زياد الرحباني كما رآه الجيل الجديد: هل فهمه من لم يعش زمنه؟

وهكذا، يكتشف كثير من الشباب زياداً مجزوءاً: إما ملهمًا أو غامضًا، إما قريبًا أو طاردًا، وإما لا يكتشفون أي شيء حتى!
خلال تواجدي في الفترة الجامعية، خلال إحدى الحصص الدراسية، كانت مجموعة من الطلاب تتابع مقاطع للراحل زياد الرحباني.. حاولوا مشاهدة مسرحية “فيلم أميركي طويل”، لكن بعضهم توقف بعد 20 دقيقة.. “كان النص ثقيلاً، والرموز قديمة، والمونولوجات طويلة جدًا. لم نعرف عمّن يتكلم أو يسخر، وكأننا دخلنا في حفلة مغلقة لجيل لا يعرفنا”.
تكررت الشكوى من آخرين: لغة زياد تحتاج إلى “قاموس”، والخيبات التي يتحدث عنها سياسية وفكرية لا تشبه الإحباطات التي يعانيها جيل اليوم، الغارق في الديليفري والتيك توك والعملات المشفّرة والهجرة الرقمية.
في المقابل، هناك من يرى في زياد ملاذًا من ضجيج الحاضر. يحبون موسيقى زياد لأنه “ما كان عم يكتب أغاني… كان عم يحكي متلنا”، فبعض مقاطع الأغاني، خصوصًا تلك التي غنّاها بنفسه، تصف تمامًا المشاعر التائهة التي يشعر بها الشباب اليوم، “بس من دون ما يحكي عن السوشيال ميديا أو الذكاء الاصطناعي”.
ورغم الفارق الزمني، تُحدث بعض مقاطع زياد صدى لدى هذا الجيل، خاصةً تلك التي تتناول الحب المنكسر، الغربة في الوطن، والتشكيك في كل شيء.
وهنا يطرح السؤال نفسه: هل أخفق المجتمع في إيصال زياد إلى الجيل الجديد؟ أم أن زياد نفسه لم يُرد أن يُفهَم؟ هل كان فعلاً فنان الناس، أم فنان النخبة المتعبة؟
ربما الرحيل يفتح نافذة للعودة إليه. فكما يحدث مع كثير من الكبار، لا يُفهمون إلا بعد أن يختفوا. ومع التطور الرقمي وإمكانية أرشفة أعماله وتقديمها بسياقات مفهومة حديثًا، قد يجد الجيل الجديد في زياد أكثر من صوته المتهكم وأغانيه الحزينة.
قد لا يفهموه تمامًا، لكنهم قد يشعرون به… وهذا يكفي أحيانًا.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook