مصادر أميركية: اتفاق الهدنة ورقة لبنان الأقوى في المرحلة المقبلة

لقاء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مع الشرع، بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لم يكن حدثا عابراً بل هو مؤشر على تبدل في التموضع الأميركي داخل سوريا، حيث بات لواشنطن نفوذ نوعي وغير مسبوق في دمشق، تجاوز الإطار الأمني إلى شراكة اقتصادية تمتد إلى مجالات النفط والغاز. وهذه الشراكة تأتي على حساب تراجع النفوذ الإيراني، ما يكرّس تحوّل سوريا إلى نقطة ارتكاز أميركية في معادلة إقليمية جديدة.
ورغم أن هذا التحول لم يأت على شكل انقلاب سياسي مفاجئ، إلا أنه يعبّر، بحسب مصادر أميركية مطلعة على أجواء جولة ترامب الخليجية، عن إعادة تموضع استراتيجي يجعل من سوريا جسراً جغرافياً وسياسياً يربط بين تركيا والخليج العربي، والعلاقات الجيدة بين أنقرة والرياض تسهم في تسريع هذا التحول، بينما تراقب طهران وتل أبيب هذه التطورات بقلق بالغ، حيث بات واضحا أن الخاسر الأكبر في هذه المعادلة هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لم تعد تستشيره الإدارة الاميركية في ملفات أساسية تخص المنطقة.
ولعل اللافت أن الموقف الأميركي، بحسب هذه المصادر، بات يتعارض بشكل مباشر مع الأجندة الإسرائيلية التقليدية، التي لطالما دعت إلى تقسيم سوريا. وعلى العكس من ذلك، تؤكد واشنطن في المرحلة الحالية أهمية وحدة الأراضي السورية. وإذا ما تحقق سلام سوري – إسرائيلي في المستقبل، فإن الرغبة الإسرائيلية بتقسيم سوريا ستفقد مبرراتها، لا سيما وأن اهتمام تل أبيب بالأقليات مثل الأكراد والدروز قد ينتفي بعد انسحابها القسري من الساحة السورية التي دخلتها في الأشهر الماضية بفعل السياسة الأميركية الجديدة التي دفعت الشرع الى الانفتاح على اتفاقات أبراهام والتخلي عن الجولان.
وسط هذا المشهد الجديد في المنطقة فإن التحول النوعي في السياسة الأميركية الجديدة يتيح للسعودية زيادة نفوذها، فهي تسعى لاستقرار المنطقة واستطاعت، بشراكتها مع الولايات المتحدة، تهدئة التصعيد بين باكستان والهند وتمكنت من رفع العقوبات عن سوريا وتحاول انهاء كافة الصراعات للوصول الى تنمية مستدامة وهي تدعم المفاوضات الاميركية – الإيرانية.وهنا يتوقع مراقبون أن تثمر هذه المفاوضات اتفاقًا شاملًا قبل نهاية العام الأول من الولاية الرئاسية لترامب الذي يريد أن يضمن موافقة الكونغرس على هذا الاتفاق الذي من شأنه أن يكرس تسوية إقليمية شاملة.
أما لبنان، فيستعد لملاقاة هذا التحول الاستراتيجي. فالانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، المتوقع بعد إتمام الاتفاق الأميركي- الإيراني، سيفتح الباب، بحسب مصادر أميركية، أمام مرحلة جديدة في التعامل مع ملف سلاح حزب الله. ففي حين تم تدمير القسم الأكبر من السلاح الثقيل، يبقى السلاح المتوسط والصغير مسألة داخلية ستعالج ضمن حوار داخلي بين الحزب ورئيس الجمهورية. أما الشق الإقليمي من الملف، فهو جزء من التفاهمات المنتظرة، ضمن معادلة إقليمية أوسع.
وفي السياق نفسه، لا يمكن، بحسب هذه المصادر، تصور إعادة إعمار لبنان من دون تسوية سياسية شاملة تعيد صياغة دور حزب الله كحزب سياسي، بعيداً عن الطابع العسكري. وتشير المعطيات إلى أن الحزب بدأ بالفعل مراجعة داخلية عميقة لإعادة تقييم توجهاته، تحضيرا لما يبدو أنه “الحدث الأكبر” القادم.
وفي خضم هذه التحولات، يملك لبنان ورقة تفاوضية قوية تتمثل في اتفاق الهدنة، والتي قد تستخدمها واشنطن، بحسب مصادرها، لإلزام إسرائيل ببنودها كافة، بما يعزز الاستقرار الإقليمي ويؤسس لنظام أمني جديد في المشرق العربي.
وهذا الطرح كان بحثه رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي مع المعنيين ، حيث شدد على” أن الحل الأفضل لمعالجة الوضع القائم في الجنوب بسبب استمرار الإحتلال الإسرائيلي، يقضي بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة الموقع عام 1949، ونقاط الحدود اللبنانية الجنوبية، وعندها يصبح الإنسحاب الإسرائيلي تلقائياً الى ما وراء الحدود”.وشدد على أنَّ “هذا الأمر يتطلب ضمانات دولية أو أممية من أجل ضمان حصول استقرار طويل المدى على الحدود الجنوبية”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook