اعتراضات على قانون استقلالية القضاء والحسم عند عون

بحسب المعلومات تبيّن أن القانون تضمّن أخطاء مادية في الصياغة والتوليف، عمدت دوائر السراي الحكومي إلى تصحيحها تفاديًا لإحراج رئيس الحكومة أمام توقيع قانون مليء بالأخطاء الشكلية. لكن ما يتجاوز هذه الأخطاء، برزت ثغرات جوهرية لا يمكن لدوائر السراي الحكومي معالجتها إلا عبر العودة إلى مجلس النواب، أبرزها إسناد تطبيق عقوبات إلى مواد قانونية لا تتضمن أصلاً أي نوع من العقوبات، ما يطرح إشكالية خطيرة على صعيد التطبيق الفعلي للقانون.
ومن أبرز الملاحظات المثارة على القانون ما ورد في المادة 42 الخاصة بالنيابة العامة التمييزية، والتي أُضيف إليها بند يتيح للنائب العام التمييزي الطلب من المحامين العامين أو النيابات العامة الاستئنافية وقف التحقيقات والإجراءات من دون أي مسوّغ قانوني. هذه الصلاحية، اعتبرها قضاة ومحامون مدخلًا واسعًا للتدخلات السياسية والضغوط على القضاء، بحيث تتيح للنائب العام المعيّن من قبل السلطة السياسية التحكّم بمصير دعاوى عامة حساسة، وصولًا إلى كفّ التعقبات في ملفات كبرى.
بالتوازي مع مطالبة الرئاسة الأولى بردّ القانون، علم أنه تم التحضير لطعنين سيقدمان أمام المجلس الدستوري فور نشر القانون في الجريدة الرسميّة: الأول من “التيار الوطني الحر” والثاني من مجموعة نواب “كلنا إرادة”. المخاوف هنا تكمن في أن يؤدي أي قرار للمجلس الدستوري بإبطال القانون إلى إعادته إلى نقطة الصفر، فيما يشكّل ردّ رئيس الجمهورية، إذا ترافق مع مطالعة قانونية مفصّلة، مخرجًا دستوريًا يسمح بإعادة النظر في المواد المطعون بها حصرًا.
أمام هذا المشهد، يبرز رهان واسع على موقف رئيس الجمهورية. فإما أن يختار مسار التوقيع بما يعني تثبيت النص الحالي بكل ما يحمله من ثغرات، أو أن يفعّل صلاحياته الدستورية فيردّ القانون ويضع ملاحظاته، فتُعاد مناقشة المواد المطعون بها، ويُكرّس بذلك مبدأ أن استقلالية القضاء لا يمكن أن تُبنى على نصوص ملتبسة أو صلاحيات استنسابية.
في الحالتين، تبقى معركة استقلال القضاء مفتوحة. فالمطالبة بسلطة قضائية فعلية، محصّنة من التدخلات السياسية والطائفية، لم تعد ترفاً، بل استحقاقًا وطنيًا يرتبط بصدقية الدولة ومؤسساتها، وبثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي على حد سواء.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook