هل بدأ يتحقّق حلم الأمير الشاب؟

Advertisement
فالشرق الأوسط بالنسبة إلى الأمير الشاب هو “أوروبا الجديدة”، وهو هدف دائم لا يتوقف عند زمن أو عند محطة واحدة منفصلة عن محطات أخرى تشمل دول الخليج وسائر الدول العربية. وهذا الهدف لن يتحقّق إن لم يلازمه سلام شامل وعادل في المنطقة، التي تشهد زلزالًا غير مسبوق. وهذا السلام يقوم على معادلة ثابتة ودائمة سبق أن أطلقها العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود في قمة بيروت العربية، والقائمة على “حل الدولتين”، إضافة إلى رؤية السعودية 2030، التي لا تمثل فقط خطة لتحوّل جذري داخل المملكة، بل تحمل في طياتها وعداً بمستقبل مشرق للمنطقة العربية بأكملها. ووفقاً لهذه الرؤية فإن نجاح المملكة في الترجمة العملية لها سيسهم حتمًا في تحويل الشرق الأوسط إلى ما يشبه أوروبا الجديدة.
ولكن هذا الهدف لن يتحقّق ما لم يتحقق استقرار سياسي في المنطقة، بدءًا بما شهدته بعد سقوط نظام حزب البعث في سوريا بعد حكم دام ما يقارب الستين عامًا، وقبول إيران الجلوس إلى طاولة مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية من دون شروط مسبقة، وبعد “إعلان بكين” الذي أعاد العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران إلى ما يوازن بين الأيديولوجيات والمصالح المشتركة، وبعد إنهاء حال الشغور الرئاسي في لبنان وانتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا للجمهورية.
إلا أن الحرب الضروس التي شنتّها إسرائيل على قطاع غزة وحوّلته إلى أرض محروقة، واستهدافها لبنان وضرب البنى العسكرية لـ “حزب الله” وتدمير القرى الحدودية واستمرارها في ملاحقة القيادات الحزبية، وعدم التزامها باتفاق وقف إطلاق النار، قد عطّل ما كان يُخطّط للمنطقة وما يُرسم لها لكي تكون على غرار أوروبا، التي شهدت تحولات اجتماعية ضخمة بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك من خلال الانتقال إلى اقتصاد المعرفة، الذي من شأنه تحفيز الشباب على الابتكار والقيادة في المجالات التقنية الحديثة، مما يعزز من قدرة الشرق الأوسط على المشاركة في الاقتصاد العالمي المعرف، إضافة إلى الاستثمار في البنية التحتية والسياحة، وتحفيز الاستثمارات الدولية إلى المنطقة، مما يعزز من قدرة الشرق الأوسط على تأكيد نفسه كوجهة عالمية للنمو الاقتصادي والاجتماعي. فهذه العوامل سيساهم كثيرًا في بلورة رؤية شاملة لخلق منطقة متطورة ومزدهرة وقادرة على المنافسة على الساحة الدولية.
وهذه الرؤية كانت حاضرة في زيارة الرئيس ترامب للسعودية، وتجّلت في كلمته أمام منتدى الاستثمار السعودي – الأميركي في الرياض، حيث أعلن فيها أمورًا مهمة بالنسبة إلى مستقبل دول المنطقة، ومن بينها لبنان حيث أبدى الاستعداد لمساعدته على بناء مستقبل من التنمية الاقتصادية واقامة السلام مع جيرانه، و”كان بوسعنا تفادي البؤس في لبنان”.
وعن سوريا قال: “علينا جميعا أن نأمل أن تنجح الحكومة السورية الجديدة في تحقيق الاستقرار في البلاد، وقررت رفع العقوبات عن سوريا بعد مناقشة الامر مع ولي العهد السعودي، لمنحها فرصة”. واعتبر أن “الطريقة التي يجري التعامل بها مع سكان غزة لا مثيل لها، وأن شعب غزة يستحق مستقبلا أفضل”.
وقد لاقت كلمة ترامب وما ضمّنها من أفكار جديرة بالاهتمام ارتياحًا عربيًا واسعًا، وبالأخصّ لجهة استعداد الإدارة الأميركية على مساعدة لبنان لكي يعود إلى عافيته السابقة وإلى استقراره السياسي والاقتصادي والأمني، إضافة إلى ما يمكن أن يكون لخطوة رفع العقوبات عن سوريا من مفاعيل إيجابية على المنطقة بأسرها، وعلى لبنان في شكل أساسي، الذي يحتضن ما يقارب من مليون ونصف مليون نازح سوري على أرضيه، وما يشّكله هذا الوجود من عبء اقتصادي واجتماعي غير خافٍ على أحد. (للبحث صلة)
مصدر الخبر
للمزيد Facebook