هل تتجدد الحرب على لبنان؟

هذا الاستعجال ليس كافيًا لدفع إسرائيل نحو الحرب. فالحسابات السياسية والعسكرية في تل أبيب أكثر تعقيدًا مما يبدو. صحيح أنّ إسرائيل خرجت من المواجهة الأخيرة بقدرٍ من التفوق النسبي وحرية حركة أوسع، ولكنّ ذلك لا يعني أنّ خوض حرب جديدة سيكون بالضرورة في صالحها. في الداخل اللبناني، يحتدم النقاش حول مشروع «حصرية السلاح»، حيث يتصرف خصوم حزب الله على استغلال فرصة تاريخية للتخلص منه نهائياً. ويتهامس هؤلاء عما إذا كان العدو سيدعم هذه الجهود عبر القيام بخطوات ملموسة، مثل الانسحاب من النقاط الخمس المحتلة في الجنوب، أو وقف الاعتداءات المتكررة والاغتيالات والغارات الجوية؟ انطلاقاً من الاعتقاد بأن هذه الإجراءات تسحب الذرائع من يد الحزب وتمنح الحكومة قوة لفرض قرارها.
في مقابل الضغوط الإسرائيلية والداخلية، يبدو أنّ حزب الله يعتمد مقاربة جديدة لإعادة بناء معادلات الردع، تقوم على العودة إلى المجهول. فالحزب بات ممتنعًا عن الكلام العلني حول قدراته العسكرية، وتوقف عن استعراض نوعية السلاح أو الإعلان عن عمليات إعادة البناء، مفضّلًا الصمت والغموض على الإفصاح والتباهي.
اليوم، يبدو أنّ الحزب يسعى إلى استعادة الغموض البنّاء، إذ يتحول إلى أداة ردع بحد ذاته: فالتكتم على القدرات وخطط التعافي يعيد للحزب قدرة على المفاجأة، ويجعل إسرائيل عاجزة عن التقييم بدقة لحجم التهديد. ويعيد حزب الله صياغة ردعه عبر العودة إلى الغموض البنّاء: صمت مدروس يعيد إنتاج حالة الشك لدى العدو.
بين الاستعجال الإسرائيلي بالحسم خوفًا من تعافي حزب الله، والتريث المحكوم بالحسابات السياسية والعسكرية، يبقى قرار الحرب على لبنان معلقًا في دائرة المجهول. فتل أبيب ترى في كل يوم يمر فرصة ضائعة لإضعاف الحزب، ولكنها تدرك في الوقت نفسه أن أي مواجهة جديدة قد تعيد إطلاق الصواريخ على تل أبيب، وتُفشل سردية «النصر» التي يسوّقها نتنياهو.
هكذا، يقف لبنان على حافة مواجهة جديدة، في معادلة شديدة الحساسية: إسرائيل لا تثق بالوقت وتخشى المستقبل، وحزب الله يراهن على الزمن كسلاح سريّ بحد ذاته.
Sent from my iphone
مصدر الخبر
للمزيد Facebook





