آخر الأخبارأخبار محلية

مغارة جعيتا تُغلق أبوابها.. كنز لبنان الطبيعي رهينة التخبط الإداري

من كان يتصور أن تُقفل مغارة جعيتا، درّة السياحة اللبنانية وأحد أبرز المعالم الطبيعية في الشرق الأوسط، لأشهر طويلة أمام الزوار؟ لكن ما يحصل اليوم ليس مجرّد حادث عابر، بل نتيجة سلسلة من الأخطاء والمماطلات في إدارة هذا المرفق الفريد، الذي تحوّل من أيقونة وطنية إلى ملف إداري عالق في دهاليز الروتين والفساد والقرارات المتسرعة.

المغارة، التي شكّلت على مدى عقود واجهة للبنان أمام العالم، أُغلقت منذ تشرين الثاني 2024 بعد وفاة مدير الشركة التي كانت تتولى تشغيلها. وبحسب مصادر قانونية تحدثت إلى “لبنان24″، فإن ما جرى منذ سنوات من قبيل تلزيمات “الأمر الواقع”.

والمفارقة أن وزارة السياحة السابقة، رغم التحديات، كانت قد بدأت فعلياً بالتحضير لتلزيم قانوني جديد للمغارة، واضعة الملف على سكّته الصحيحة بالتعاون مع هيئة الشراء العام، في محاولة لاسترداد هذا المرفق الحيوي إلى كنف الدولة وبما يليق بأهميته السياحية والبيئية. غير أن التأخير تفاقم مع انتهاء ولاية تلك الحكومة، لتتسلّم الحكومة الجديدة ملفاً معقداً ومفتوحاً على احتمالات الفوضى الإدارية.

مصادر وزارة السياحة أكّدت لـ”لبنان24″ أن العمل جارٍ “على قدم وساق” لإعادة تلزيم المغارة في الفترة الحالية، في مسعى لفتحها تزامناً مع الموسم السياحي الصيفي، وذلك عبر الاستعانة بخبرات لبنانية تعمل في مغاور أخرى. لكن مصادر قانونية حذّرت من الذهاب إلى “تشغيل بالتراضي”، مؤكدة أن المغارة “ليست مرفقاً عادياً”، بل موقع طبيعي استثنائي يحتاج إلى إدارة علمية دقيقة ومحترفة، ولا يمكن التعاطي معه كأي منشأة سياحية.

المغارة، التي تُعدّ قانوناً “ملك كل الناس والدولة اللبنانية”، وليست حكراً على أي جهة أو شركة، تشهد اليوم أكثر من ستة أشهر من المماطلة بسبب التأخر في إعداد دفتر الشروط، ما ينعكس خسائر مباشرة على خزينة الدولة، ويفوّت على لبنان موسماً سياحياً كان يمكن أن يُنشّط الاقتصاد ويعيد جزءاً من الأمل المفقود.

في بلد يئنّ تحت وطأة الانهيار المالي، وفي وقت يبحث فيه اللبنانيون عن أي فسحة أمل أو مصدر جذب سياحي يعيد بعض الحياة إلى اقتصاده المنهك، يُسجّل غياب القرار الحاسم عن إنقاذ مغارة جعيتا كخطيئة وطنية. هي ليست مجرّد مغارة، بل ذاكرة، وثروة، وهوية.

الكرة اليوم في ملعب وزارة السياحة وهيئة الشراء العام، فهل تُفتح الأبواب مجدداً هذا الصيف؟ أم تبقى جعيتا مغلقة على زوارها… ومفتوحة على مزيد من الخسارات؟

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى