آخر الأخبارأخبار محلية

ماذا تريد إسرائيل من لبنان؟

ماذا أرادت أن تقول إسرائيل للبنان عندما استهدفت أكثر من 800 آلية بين جرافات وحفارات في عدد من المعارض في منطقة المصيلح؟ الجواب البديهي عن هذا التساؤل قد يأتي لاحقًا عندما تُعرف الدوافع الأميركية الحقيقية لوقف الحرب في غزة، ولكن الجواب المنتظر قد يأتي من تل أبيب مباشرة، وهي التي تريد أن تفهم اللبنانيين، وبالأخص البيئة الحاضنة لـ “الثنائي الشيعي”، أينما وجدوا، أن عين إسرائيل تراقب أي تحرّك في الداخل اللبناني قد يُشتمّ منه بأنه يشكّل خطرًا على أمنها، حتى ولو كان هذا التحرّك غير مرتبط بعمل عسكري أو أمني.

 

 

 وفي الاعتقاد أن استهداف إسرائيل لهذه الآليات كان الهدف منه إفهام الجميع بأن حجرًا واحدًا لن يُعاد بناؤه في قرى الحافة الأمامية قبل جلاء ما يمكن أن يقدم عليه الجيش في المنطقة الجغرافية الواقعة جنوب نهر الليطاني من خطوات متقدمة في مجال “حصرية السلاح”، ومن ضمن هذه البقعة الجغرافية بالطبع قرى الحافة الأمامية المحظّر على العناصر الحزبية دخولها أو التوجّه إليها بموجب مذكرات داخلية، وذلك خشية أن يكونوا عرضة للاستهداف.

 

أمّا الرسالة الأكثر وقاحة، والتي أرادت إسرائيل أن توصلها إلى لبنان الرسمي عمومًا وإلى “حزب الله” خصوصًا، فهي أن الغدر الإسرائيلي قادر على الوصول إلى أي منطقة لبنانية من دون أن يلقى أي مواجهة باستثناء بيانات الاستنكار والتنديد والشجب. ولكن هذه الاستهدافات ليست مقدّمة لما هو آتٍ بعد أن توقفّت آلة الموت والدمار في غزة، مع ما يرافق “هذا الآتي” من أسئلة كثيرة يطرحها المواطنون العاديون بالقدر ذاته التي يطرحها السياسيون. وهذه الأسئلة تتعلق حصرًا بما سبق أن تحدّث عنه السيناتور الأميركي ليندسي اغراهام في زيارته الأخيرة للبنان عن الخطة “باء” في حال لم يبادر “حزب الله” إلى تسليم سلاحه من تلقاء نفسه. والخطة “باء” من وجهة نظر أغراهام اليميني المتطرف تعني أمرًا واحدًا، وهو العودة إلى ما قبل 27 تشرين الثاني الماضي، مع ما يعنيه هذا الأمر من عودة القصف المدّمر ومن عودة تصفية قيادات الصف الأول من القيادات العسكرية في “المقاومة الإسلامية”، وتعني أيضًا عودة نزوح الأهالي من المناطق التي ستكون عرضة للاعتداءات الإسرائيلية.

 

لكن ما فات السيد ليندسي هو أن جو الإدارة الأميركية لا يعبّر تمامًا عن وجهة نظره، خصوصًا أن مّا يُهيأ للمنطقة من مشاريع إنمائية، وللبنان حصة أساسية من هذه المشاريع، ستكون بالنسبة إلى أميركا خطة “ألف” و”با” حتى آخر حروف الأبجدية. ولكي تستطيع الولايات المتحدة الأميركية الاستثمار في هذه المشاريع على المدى الطويل يجب أن تكون المنطقة مستقرّة وآمنة وغير معرّض أمنها للاهتزاز الموسمي.

 

وهذا الجو نقله إلى المسؤولين اللبنانيين بعض السياسيين العائدين من واشنطن بعد لقاءات عقدوها مع عدد من مسؤولي الإدارة الأميركية، وبالأخص المسؤولين المهتمين بوضع المنطقة وبوضع لبنان في شكل خاص. ومن بين الأمور الإيجابية التي تمّ نقلها بطلب أميركي إلى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بالتحديد أن واشنطن تبذل أقصى الجهد الممكن والمتاح لكي لا تعود عقارب الساعة اللبنانية إلى الوراء، وأن ما يحدث في غزة بعد عامين من المعاناة والعذاب سيُعمّم أيًّا تكن العقبات والعراقيل، وهي ظرفية وعابرة من وجهة نظر الأميركيين.

 

ولكن، وفي المقابل فإن ثمة أصواتًا في الحكومة الإسرائيلية تطالب بعكس الجو السائد في العاصمة الأميركية. وقد يكون اعتداء الأمس على منطقة المصيلح رسالة إسرائيلية مزدوجة الأهداف: واحدة مكتوبة بالنار والبارود والحديد والصواريخ، وأخرى إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يصل اليوم إلى مصر، حيث سيلقي كلمة يُعتقد أنها ستكون محطة في المسار التحوّلي في المنطقة، التي يجب أن تخرج من نفق الحروب مرّة أخيرة.

 

فالرسالة التي تريد أن توصلها تل أبيب إلى ترامب، وهو في طريقه إلى المنطقة، من خلال الاعتداء على المصيلح، هي أن تل أبيب لا تزال “سيدة” قراراتها في ما يتعلق بالوضع في لبنان، وأن خطوة التهدئة في غزة، على رغم أهميتها، ستبقى ناقصة ما لم يتمّ تحجيم دور “حزب الله”، مع ما لا يزال يشكّله من تهديد كياني ووجودي لإسرائيل.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى