حزب الله أمام اختبار تجنيبه لبنانَ المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية

ومع أن بري يبدي أمام زواره ارتياحه لموقفي عون وسلام، فإن أوساطه تؤكد انضباط الحزب في الحفاظ على الاستقرار في لبنان ووقوفه وراء المواقف الرئاسية، وتستبعد استدراجه للدخول في مواجهة غير محسوبة تغلب عليها الحماسة، ولن يكون لها من تأثير في مجريات المواجهة التي تُستخدم فيها كل أنواع الأسلحة المتطورة.
وتلفت مصادر نيابية إلى أن الحزب ليس مضطراً للدخول في مواجهة مفتوحة، حتى إشعار آخر، إلى جانب إيران، لن تبدّل من موازين القوى. وتسأل: ما الجدوى من أن يبدد ما تبقى لديه من مخزون صاروخي ولن يكون له من تأثير مقارنة مع استخدام إسرائيل أحدث ما لديها من طائرات حربية، في مقابل استخدام إيران صواريخ باليستية دقيقة ومسيّرات متطورة؟
وتؤكد المصادر النيابية لـ«الشرق الأوسط» أن أقصى ما يقدمه «حزب الله» لن يتعدى إدانته للعدوان الإسرائيلي وتضامنه مع إيران؛ لأنه لا قدرة له على الانخراط في الحرب التي هي كناية عن مواجهة نووية بالنار، وأن إسرائيل تخوضها بالوكالة عن الولايات المتحدة الأميركية لخفض سقف الشروط الإيرانية. وتضيف بأن لا خيار أمام الحزب سوى التمسك باستراتيجية الصبر والصمود بوقوفه خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي للضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب تمهيداً لتطبيق القرار 1701، وكان أول من أيد اتفاق وقف النار الذي توصل إليه بري مع الوسيط الأميركي آنذاك آموس هوكستين وترك للحكومة مهمة تطبيقه.
وترى المصادر أن الحزب بامتناعه عن الرد على الخروق والاعتداءات الإسرائيلية والتزامه بوقف النار الذي عطلت تل أبيب تنفيذه، يوفر الدعم للدور الذي يوليه لبري لتطبيق الاتفاق وهو يلتزم بضبط النفس، وإن كان موقفه هذا يسبب له إحراجاً بداخل حاضنته الشعبية بذريعة امتناعه عن الرد. وتسأل: هل يمكن للحزب أن يخرق امتناعه عن الرد على الاعتداءات الإسرائيلية بانخراطه إلى جانب إيران في مواجهتها لإسرائيل؟ وماذا سيقول لحاضنته في تبريره لتمايزه في موقفه لمصلحة طهران؟ وكيف سيواجه رد فعل خصومه؟
وتؤكد أن المزاج العام لعموم الشيعة في لبنان ينشد الاستقرار، وهو في حاجة لأن يلتقط أنفاسه ريثما يطمئن إلى وجود قرار لإعادة إعمار البلدات المدمرة، ولا يؤيد انضمام الحزب إلى جانب طهران في مواجهة سترتد سلباً على الداخل اللبناني، وترفع من منسوب موجات النزوح، وتزيد من حجم الدمار. وتقول إن الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان لا تسمح بتحميل الطائفة المنكوبة هذا الكم من الأكلاف البشرية والمادية، ويكفيها ما ارتد عليها من أثقال من جراء تفرد الحزب بقرار إسناده لغزة من دون العودة للدولة.
الحزب ربما أراد بعدم انخراطه في الحرب الدخول في مهادنة مع خصومه، وصولاً لتأسيس مرحلة سياسية جديدة على قاعدة تحييد لبنان عن المواجهة وتمايزه عن حليفه الاستراتيجي إيران بعدم التورط فيها لطمأنة بيئته بانفتاحه على الجهود لعودة الاستقرار إلى الجنوب، وتعبيد الطريق أمام بري لحوار شامل بخلاف الحوارات السابقة، يرعاه عون، وجدول أعماله حصرية السلاح بيد الدولة، وإطاره العام موقع الشيعة في الخريطة السياسية للبنان.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook