آخر الأخبارأخبار محلية

الحديث عن حرب أهلية مجرد حكي صالونات

مَن هو المأزوم، ومَن هو المتضرّر من الموقف اللبناني، الذي يؤيّده حتى الآن أكثر من نصف الشعب اللبناني إن لم يكن أكثر؟ هل هو “حزب الله”، الذي عبّر عن رفضه لما اتخذه مجلس الوزراء على مرأى ومسمع وزيريه، ومعهم وزيرا حركة “أمل”؟ وهذا الرفض لم يقتصر على التعبير السياسي، بل تخطّاه إلى تحريك شارع “الموتوسيكلات” الجوّالة، في محاولة منه للضغط على الحكومة، ومَن وراءها، لتصحيح ما يمكن تصحيحه في ما اعتبره “خطأ مميتًا”. لكن “حزب الله”، يعرف أن “لعبة الشارع” هي من أخطر الوسائل، التي يمكن اللجوء إليها كوسيلة وحيدة لمخاطبة الرأي العام اللبناني والعربي والدولي المؤيّد والمرحّب بالقرار اللبناني، الذي وُصف بأنه قرار “جريء” و”تاريخي”، وهو القرار، الذي كان ينتظره العالم المناهض لسياسة “الحزب”.









فإذا كان “حزب الله” هو المأزوم أو المتضرر الوحيد من هكذا قرار فإن الآخرين، أيًّا تكن هويتهم يقفون اليوم موقف المتفرّج، أو بتعبير آخر موقف المنتظر لما ستؤول إليه التطورات. ومن يراجع بنود اتفاق وقف النار بين إسرائيل و”حزب الله”، الذي فوضّ أمره للرئيس نبيه بري، باعتباره “الأخ الأكبر”، يكتشف بما لا يقبل الشك بأن “حارة حريك” لم تكن لتوافق على ما تضمّنه هذا الاتفاق من احداثيات لو لم يكن مأزومًا عسكريًا كما هو اليوم مأزوم سياسيًا.

فإذا كانت التظاهرات المسيرّة في أغلب المناطق المؤيدّة لموقف “حزب الله” من حصر سلاحه في يد الدولة هي مجرّد “فشة خلق” فإن الوقت كفيل بأن يبرّد العقول . وهذا ما يجب أن تستوعبه الحكومة، التي أدّت الدور المطالبة بتأديته من قِبل المجتمع الدولي، وبالأخص من قِبل الولايات المتحدة الأميركية. فليس سهلًا على من كان يملك قرار السلم والحرب، ومن كانت له كلمة الفصل في كل شاردة وواردة، ومن كان في استطاعته أن يعطّل على مدى عقود أي قرار لا يتوافق مع مصلحته الاستراتيجية، وأن يُدخل البلاد في فراغ رئاسي ما لم يكن أول حرف من اسم الرئيس “ميشال عون”، وكذلك فعل قبل أن يُفرض عليه السير بالعماد جوزاف عون، أن تقول له بين ليلة وضحاها “انتهى دورك”، وما عليك سوى أن تسّلم سلاحك من تلقاء نفسك و”بطيبة خاطر” قبل أن يُنتزع منك بالقوة.

المسألة تحتاج إلى القليل من الوقت. وهنا يأتي دور الرئيس بري. هو وحده القادر على أن يلعب الدور المهدئ بالتعاون مع رئيس الجمهورية وجميع القوى، التي تسعى إلى الاّ يكون على الساحة الأمنية سوى الجيش والقوى العسكرية الأخرى التي يحقّ لها وحدها أن تحمل السلاح كما جاء في الفقرة الأولى من اتفاق وقف النار، الذي لا تزال إسرائيل تخرقه كل يوم، بل كل دقيقة.  

فالتعويل على الاتصالات القائمة بين القصر الجمهوري وقيادة “حزب الله” عبر “عين التينة”  كبير جدًّا. وهذه الاتصالات التي لم تتوقف، وإن في شكل غير مباشر، تصبّ في خانة المحاولات الحثيثة لاحتواء تداعيات قرارات الحكومة في شوارع البيئة الحاضنة لـ “الحزب”، والعودة إلى الحوار الهادئ وغير المتشنّج وغير الانفعالي الغرائزي، لحل الخلافات السياسية حول معالجة ملف السلاح وضمان عودة الوزراء الشيعة إلى الحكومة حتى لا يتعطل عملها، التي قالت عنه واشنطن بأنه لم يبدأ بعد، لأن المطلوب من الدولة اللبنانية إضافة إلى ما التزمت به لجهة قرار حصر السلاح في يدها الكثير من الخطوات الإصلاحية المكمّلة للخطوة الأولى، وهي خطوة تعتبرها الإدارة الأميركية أكثر من جيدة، ولكنها لا تكفي وحدها. فإذا لم تواكب هذه الخطوة خطوات إصلاحية سياسية واقتصادية ومالية فإن الوضع سيبقى على ما هو عليه الآن.
ومن الآن وحتى موعد تسلّم مجلس الوزراء خطة قيادة الجيش لتنفيذ قرار حصرية السلاح فإن الأنظار ستبقى شاخصة على ما يمكن أن تتخذه “حارة حريك” من خطوات يؤمل في الا تؤدي إلى ما يشبه نقطة اللاعودة إلى الوراء، وإلى عدم نسف الجسور، التي لا تزال قائمة، وإن بخيوط أوهى من خيوط العنكبوت، بينها وبين السلطة السياسية بشقيّها الرسمي والشعبي، وأن تبقى التحركّات الشعبية محصورة ضمن إطار “فشّة الخلق” ليس إلا، وألا يكون ما يُحكى عنه عن “حرب أهلية” جديدة مجرد “حكي صالونات”.
فما جاء في بيان جديد لقيادة الجيش يوحي لكثيرين بالثقة بالمستقبل، لأن الجيش “لن يسمح بأي إخلال بالأمن، أو مساس بالسلم الأهلي، أو قطع الطرقات، أو التعدي على الأملاك العامة والخاصة”. وما على اللبيب سوى أن يفهم من هذه الإشارة. ونقطة على السطر.

 


المصدر:
خاص لبنان24


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى