تصعيد متدرّج في إجراءات الرقابة المالية.. واقفال حساب جمعية وتعاونوا

وفي بيانٍ للجمعية، قالت: «فوجئنا أخيراً بقيام شركة (Whish Money) بإغلاق حسابنا المخصص لجمع التبرعات، رغم تقديمنا كل المستندات المطلوبة لإعادة تفعيله، ما عرّض خططنا ومشاريعنا، خصوصاً في القرى الحدودية، لخطر التوقف».
وأضافت: «نأسف لأن يأتي هذا القرار ضمن سلسلة ممارسات تهدف إلى تعطيل جهود الإعمار ودعم الأهالي، من استهداف منشآت ومؤسسات، إلى إقفال حسابات الناشطين العاملين في الإغاثة».
وكتبت” الشرق الاوسط”:يمارس لبنان تصعيداً متدرّجاً في إجراءات الرقابة المالية التي تطول شركات تحويل الأموال والجمعيات المحلية، في سياق سياسة رسمية يُنظر إليها كجزء من مسار متكامل لتجفيف مصادر التمويل الموازي، وضمان امتثال البلاد لمعايير مجموعة العمل المالي (FATF) الدولية في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
مع العلم أن جمعية «وتعاونوا» التي تُعدّ من أبرز الهيئات المحسوبة على بيئة الحزب، تلقت تهديداً إسرائيلياً عبر اتصال هاتفي بقصف مكاتبها على طريق المطار في 27 سبتمبر (أيلول) 2024، يوم اغتيال إسرائيل الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله.
وكتبت” الاخبار”:وقف حساب جمعية «وتعاونوا» في Whish Money، يهدد مشاريعها لدعم العائلات الجنوبية، فيما تتماهى الدولة مع الضغوط الأميركية لعدم عودة الحياة إلى الجنوب
بحسب جمال شعيب، مدير العلاقات العامة والأنشطة في جمعية «وتعاونوا»، فإن ما قامت به الدولة بإقفال حساب الجمعية في Whish Money «أخطر ممّا يفعله العدو الإسرائيلي»، ليس فقط لأنه جاء طعناً في الخاصرة من القريب، بل لأن الجمعية التي صمدت أمام تهديدات العدو «تشعر اليوم بتهديد فعلي لاستمراريتها».
ويبرر شعيب الاعتماد الكبير على شركات تحويل الأموال، ولا سيما Whish Money، بأنها «الأسهل والأكثر تداولاً بين الناس، خصوصاً أننا نغطي حالات طارئة مثل إجراء عمليات جراحية مستعجلة، ولا يمكن جمع مبالغ مالية كبيرة في وقت قصير عبر الكاش». ويوضح أن غالبية المساهمين داخل لبنان من ذوي الدخل المحدود، وتُراوح تبرعاتهم غالباً بين 5 و10 دولارات، وممّن لا يمكن تكبيدهم عناء توصيل الأموال إلى الجمعية. أما المساهمون من الخارج فـ«عددهم قليل، ولا وسيلة أمامهم للتبرع سوى تحويل الأموال إلى حساب الجمعية».
ورغم استمرار «وتعاونوا» في استقبال التبرعات عبر حسابها لدى مؤسسة القرض الحسن (الرقم: 1-0-32-817)، يشير شعيب إلى أن هذا الخيار «لا يمكن اعتباره بديلاً كاملاً، لأنه موجه إلى فئة محدودة تمتلك حسابات في القرض أو تستطيع الوصول بسهولة إلى أقرب فرع له».
والجدير بالذكر أن «وتعاونوا» هي الجمعية الوحيدة التي تعمل بفعالية وانتشار واسع في الأراضي الجنوبية منذ وقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2024، من دون اعتبار للتهديدات الإسرائيلية أو لـ «زعل» الممول، كما هي الحال مع بقية الجمعيات التي انسحبت غالبيتها من الجنوب في أكثر الأوقات حاجةً إليها. واتُخذ القرار بقطع قنوات التمويل عن «وتعاونوا»، من دون أي تبرير أو إتاحة فرصة للدفاع عن النفس في وجه هذا القرار الجائر. وحتى إدارة Whish Money رفضت تسلّم المستندات الرسمية التي تثبت أنّ الجمعية تمتلك «العلم والخبر» منذ عام 2021، «وأبلغتنا بأن القرار اتُخذ ولا رجعة فيه، ولا داعي لإضاعة الوقت في مراجعته».
وبهذا تسقط الحجج التي قدّمتها Whish Money للناشط حسين صالح بأن إقفال حسابه «جاء لجمعه التبرعات في حساب غير موثق لهذه الغاية، ولغياب العلم والخبر وفقاً للتعميم الرقم 170 الصادر عن مصرف لبنان». وهي حجة بلا منطق، إذ إن «وتعاونوا» حائزة على العلم والخبر، فيما التعميم الرقم 170 مخصّص للمنظمات الخاضعة لعقوبات دولية، وليس للأفراد، خصوصاً إذا كان هؤلاء يقومون بمبادرات فردية وليسوا مدرجين على أي لائحة عقوبات.
تعميم وزير العدل
وكان برز خلال الأسبوع الماضي تعميم لوزير العدل عادل نصّار موجّه إلى الكتّاب العدل، يطلب منهم «التقيد الصارم بإجراءات التحقق من هوية الأطراف في جميع المعاملات ذات الطابع المالي، لا سيّما العقود التي تتضمّن تحويلات نقدية أو تبرعات أو تنازلات مالية»، مع التشديد على «وجوب التبليغ الفوري إلى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان عند أي شبهة حول مصدر الأموال أو الغاية من العملية».
وحسب مصادر قضائية تحدّثت إلى «الشرق الأوسط»، فإنّ «الهدف من هذا التعميم هو سدّ الثغرات القانونية التي استُخدمت في السنوات الأخيرة لتمرير أموال أو نقل ملكيات بطرق ملتوية، في ظلّ تصاعد الضغوط الدولية على لبنان للالتزام الكامل بمعايير الشفافية ومكافحة تمويل الإرهاب».
وتشير المصادر إلى أنّ تعميم نصّار يأتي «مكمّلاً لخطوات مصرف لبنان الذي شدّد الرقابة على مؤسسات الصيرفة والتحويل، ليشكّلا معاً شبكة رقابة مزدوجة بين القطاع المالي والجهات العدلية، تهدف إلى تتبّع حركة الأموال من لحظة تحويلها حتى توثيقها في العقود المدنية».
مصدر الخبر
للمزيد Facebook