إلغاء المجلس الأعلى: فرصة لتثبيت قواعد علاقة طبيعية مع سوريا

فالمعاهدة التي أُبرمت في ظلّ وجود عسكري سوري شامل على الأراضي اللبنانية أنشأت “المجلس الأعلى اللبناني-السوري” ليكون الإطار الناظم للعلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية بين البلدين. غير أن مضمونها العملي وضع لبنان في موقع التابع لا الشريك، إذ جعل قرارات المجلس “إلزامية ونافذة ضمن النظم الدستورية”، فباتت دمشق تمسك بالمؤسسات اللبنانية من الرئاسة إلى البرلمان مرورًا بالحكومة والأجهزة الأمنية. ومن خلال هذا المجلس، وما تفرّع عنه من اتفاقيات، جرى تثبيت النفوذ السوري في تفاصيل الحياة السياسية والإدارية اللبنانية، حتى صار القرار الوطني رهينة موافقة غير معلنة من النظام السوري.
صحيح أن التعليق لا يساوي الإلغاء من الناحية القانونية، إذ إن إلغاء المعاهدات يحتاج إلى مسار تشريعي في البلدين، غير أن القرار اكتسب بعدًا سياسيًا لافتًا مع إبلاغه رسميًا للجانب اللبناني، وتأكيد أن المراسلات المقبلة ستتمّ عبر القنوات الدبلوماسية فقط. وقد رحّبت الرئاسة اللبنانية بالخطوة واعتبرتها فرصة لإعادة تصحيح المسار، رغم أن المعاهدة وسلسلة الاتفاقيات المنبثقة عنها لا تزال قائمة قانونيًا. بهذا المعنى، يمثل تعليق المجلس إعلان وفاة متأخرة لمؤسّسة جسّدت لعقود جوهر الاحتلال السوري للبنان، وبداية تراجعٍ رسمي لآخر رموز مرحلة الاحتلال. وهو في الوقت نفسه، فرصة أمام الدولة اللبنانية لتثبيت قواعد علاقة طبيعية مع سوريا، قائمة على مبدأ الندية والاحترام المتبادل.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook