـزب لم يعد يرى في “التيار” شريكاً كاملاً كما في السابق، بل أقرب إلى حليف ظرفي يمكن التعامل معه وفق مبدأ المقايضة: مقعد مقابل مقعد، ودائرة مقابل دائرة. أي أن التحالف لن يكون شاملاً، بل “على القطعة” وفق مصالح انتخابية آنية، بعيداً عن الشراكة السياسية العميقة التي جمعتهما في مراحل سابقة.
بهذا المعنى، يقف “التيار” اليوم أمام مأزق سياسي حقيقي: لا حليف ثابتا، ولا قاعدة صلبة، ولا وضوح في الاتجاه المقبل. وكل ما يحاول فعله هو كسب الوقت في انتظار تبدّل الظروف، لكن المؤشرات حتى الآن لا توحي بأن الرياح ستجري بما يشتهي “التيار”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook





