واشنطن تطرح الفرصة الأخيرة

وقال براك في إطلالة تلفزيونية إن لا تهديدات توجَّه للبنان، لكن الفرصة للتغيير الآن، وإلا “فأخبرونا ولن نتدخل”. وأكد أن إدارة ترامب لا تتمتع بصبر طويل، مشيراً إلى أن نزع سلاح حزب الله والمليشيات مسألة لبنانية بدعم دولي إذا توفّر قرار سياسي واضح. وشدد على التزام الخليج بمساعدة لبنان ضمن اتفاق حقيقي بمهل زمنية واضحة. واعتبر أن ما حققه الجيش جنوبي الليطاني مهم، داعيا لسد الثغرات.
لم يأت براك إلى لبنان والذي التقى الرئيس العماد جوزاف عون ورئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نواف سلام ووزير الخارجية يوسف رجي وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، حاملاً عصا غليظة، بل عارضا فرصة. لكنه في الوقت ذاته، رفع الغطاء عن فكرة أن الوسيط الأميركي سيبقى على طاولة المفاوضات إلى الأبد. بلغة غير مألوفة، أرسل إنذارا مبطنا إذا لم ترغبوا في التغيير، فقط أخبرونا، ولن نتدخل.
هذا الخطاب يعكس حقيقة الموقف الأميركي من الملف اللبناني. فزمن إدارة الأزمات قد يكون ولى، وحل مكانه منطق الحسم: إما أن يكون لبنان دولة واحدة، بجيش واحد، وسلاح شرعي واحد، أو أن يتحمل نتائج خياراته.
رغم تأكيد براك أن حل سلاح”حزب الله” شأن لبناني، فإن المعادلة التي وضعها واضحة: الحزب مصنف أميركيا كمنظمة إرهابية، وأي عبث أمني مع واشنطن أو مصالحها سيقابل برد عنيف، كما أوضح الرئيس الأميركي دونالد ترامب سابقا. هذه ليست مجرد كلمات، بل رسم لمسار تفاوضي مغلق من جهة، ومفتوح من جهة أخرى: إذا أرادت الدولة اللبنانية السير في خيار التفكيك السلمي للسلاح خارج الشرعية، فستجد دعما واضحا، من واشنطن والخليج على السواء.
من النقاط اللافتة في حديث براك تأكيده، أن دول الخليج، وخصوصاً السعودية، لن تكون فقط “صرافًا سياسيًا”، بل شريكا في صياغة اتفاق حقيقي يقوم على جداول زمنية، نزع سلاح منظم، ودعم للمكوّن الشيعي الجنوبي ضمن الدولة.
هنا يكمن تحول مهم في المعادلة اللبنانية الخليجية. وتقول مصادر سياسية:لم تعد المساعدات مشروطة بإصلاحات اقتصادية فحسب، بل باتت مشروطة برؤية أمنية شاملة، تنهي منطق الدولة داخل الدولة، وتعيد تشكيل العلاقة بين المكوّن الشيعي والسلطة المركزية.
السؤال الجوهري اليوم، هل يمتلك لبنان القدرة السياسية والإرادة لتحقيق المطلوب منه؟
حتى الآن، لا شيء يوحي بذلك. فالمشهد الداخلي، بحسب المصادر، يراوح في حلقة مغلقة من الانقسام، حيث لا قرار يحسم، ولا ملف ينجز. الرد اللبناني على الورقة الأميركية لم يرفض كلياً، لكنه لم يرض واشنطن أيضاً. الموفد الأميركي أشاد بسرية الرد، لكنه لم يخف أن الوقت ينفد، وأن إدارة ترامب لا تتمتع بصبر غير محدود.
ما يجري اليوم في الكواليس الإقليمية يوحي بأن المنطقة كلها تعاد هيكلتها: من سوريا والعراق، إلى غزة. الكل يعيد تموضعه، والكل يفاوض، والكل يتنازل ليضمن مكانًا في الطور الجديد. وحده لبنان، بحسب المصادر، يكتفي بإدارة الفوضى، ويؤجل الأسئلة الكبرى، كأن الزمن لا يعنيه. لكن الزمن هذه المرة ليس في صالحه. واشنطن قالت كلمتها: لا تفاوض عبر الإعلام، ولا اتفاق من دون قرارات سيادية واضحة. ومن لا يريد التغيير، فليفصح، لأن الركب سيتجاوز المترددين.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook