صحة

دواء شائع للألم يُظهر خصائص مضادة للسرطان.. اليكم آخر ما كشفته الدراسات

أداة محتملة للوقاية من السرطان
وينتمي الإيبوبروفين إلى فئة الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهاب (NSAIDs)، التي تعمل عبر تثبيط إنزيمات تُعرف باسم “السيكلو أوكسيجينيز” (COX).

كما يؤدي الإنزيمان المعروفان باسم COX-1 وCOX-2، وظائف مختلفة في الجسم، فالأول يحمي بطانة المعدة ويساعد في تجلط الدم، أما الثاني فيحفز الالتهابات التي قد تساهم في تكوّن الخلايا السرطانية.

إلى ذلك، يحد الإيبوبروفين، من خلال تثبيط نشاط COX-2، من إنتاج مركبات “البروستاغلاندين” (Prostaglandins) التي تُغذي الالتهاب ونمو الخلايا غير الطبيعية.

وفي السياق، قال الباحث ستيفن ويذرز، أستاذ الكيمياء الحيوية بـ”جامعة كولومبيا البريطانية” في كندا: “الاكتشافات الجديدة تمنحنا رؤية أوضح حول كيفية تحسين
انخفاض خطر سرطان الرحم 25%
ووفقًا لدراسة أُجريت عام 2025 ضمن مشروع PLCO الأميركي (المعني بسرطانات البروستاتا والرئة والقولون والمبيض)، تم تحليل بيانات أكثر من 42 ألف امرأة تتراوح أعمارهن بين 55 و74 عامًا على مدى 12 عامًا.

فيما أظهرت النتائج أن النساء اللواتي تناولن ما لا يقل عن 30 قرصًا من الإيبوبروفين شهريًا كنّ أقل عرضة للإصابة بـ”سرطان بطانة الرحم” بنسبة 25% مقارنة بمن تناولن أقل من أربع جرعات شهرية. وكانت الفائدة الوقائية أكثر وضوحًا بين النساء اللواتي يعانين أمراض القلب.

يُذكر أن سرطان بطانة الرحم هو الأكثر شيوعًا بين سرطانات الرحم، ويصيب عادة النساء بعد سن اليأس. وترتبط عوامل خطره بالسمنة، وارتفاع مستويات هرمون الإستروجين، والعلاج الهرموني الأحادي بالإستروجين، إلى جانب السكري ومتلازمة تكيس المبايض.

التأثير لا يقتصر على الرحم
إلا أن الأدلة لم تتوقف عند هذا الحد. فبحسب دراسات إضافية، قد يمتد التأثير الوقائي للإيبوبروفين ليشمل سرطانات القولون والثدي والرئة والبروستاتا.

كما تبين أن المرضى الذين سبق إصابتهم بسرطان القولون وتناولوا الإيبوبروفين كانوا أقل عرضة لعودة الورم، كما أشارت أبحاث أخرى إلى احتمال أن يقلل الدواء خطر سرطان الرئة بين المدخنين.

ورجّح العلماء أن التأثير ناتج عن الحد من الالتهاب المزمن الذي يُعد سمة أساسية لتطور الأورام. فمن خلال تقليل مستويات البروستاغلاندينات، قد يبطئ الإيبوبروفين عملية نمو الورم أو يوقفها كليًا.

كما كشفت الأبحاث أن الدواء يؤثر على جينات مرتبطة بنمو الخلايا السرطانية، مما يجعل الخلايا أكثر حساسية للعلاج الكيميائي وأقل قدرة على مقاومة الأدوية.

نتائج متباينة وتحذيرات طبية
لكن رغم هذه النتائج المشجعة، فإن الصورة ليست مكتملة بعد. فبعض الدراسات أظهرت نتائج معاكسة، منها دراسة شملت أكثر من 7,700 مريضة ربطت بين استخدام الأسبرين بعد تشخيص سرطان الرحم وزيادة معدل الوفيات، خصوصًا لدى من استخدمنه قبل التشخيص. كما أن بعض الأدوية من نفس الفئة رفعت من مخاطر الوفاة المرتبطة بالسرطان في عينات محددة.

في المقابل، توصلت مراجعة علمية حديثة إلى أن الأسبرين قد يقلل خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطان، لكنه قد يرفع خطر الإصابة بسرطان الكلى عند الاستخدام المنتظم طويل الأمد.

وأكدت هذه النتائج المتضاربة، وفق الباحثين، أن العلاقة بين الالتهاب والمناعة والسرطان شديدة التعقيد ولا يمكن تفسيرها بمعزل عن عوامل أخرى مثل الوراثة ونمط الحياة.

في حين حذر الأطباء بشدة من تناول الإيبوبروفين بجرعات مرتفعة أو لفترات طويلة دون إشراف طبي. فالاستخدام المزمن يمكن أن يؤدي إلى مشكلات تشمل قرح المعدة ونزيف الجهاز الهضمي، وتلف الكلى، ومشكلات قلبية مثل الجلطات والسكتات، وتفاعلات دوائية خطيرة مع مميعات الدم وبعض مضادات الاكتئاب.

كما أكد الباحثون أن هذه الأدوية يجب أن تُستخدم فقط وفق وصفة طبية محددة، خاصة لدى المرضى الذين يعانون أمراض القلب أو الكلى.

الوقاية الأفضل: نمط حياة صحي
ورغم الإثارة التي أثارها هذا الاكتشاف، شدد الخبراء على أن أفضل وسيلة للوقاية من السرطان لا تزال تتمثل في أسلوب حياة متوازن، يعتمد بالأساس على تناول أطعمة غنية بمضادات الأكسدة والألياف، والحفاظ على وزن صحي، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والابتعاد عن التدخين والكحول. وختم الباحثون تقريرهم بالقول: “قد يكون في الأدوية اليومية التي نستخدمها مفاتيح لمعارك طبية أكبر مما نتصور، لكن حتى يحسم العلم الجدل، تبقى النصيحة الأهم: لا تتناول أي دواء على أمل الوقاية من السرطان دون استشارة الطبيب”.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى