آخر الأخبارأخبار محلية

إنسداد الأفق أمام واشنطن في لبنان: بين المكاسب السياسية وعودة الحرب

تواجه الولايات المتحدة الأميركية اليوم انسدادًا واضحًا في الأفق السياسي في لبنان، على الرغم من التقدّم الذي حققته خلال الأشهر الماضية. فبعد الحرب التي خاضتها إسرائيل على الجبهة اللبنانية، بدا أن الانتصار العسكري النسبي الذي أحرزته إسـرائيل لم يُترجم إلى مكاسب سياسية استراتيجية حقيقية، أو على الأقل لم يتجاوز ما تم تحقيقه في الاشهر الاولى.

فعلى مستوى الداخل اللبناني، نجحت واشنطن عبر أدواتها في تحقيق نوع من السيطرة السياسية، وفرضت معادلة جديدة مكّنت حلفاءها من الإمساك بزمام السلطة بشكل شبه كامل. هذا التحول أعاد تشكيل موازين القوى الداخلية، وقلّص هامش حركة حــزب الله على المستوى الرسمي. ومع ذلك، يبقى هذا التقدم غير كافٍ من منظور إسـرائيلي، إذ إن بقاء الحزب كقوة منظمة ومتماسكة، ولو في ظروف ضعف مؤقت، يعني أنه قادر في أي وقت على استعادة زخمه، وتهديد الاستقرار الأمني عند الحدود.

أمام هذا الواقع، يأتي تدخل واشنطن في دائرة الخيارات الصعبة. فهي من جهة لا تستطيع منح إســرائيل الضوء الأخضر لتوسيع العمليات العسكرية، لأن ذلك قد يؤدي إلى تدمير السلطة اللبنانية التي تتحكم بها اليوم، ويُغرق البلاد في الفوضى، مما ينسف كل المكاسب السياسية التي جهدت لتحقيقها. ومن جهة أخرى، فإن التلويح مجددًا باستخدام الورقة السورية أو إحياء الضغط من الجبهة الشرقية قد ينعكس سلبًا على التوازن الطائفي والسياسي في لبنان، ويضرّ بحلفاء واشنطن أنفسهم، خصوصًا من الطوائف غير الشيعية التي تخشى أي نفوذ سوري متجدد.

هكذا، يبدو أن واشنطن دخلت في مأزق استراتيجي: لا يمكن لها التقدم نحو الحسم الكامل، ولا التراجع عن المكاسب. وهذا ما يفتح الباب أمام سيناريو “الستاتيكو”، أي حالة من الجمود، حيث تستمر التوترات عند حدود معينة، وتُدار الأزمات بدل حلّها، بانتظار تغير الظروف الإقليمية أو تبلور فرصة استراتيجية كبرى.

هذا الواقع يضع الولايات المتحدة في موقع احتوائي رغم السيطرة الحالية، ويفرض عليها البحث عن أدوات ضغط جديدة أكثر تعقيدًا وأقل كلفة، في ساحة لبنانية شديدة الهشاشة وسريعة الانقلاب.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى