الثنائي الشيعي يدرس القرار بشأن جلسة الخميس ويصوّب علىتخريب اتفاق

وانطلقت مشاورات بين عين التينة وحارة حريك لاتخاذ قرار بشأن جلسة الخميس من جهة، وكيفية الردّ على القرار الحكومي الصادر امس من جهة ثانية.
وكتبت” الاخبار”: أُعلِن النفير السياسي في القصر الجمهوري والسراي الحكومي وعين التينة وحارة حريك، حتى ساعة متأخرة ليل أول من أمس، بعدما أدّى تدخّل من رئيس الحكومة نواف سلام إلى تخريب اتفاق مع الرئيس جوزيف عون.
وفي التفاصيل، التقى رئيس الجمهورية مسؤولين من حزب الله بعيداً عن الإعلام، وفُتح باب التنسيق مع الرئيس نبيه بري، وكانَ هناك تأكيد من عون على أن الجلسة لن تكون استفزازية لأيّ طرف، وأن الأولوية لاتخاذ قرار بالتوافق، من دون تحديد مهل زمنية حتى لو تطلّب الأمر عقد جلسات عدة، ولا سيما في ظل تغيّب عدد من الوزراء وعدم حضور قائد الجيش رودولف هيكل.
ودفعت هذه الإشارات الإيجابية حزب الله وحركة أمل إلى المشاركة في الجلسة والانفتاح على أي طرح يأخذ مصلحة لبنان في الاعتبار. وسارت الأمور على نحو جيد، إلى أن حطّ سلام في بعبدا ليل أول من أمس، وأبلغ عون أنه مصرّ على مناقشة ورقة المبعوث الأميركي توماس برّاك والسير بها، ولا سيما وضع جدول زمني، وأبلغ سلام عون أنه عرضة لضغوط خارجية تهدّد لبنان.
في هذا الوقت، أرسل عون سائلاً الرئيس نبيه بري عمّا إذا كان بإمكانه الحضور ليلاً لمناقشة طرح رئيس الحكومة، إلا أن رئيس المجلس رفض الانضمام إلى الاجتماع، وقال إن «هناك اتفاقاً مع رئيس الجمهورية ولن نقبل بأي تعديلات تأخذ البلد إلى مشكل كبير».
بعد ذلك، زارَ المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل والوزير السابق محمد فنيش عين التينة، وناقشا مع الرئيس بري الموقف وكيفية التعامل مع أي محاولات للتفجير داخل الحكومة عبر فرض جدول زمني لتسليم السلاح، فاقترح رئيس المجلس الامتناع عن التصويت على أيّ قرار من هذا النوع، إلا أن الحزب فضّل خيار الانسحاب من الجلسة، والتلويح بالخروج نهائياً من الحكومة، وجرى الاتفاق على خيار الانسحاب.
قبل ظهر أمس، كانت الاتصالات تشي بإمكانية التوصّل إلى حل وسط. لكن، مع انعقاد الجلسة، بدا التوتر واضحاً، فطلب الرئيس عون تأجيل مناقشة بند حصرية السلاح إلى آخر الجلسة. لكنّ التشنّج لم يغادر أجواء القصر، خصوصاً مع إصرار البعض على التهويل، ولا سيما وزراء «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب الذين وصلوا إلى حدّ تأليف روايات وتسريبها عبر الإعلام بالحديث عن أجواء متوتّرة وصدامات كلامية داخل الجلسة بين الوزراء ومع رئيس الجمهورية، وهو ما لم يكن دقيقاً. أما أصحاب المنطقة الرمادية، أي عون والوزراء المحسوبون على وليد جنبلاط، فكانوا يحاذرون جرّهم إلى التصويت لتقويض موقفهم الوسطي بغية تفادي تعريض الاستقرار اللبناني لاختبار هو الأقسى منذ عام 2005 ودفع الأمور في اتجاه انقسام يطيح بالحكومة أو يشلّها.
ومع بدء النقاش، برز فجأة، وبموقف واحد، فريق وزاري يقوده سلام مع «القوات» والكتائب…وخاض معركة الوصول إلى قرار بشأن ورقة برّاك، وتجاوز ما طرحه الرئيس عون في رسالة عيد الجيش.
وقالت مصادر وزارية إن «سلام ووزراء القوات مارسوا ضغوطاً كبيرة على عكس ما كان مُتّفقاً عليه، وحوّلوا الجلسة إلى مكيدة قد تجرّ البلد إلى أزمة كبيرة»، مشيرة إلى أن «رئيس الجمهورية أيضاً خضع لهذه الضغوطات، إذ كانَ بإمكانه رفع الجلسة وتأجيل النقاش في البند في جلسة الخميس، لكنه لم يفعل».
ولفتت المصادر إلى أن الجو كانَ متشنّجاً، إلا أن الجلسة لم تشهد اشتباكاً عالي السقف، وقدّم الوزيران ركان ناصر الدين وتمارا الزين مقاربة هادئة، مصرّيْن على عدم تحديد جدول زمني. وقبل النقاش في الأمر، بادر وزراء «القوات» إلى إبلاغ الحاضرين بأنه في حال الامتناع عن الالتزام الكامل، فسيعلّقون مشاركتهم في الحكومة ويخرجون من الجلسة، وهو ما استعمله سلام لتكريس الوجهة، ما دفع ناصر الدين والزين إلى الانسحاب، بينما بقي الوزير فادي مكي الذي طلب تسجيل تحفّظه على القرار.
ووصفت المصادر رئيس الحكومة بأنه «بدا محكوماً بالخروج بقرار يرضي واشنطن والرياض، إلى حدّ أنه لم يقبل داخل الجلسة سوى بمناقشة ورقة برّاك التي ترفض الحديث عن أي مطلب لبناني»، ما دفع ناصر الدين إلى سؤاله حول سبب هذه السرعة التي يُتخذ فيها قرار بهذه الخطوة في ساعتين، كما وجّه إليه سؤالاً فيه: «ماذا نناقش الآن، هل هو مشروع اتفاق، أو هناك موافقة إسرائيلية على هذه الورقة، وهل هناك قرار أميركي بضمان تنفيذها من الجانب الإسرائيلي؟
ومن هي الجهة التي ستتحمل الاعتداءات الإسرائيلية وانكشاف لبنان أمام العدو الإسرائيلي واحتلاله لأراضٍ لبنانية؟». وكان هناك استغراب من الاستعجال ما دامت هناك جلسة يوم الخميس، خصوصاً أن الوزراء تعرّضوا لمحاولات حصار داخل الجلسة وطُلب إليهم اتخاذ قرار، فيما أكّد ناصر الدين والزين أنهما «لم يطّلعا على الورقة قبل جلسة مجلس الوزراء ويجب دراستها ثم استكمال البحث فيها في جلسة أخرى».
حتى تلك اللحظة، كانت توجيهات عين التينة وحارة حريك إلى الوزيرين بعدم مغادرة الجلسة، لكن بعدما أصرّ سلام على إقرار البند، طُلب إليهما المغادرة، بعد خمس ساعات ونصف ساعة من انعقادها، علماً أن الرئيس عون لم يكن مؤيّداً للصيغة، وقال داخل الجلسة إن الجيش لا يستطيع أن يسحب السلاح قبل نهاية العام، وفق المصادر.
وأكدت مصادر مقرّبة من حزب الله ل”البناء” أن الحزب لا يسعى إلى أي صدام داخلي، بل يتحرّك بوعي لضبط الشارع وتفادي الانزلاق نحو توترات تهدد الاستقرار الوطني. وتشير هذه المصادر إلى أن مواقف الأمين العام الشيخ نعيم قاسم الأخيرة، وإن بدت تصعيدية في لهجتها، جاءت في إطار الرد على الورقة الأميركيّة المتشددة التي ترافقت مع ضغوط خارجية كثيفة على المسؤولين اللبنانيين، وليس كمقدّمة لمواجهة داخليّة. وترى المصادر أن الحزب يتعامل مع المرحلة الراهنة بحذر بالغ، ملتزمًا بضبط النفس من جهة، ورافضًا في الوقت نفسه أي محاولة لفرض شروط خارجيّة أو المساس بمعادلة المقاومة التي تشكل جوهر موقفه السياسيّ. ويعكس الخطاب الأخير للشيخ قاسم هذا التوازن الدقيق بين التمسك بالثوابت الوطنية والسيادية، والسعي إلى تجنّب الانفجار الداخليّ، في لحظة إقليميّة حرجة تتطلب إدارة دقيقة للتحديات.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook