جامعة الروح القدس – الكسليك تطلق الأكاديمية الدبلوماسية

شكّل الحفل مناسبة وطنية بارزة، جمعت نخبة من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والأكاديمية الرفيعة المستوى من لبنان والخارج، ما أضفى عليها طابعاً وطنياً ودولياً بارزاً، وعكس أهمية هذا الحدث في مسيرة إعداد دبلوماسيين محترفين ومتخصّصين في العلاقات الدولية.
استهل الحفل بالنشيد الوطني اللبناني، ثم كلمة لعريفة الحفل د. ليا يحشوشي. وألقى بعدها رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الأب الدكتور طلال هاشم كلمة أكد فيها “أن إطلاق هذه الأكاديمية يشكل محطة مفصلية في مسار الجامعة الأكاديمي والوطني، مستندًا إلى قناعة راسخة بأن “الحوار، والتفاهم، والتعاون، هي وحدها المسارات المستدامة نحو عالم أكثر سلامًا”.
وقال: “يسرّنا ويشرّفنا أن نستقبل في هذا الحدث الوطني والدولي حضور فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ممثلًا بمعالي وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي. حضوركم يؤكد أهمية هذه المبادرة ودورها في تعزيز موقع لبنان ضمن المشهد العالمي، ونحن ممتنون لهذا الدعم.”
وأشار إلى “أن الأكاديمية تأتي في توقيت بالغ الدقة، “حيث تتغلب لغة القوة في كثير من الأحيان على منطق الحوار والدبلوماسية”، مضيفًا: “اخترنا في الجامعة أن نكون فاعلين. هذه الأكاديمية ستكون مساحة مفتوحة للحوار، ومختبرًا لتشكيل ديناميات إقليمية مسؤولة، ومنصة لتكوين قادة يعملون على بناء الجسور بين الثقافات والرؤى”.
وشدد الأب هاشم على “أن من أهداف المبادرة كذلك تعزيز فهم أعمق للبنان في السياق العالمي، وإبراز تنوعه الغني وتطلعاته ودوره المحتمل في بناء نظام دولي أكثر تعاونًا وسلامًا”.
كما أعرب عن اعتزازه بحضور نخبة من الشخصيات الدبلوماسية التي تدعم هذا التوجه، معتبرًا “أن مشاركتكم في هذا الحدث تمنحه بعدًا أعمق، وتعطي معنى فعليًا للقيم التي تسعى الأكاديمية إلى ترسيخها””.
وختم قائلاً: “في عالم يزداد تعقيدًا وتشرذمًا، بات على الجامعات أن تأخذ دورها الحقيقي في إعداد قادة لا يهابون المواجهة الفكرية، ولا يتهربون من الاستماع، ويبحثون عن التوافق بدلًا من التصادم. الأكاديمية الدبلوماسية في جامعتنا هي تعبير صادق عن هذا الالتزام، واستثمار في جيل جديد من القادة الذين يتمتعون بالمرونة والوعي”.
ثم قدّمت نائبة رئيس الجامعة المفوضة للشؤون الدولية والمبادرات العالمية الدكتورة ريما مطر عرضاً شاملاً حول رؤية الأكاديمية وأهدافها وبرامجها.
وأكدت “أن تأسيس هذه الأكاديمية يُشكّل امتدادًا لمسيرة معرفية وإنسانية بدأت منذ القرن السادس عشر مع الرهبانية اللبنانية المارونية، التي وضعت المعرفة والحوار والسلام في صلب رسالتها”.
وأشارت إلى “أن الأكاديمية تنطلق في لحظة مفصلية يمر بها لبنان، ما يعزّز أهميتها كمنصة تدريبية واستراتيجية تُواكب التحديات وتُعدّ جيلًا جديدًا من الدبلوماسيين القادرين على الانخراط في الشأن الدولي برؤية شاملة واحترافية”.
ولفتت إلى “أن الأكاديمية تستجيب لأربع أولويات رئيسية: الحاجة الماسّة إلى تدريب دبلوماسي عالٍ الجودة، تعزيز الحضور اللبناني في المحافل الدولية، إشراك الشباب في القضايا الجيوسياسية والعلاقات الدولية، وخلق مساحة للحوار والتفكير الاستراتيجي في المنطقة”.
وأضافت: “تقدّم الأكاديمية برامج تدريبية عملية تجمع بين المحاكاة، ودراسات الحالة، والنقاشات، بمشاركة دبلوماسيين وخبراء وصحفيين، وذلك بفضل خبرة كليتي الحقوق والعلوم السياسية، والآداب والعلوم في الجامعة في المقاربات المتعدّدة التخصصات. وهي تستهدف جمهورًا وطنيًا ودوليًا من دبلوماسيين، طلاب، وصحفيين، وتقدّم: شهادة تنفيذية للمحترفين، دورات تحضيرية للامتحانات الدبلوماسية، ومؤتمرات وندوات تفاعلية.
وتحدثت الدكتورة مطر عن الدورات المرتقبة والأنشطة القادمة، وختمت بدعوة الحضور للمشاركة في البرامج والانخراط في الحوار الدولي الذي تسعى الأكاديمية إلى ترسيخه، مؤكدة “أن هذه المبادرة ليست فقط للتعليم، بل لبناء مستقبل دبلوماسي واعد للبنان والمنطقة”.
وألقى كلمة راعي الحفل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون، ممثله وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي. وقد استهلها بالقول: “لا تتوقف الإتيمولوجيا عن تزويدنا بمفاجآت ولا أجمل. منها ما هو متعلق بالمناسبة التي نلتقي من أجلها اليوم بالذات، أكاديمية دبلوماسية”.
وتوقّف عند البعد الرمزي واللغوي لمفردة “أكاديمية”، موضحًا أن أصلها يعود إلى موقع مسوّر بالأشجار في أثينا، حيث كان أفلاطون يلقي دروسه. وهناك معنى آخر مشتق من الكلمة اليونانية، يشير إلى “ورقة مطوية” تُمنح للسفر أو الانتقال، بما يشبه “الفيزا” أو “خارطة الطريق” بلغة اليوم.
وقال الرجي: “إن في هذا المعنى بعدًا عميقًا يوازي جوهر المناسبة، حيث تتجلى الأكاديمية كأداة للعبور من زمن الصراعات إلى عالم السلام”.
واعتبر أن إنشاء الأكاديمية الدبلوماسية في هذا المكان بالذات، بين الأشجار والأفكار، إنما هو فعل تسليم لذواتنا وللجيل الجديد “سمات دخول” إلى مستقبل عنوانه الحوار والسلام والسماح والخير والاستقرار.
وتابع: “ها نحن في جامعة الروح القدس. وما الروح القدس لاهوتيًا إلا الطريق إلى الله، الذي هو كمال السلام. وها نحن في لبنان. هذه الأرض التي صارت وطناً، نتيجة رحلة تاريخية طويلة متدرجة تراكمية، صوب الحرية والتعددية معًا، أي صوب المساواة والاختلاف في آن واحد. وعلاقة هذه الجامعة بالذات، مع هذا الوطن تحديداً، علاقة سببية عضوية اندماجية لا فكاك فيها. فلا لبنان بلا هذه القيم. ولا رسالة لهذه الجامعة بلا لبنان أو خارجه”.
وفي معرض تشخيصه للوضع اللبناني، قال الوزير رجّي: “قد يطول الكلام عن أزماتنا. كما عن أزمات منطقتنا والعالم. وقد تكثر النظريات والتنظيرات وآراء الحلول واحتمالات المخارج. لكن، منذ عقود طويلة، وحتى زمن بعيد آت، نجزم بأن لا استقرار في منطقتنا، بلا لبنان، كنموذج حياة مشتركة معاً، لكل أنا وكل آخر، بحرية وكرامة. ولا سلام في منطقتنا، من دون لبنان، كصيغة بلد، قد يظل 30 شهراً بلا رئيس، وقد تتعطل حكومته سنوات، وقد تتأجل انتخاباته البرلمانية عقداً كاملاً وأكثر، وقد ينهار اقتصاده ونقده ومصارفه، وقد يهاجر ثلث شعبه، وقد يجتاحه نزوح أو لجوء، ما يوازي نصف أهله، وقد يحسب كثيرون من داخله وخارجه أنه انتهى، ثم فجأة يضج العالم بأخبار انتخاباته البلدية لا غير، إشارة إلى أن ههنا شيئًا لا مثيل له ولا بديل عنه، وإيذانًا بأن القيامة قد قامت وأن الحجر قد دُحرج”.
وختم مؤكدًا: “ها نحن في زمن قيامة وفي لحظة انزياح الحجر. ها نحن في عهد جديد، هو عهد العبور صوب السلام. كل التهاني لكم، باسم رئيس الجمهورية، رمز العهد وتجسيده، مع كل التمنيات بالنجاح للأكاديمية الجديدة وللجامعة العريقة ولكل لبنان”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook