تصعيد إسرائيلي يسابق الوقت: الحسم قبل نهاية 2025

Advertisement
بل إنّ بعض المحللين يعتقد أنّ إسرائيل قد تطالب بترتيبات تتجاوز الليطاني وتمتد حتى نهر الأولي وتشمل الأجزاء الجنوبية من البقاع، أي تلك المحاذية للمنطقة الأمنية التي ستنشأ في سوريا، وتكون محكومة بخصائص عسكرية وأمنية محددة. وعند تحقيق ذلك، يصبح الجنوب اللبناني أيضاً موزعاً على 3 مناطق أمنية.والأرجح أنّ هذا المخرج ستعمل مورغان أورتاغوس على تنفيذه، لأنّه في منظور الأميركيين يحقق الغاية الإسرائيلية بتوفير الأمن وإبعاد “حزب الله”، كما أنّه يحقق غاية لبنان بانسحاب إسرائيل الكامل من النقاط التي لا تزال تتمركز فيها ووقف عملياتها تماماً.ومن الواضح أنّ أورتاغوس سترتدي في جولتها الجديدة بزة العسكر وتواكب عمل “الميكانيزم” في الناقورة. وعن الجانب اللبناني ستتحدث كثيراً مع الجيش، ولكن لا مبرر للأحاديث مع السياسيين. فالهدف المباشر هو تنفيذ الجزء المتعلق بترتيبات جنوب الليطاني، كجزء من اتفاق تشرين الثاني. وهذه المهمّة تبدو مسهّلة لأنّ “حزب الله” يوافق عليها شرط عدم الضغط عليه للتخلّي عن سلاحه شمال الليطاني. وكذلك، تبدو إسرائيل، مرتاحة لها لأنّ”تنظيف” الجنوب حتى الليطاني هو أساس ضماناتها، وربما تطمح إلى ضمانات أخرى حتى الأولي. وأما سلاح “الحزب”المتبقي شمالاً في المستودعات، فهو تحت رقابتها الدائمة، ولم يعد يشكّل تهديداً حقيقياً لها. وتؤدي هذه الاستراتيجية إلى خلق منطقة أمنية جديدة في الجنوب اللبناني، يلاقيها الأميركيون باقتراح إقامة منطقة اقتصادية باسم دونالد ترامب في الجنوب أيضاً، ما يربط الأجندة الأمنية الإسرائيلية بالأجندة الاقتصادية الأميركية في شكل مثير للجدل.
والرغبة في الحسم العسكري لا تتوقف عند حدود لبنان وسوريا، بل تبلغ ذروتها في غزة، حيث تسعى إسرائيل إلى القضاء على أي دور ل “حماس” بعد هزيمتها عسكرياً، وهو ما يترافق مع تهجير مئات الآلاف من سكان القطاع بسبب غياب الإرادة لإعادة الإعمار وتفاقم الأزمات الإنسانية. وهذا المشهد المأسوي يتماشى أيضاً مع اقتراح سابق لدونالد ترامب بجعل غزة منطقة اقتصادية. والضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قادة الحركة في الدوحة، كان يُراد منها قطع الطريق على التسوية السياسية للمضي في الحرب حتى بلوغ الأهداف المرسومة. أما في الضفة الغربية، فمناخ الفوضى يوفر غطاءً لإسرائيل لكي تبتلع مزيداً من الأراضي. ويُخشى أن يتمّ استغلال أي عملية ضدّ إسرائيليين، كما حدث على جسر الملك حسين قبل يومين، لتحميل الفلسطينيين المسؤولية وتبرير التوسع الإسرائيلي. فضمّ غالبية أراضي الضفة هو هدف إسرائيلي معلن وقيد التنفيذ حالياً. يعني هذا أنّ إسرائيل ليست مستعجلة لإنجاح الخيار السياسي حالياً، أي السلام الشامل، وأنّها تفضّل تثبيت المناطق التي تريد ابتلاعها، والمناطق الأمنية والعازلة في لبنان وسوريا وغزة والضفة، بدل الانطلاق في المسارات السياسية. فالسلام الحقيقي سيفرض عليها تنازلات محرجة، أبرزها الاعتراف بدولة فلسطينية ذات وجود جغرافي فعلي، لا مجرد عنوان وهمي على الورق. وهي ليست مستعدة لمواجهة الموقف العربي، ولاسيما موقف المملكة العربية السعودية، المتمسك بحل الدولتين شرطاً للسلام الشامل. هذه الاستراتيجية الأمنية المكثفة، التي تريد إسرائيل تنفيذها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، تبدو خطوة نحو إعادة رسم جذري لخريطة المنطقة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook