الجيش وحزب الله: تعزيز دور المؤسسة العسكرية وحفظ الاستقرار الداخلي

تنسيق، من دون إعلان رسمي، سمح بتوحيد الجهود، وشكّل في توقيته مؤشراً على نوع من “تفاهم” بين الطرفين، يقوم على التعاون في وجه التهديدات المشتركة مع المحافظة على حد ما من الاستقلالية. غير ان ذلك، لا ينفي حقيقة ان الجيش ، الذي يتلقى دعماً مباشراً من واشنطن ودول أوروبية، تشترط في أحيان كثيرة “ضمانات” بعدم استخدام هذا “الدعم في ظل استمرار سلاح حزب الله خارج سلطة الدولة”، ما وضع قيادته أمام معادلة دقيقة: الاستفادة من المساعدات وتطوير القدرات، من دون الانخراط في مواجهات داخلية مع الحزب. فالعسكر، وإن كانوا ملتزمين بالدستور وقرارات السلطة السياسية، إلا أنهم واعون لحساسية الواقع الطائفي، ولتوازنات القوى على الأرض، حيث لا يمكن إلغاء حزب الله عسكرياً أو سياسياً. في العمق، وفقا لمصادر واكبت العلاقة التاريخية مع القيادة الحالية للجيش، فان حارة حريك مرتاحة لوضع الملف في عهدة اليرزة، رغم رفضها لمسألة تحديد المهل، انطلاقا من مجموعة اعتبارات، ابرزها، ثقتها وعلاقتها الممتازة بالعماد رودولف هيكل وقيادته، ومدير مخابراته العميد طوني قهوجي، والتي بنيت على مدى السنوات الماضية.وتكشف المصادر ان العلاقة التي توطدت مع تسلم هيكل قيادة قطاع جنوب الليطاني، تحولت الى “شراكة” مع تسلمه مديرية العمليات في الجيش، حيث كان التنسيق بينه وبين مسؤولي الحزب على اعلى الدرجات، وفقا للعارفين، مشيرين الى اكثر من محطة برز فيها هذا التعاون، تحديدا خلال الحرب الاخيرة، فضلا عن “المواجهات” التي خاضها هيكل اكثر من مرة مع ضباط اميركيين وغربيين، في معرض دفاعه عن الحزب، ورفض تقييد حركته، وهو ما توجه في “امري اليوم” الصادرين عنه بمناسبة عيد المقاومة والتحرير وعيد الجيش. وتتابع المصادر بان الامر نفسه ينطبق على مدير المخابرات وفريقه، الذين وقفوا في وجه أكثر من محاولة للتضييق على الحزب، واحبطوا محاولات كثيرة لتطويقه و”لي ذراعه” عبر “مشاريع دعم” مشبوهة، ما ساهم بتعزيز هذه العلاقة، والتي بلغت حدود ترشيح قهوجي لقيادة اليرزة..
عليه، وفي ضوء التحديات الإقليمية المتسارعة والتطورات الداخلية الدقيقة، تبقى العلاقة بين الجيش وحزب الله أحد المفاتيح الأساسية لفهم التوازن اللبناني الهش. فبين واقعية أمنية تفرض تنسيقاً ميدانياً ضمن خطوط حمراء غير مكتوبة، وطموحات دولية تسعى لحصر السلاح بيد الدولة، تبرز الحاجة إلى تكريس هذه المقاربة، حيث تضمن تعزيز دور الجيش كمؤسسة سيادية مستقلة، وتحفظ في الوقت نفسه الاستقرار الداخلي في وجه أي اهتزاز.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook