البطريرك ميناسيان لـ لبنان24: نحن قلب مفتوح للتآخي والتعايش وهذا هو الموعد الرسمي لزيارة البابا الى لبنان

قلب منفتح
سئل: هل ستكرّس زيارة قداسة البابا لتركيا نهائيا المغفرة وفتح صفحة جديدة مع السلطات التركية؟
أجاب: الكنيسة هي قلب منفتح، لكن المهم ان يكون لدى الاشخاص من كل الجهات استعداد للتقارب والتآخي والتسامح المتبادل. هذه المسألة تتعلق بالدولة او بالكيان او بالشعب الذي يشعر بأن هناك شيئا خاطئا حصل في تاريخه. مثلا السيد المسيح صلب على ايدي الرومان بتهمة من اليهود ضد ابنهم، ولكن المسيح، على خشبة الصليب قال” أغفر لهم با ابتاه لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون”. وفي بعض الحياة المسيحية نرى ظواهر مماثلة. فزوجة الناشط الأميركي الراحل تشارلي كيرك، الذي قتل بالرصاص، تبكي: “إنني أسامح المتهم بقتل زوجي لان ربنا على الصليب سامح وانا بدوري اغفر لمن قتل زوجي”.
الاستشهاد المسيحي فخر ونعمة
سئل: صاحب الغبطة تحدثت عن تدخلات حصلت في موضوع التقديس، فهل اعتبرت السلطات التركية ان تقديس طوباوي شهيد يسيء الى تاريخ تركيا؟
أجاب: الشهيد سيعلن قديسا في الكنيسة الجامعة الرسولية لكل الكنيسة وليس لطائفة معينة. ولكن حتى نحن في الطائفة الارمنية لا نعتبر أنفسنا منفردين، بل ان الشهيد هو شهيد الشعب الارمني كله الذي لم يعان الاضطهادات في مرحلة واحدة، بل في كل الاوقات ولا تزال المعاناة مستمرة حتى اليوم. ولذلك نحن نعتبر انفسنا رسلا للشهادة للسيد المسيح، والاستشهاد في سبيل المخلص هو فخر ونعمة تعطى للشعب.
قوة للمستقبل
وردا على سؤال عن الواقع المسيحي في لبنان قال: اعتقد انه في لبنان هناك نهضة روحية، سواء في مجتمعات الشبيبة والعائلات وفي الكنيسة وصلواتها وتديّنها. نحن قلب مفتوح للتآخي وللتعايش وللمحبة المتبادلة الى درجة التضحية بكل حياتنا وجروحنا في سبيل الوحدة والتعايش والقيم الروحية. انا اعتبر ان لبنان ارض مقدسة، ومن الماضي حتى الحاضر والمستقبل، لدينا عدد كبير من القديسين والطوباويين الذين ساروا على هذه الارض، وهم في الوقت ذاته مدافعون عن الدين المسيحي وامناء على التضحية الكبيرة التي قدمها سيدنا يسوع المسيح لخلاصنا الابدي. من هذا المنطلق انا ارى الامور ايجابية في ما يتعلق بحياتنا الروحية في لبنان واعتبر انها لا تزال قوية ويمكنها ان تمنحنا آمالا وقوة للمستقبل رغم كل الصعوبات والحروب التي تحيط بنا.
الحضور المميز
سئل: لاحظنا في الفترة الاخيرة حضورا مميزا ولافتا للطائفة الارمنية الكاثوليكية تحديدا، وسلسلة مناسبات وطنية كرّست هذا الحضور. فهل تعتبر ان الطائفة الارمنية كانت في حاجة الى قديسين لاستنهاض ذاتها، ام ان العمل الدؤوب الذي قمتم به اوصل الى هذه المرحلة؟
أجاب: اعتبر ان المرحلة التي نعيشها هي تثبيت للحياة التي مر بها الشعب الارمني على مدى اجيال. فالطوباوي مالويان ستعلن قداسته بعد 120 سنة تقريبا على وقوع المذبحة الارمنية. فالاضطهادات لم تحصل فقط عام 1915، بل وقعت قبل، وهناك طوباوي ارمني آخر ستجري قريبا مراسم قداسته من قبل الكنيسة الجامعة الرسولية وقد استشهد عام 1721، وجرت مراسم تطويبه سنة 1920، مع القديس يوحنا بوسكو. هذه المسيرة هي تكميلية لبعضها البعض، من الماضي الى الحاضر، وقد تكون ايضا نهضة جديدة للحياة اليومية الني نعيشها وللمجتمع الجديد. انها ايضا أصلي لكي نبقى على تماسكنا وروحانيتنا وحياتنا المسيحية المتعلقة بمخلصنا يسوع المسيح.

لمستقبل أفضل
سئل: نلاحظ تركيزكم الدائم على الحضور المسيحي وكيفية انهاض المجتمع المسيحي. ما هي رؤيتكم لهذا الموضوع، وما هو المطلوب؟
أجاب: الوضع الذي نعيشه اليوم، ليس شيئا مقارنة مع مرحلة الجوع التي مر بها الشعب اللبناني منذ قرون، وبقي ثابتا على كيانه ووجوده وحياته وانتمائه وهويته. أنا على ثقة بأننا، على رغم المرحلة الراهنة التي نعيشها وصعوباتها، سنقوى ونكمل طريقنا لمستقبل أفضل.
المسيحي ثابت في أرضه
وعن تأثير الهجرة على الحضور المسيحي الاخذ في الانحسار قال: برأيي ليس هناك انحسار في الحضور المسيحي، لأنني مؤمن بأن هده المرحلة ستكون قصيرة، ولدينا خبرة من الحرب الاهلية التي مررنا بها، بأن الكثيرين ممن هاجروا عادوا الى الوطن، ومن تضطره الظروف للسفر، يبقي على منزله وممتلكاته، على أمل العودة. كل هذه الاشارات تثبت انه من الصعوبة بمكان على المسيحي ان يترك ارضه وهذه المنطقة.
سئل: نسمع انتقادات كثيرة عن تجاهل الكنائس المسيحية احتياجات المسيحيين، ومن المؤكد ان هذه الانتقادات تصل الى مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك. ما هو المطلوب؟
اجاب: اعلم ان هناك صعوبات كثيرة وتحديات على الصعيد التعليمي والمدارس، وفي المدارس الكاثوليكية بشكل خاص يبذل جهد كبير لتأمين أفضل نوعية تعليم واساتذة، ما يؤثر ايضا على الكلفة. ولكن هذا الامر لا يعني ان الكنيسة لا تساعد، بل هي نقوم بجهد، ولكن الحاجات كبيرة.
الخطوات الواثقة
سئل: في احدى العظات قلت صاحب الغبطة” ان حياتنا لا تطابق هويتنا في بعض الاحيان”. ماذا تقصد بهذا القول؟
أجاب: لا ازال اكرر هذا القول دائما، فهويتنا تتطلب منا ان نكون واثقين من خطواتنا، بينما نحن في بعض الاحيان لا نذكر ربنا الا في اوقات الصعاب، وعندما نريد ان نطلب منه شيئا، ولا نشكره بعد الحصول على النعمة. يجب ان تكون هويتنا المسيحية مكتملة الاوصاف لا ان نختار منها فقط ما يناسبنا ويحلو لنا. يجب أن نعود الى الجذور ونقدم على تجديد هويتنا ونسير بفخر وامتنان بنعمة ربنا. لذلك اقول انه في بعض الاحيان فان اعمالنا الاجتماعية او حياتنا لا تعبّر بالكامل عن هويتنا.
الشاطئ الامين
سئل: هل هذا الموضوع ينطبق فقط على الشعب ام على الاكليروس ايضا؟
أجاب: ما اقوله ينطبق على الجميع، لان الكنيسة جسم واحد يضم الشعب والاكليروس والرسل. جميعنا معنيون بهذا الامر، مع العلم ان ما يطلب من الاكليروس يجب ان يكونوا القدوة وما يطلب منهم أكبر بكثير مما يطلب من الشعب، والا لا نكون ننفذ دعوتنا ورسالتنا الكنسية وفي خدمة الشعب والسير به نحو الشاطئ الامين، المتجسّد بيسوع المسيح. جميعنا مخطئون تجاه ربنا، ولكننا نبذل جهدنا معا في سبيل الخروج من الحالة الضعيفة التي نعيشها.
وختم بالقول: نحن لدينا تاريخ عريق على هذه الارض ونشارك بفاعلية في الحياة الوطنية وفي الدولة والمجتمع. واملنا ان تكون هناك ايام أفضل من الايام التي نعيشها راهنا.

مصدر الخبر
للمزيد Facebook