حصر السلاح.. تحت ضغط التهديدات الإسرائيلية

إن الربط بين مساري النقاش الحكومي في بيروت والتصعيد الإسرائيلي في الجنوب يضع مجلس الوزراء أمام معادلة شديدة الحساسية. فإذا ذهب نحو إقرار خطة بمهلة زمنية للتنفيذ، سيتهم داخلياً بأنه يستجيب للضغط الخارجي. وإذا تبنى صيغة مفتوحة على مراحل، فسيبدو كأنه يعترف بعجزه عن ضبط السلاح. وفي الحالتين، يبقى القرار رهينة موازين القوى الإقليمية.
أكثر من ذلك، فإن غياب أي ضمانة أميركية بإلزام إسرائيل تطبيق وقف إطلاق النار يعزز حجج حزب الله الرافض للتخلي عن سلاحه. فالحزب يعتبر أن التجارب السابقة، من تفاهم نيسان وصولاً إلى القرار 1701، أثبتت أن إسرائيل تخرق التزاماتها متى شاءت. وبالتالي، فإن تسليم السلاح في ظل استمرار الاعتداءات ليس سوى وصفة لتكريس الهيمنة الإسرائيلية. ومن هذا المنطلق، أعطى الحزب وحركة أمل الرئيس عون فرصة لمعالجة ما يعتبرانه خطيئتي الخامس والسابع من آب، تمهيداً في مرحلة لاحقة للتراجع عن القرارين الصادرين.
وليس بعيداً عن ذلك، يدرك الجيش صعوبة الميدان. فخطته تتضمن إشارة صريحة إلى التحديات اللوجستية والمالية والمعلوماتية، وتربط التنفيذ بمراحل قد تمتد خمسة عشر شهراً، مع ترك القرار النهائي للسلطة السياسية. وهو بذلك ينقل النقاش من المستوى العسكري إلى المستوى السياسي – والدولي، حيث لا ترسم الخطوط الحمراء في بيروت وحدها، علماً أن الجلسة تأتي قبل وصول الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس وقائد المنطقة الوسطى الأميركية (CENTCOM) إلى بيروت لعقد اجتماعات مع قائد الجيش وقيادات أمنية أخرى وأعضاء اللجنة الخماسية لمراقبة وقف إطلاق النار (الميكانيزم)، وذلك لمواكبة خطة الجيش لجمع السلاح والوضع الجنوبي، والبحث في احتياجات الجيش ليتمكن من مواصلة مهامه.
في ضوء ذلك، يمكن القول، بحسب أوساط سياسية إن ملف السلاح لم يعد قضية سيادة داخلية فقط، بل ورقة في صراع أوسع يضم إسرائيل، سوريا، الولايات المتحدة، وإيران. ومن هنا، فإن التصعيد الإسرائيلي الأخير ليس مجرد ضغط عابر، بل هو رسالة واضحة للحكومة بأن أي خطوة في هذا الملف ستكون تحت مجهر القوة العسكرية الإسرائيلية، وأن ميزان الردع الميداني سيبقى محدداً أساسياً في مسار النقاشات اللبنانية. وبالتالي، فإن الجلسة الحالية، بحسب الأوساط، هي اختبار لمدى صمود الدولة أمام ضغوط إسرائيلية تسعى إلى إعادة رسم قواعد اللعبة على الحدود الجنوبية وأبعد من هذه الحدود.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook