الصراع الصيني الأمريكي في المحيط الهادئ يؤجج السباق إلى التسلح الإقليمي
نشرت في:
زادت وتيرة التجارب الصاروخية والإعلان عن صفقات شراء أسلحة هذا الأسبوع من درجة التوتر في منطقة المحيط الهادئ في ظل تصاعد الصراع بين القوى العظمى في هذه المنطقة من العالم. وجاء إعلان أستراليا عن شراء عدد من الغواصات الأمريكية العاملة بالطاقة النووية وكذلك صواريخ كروز وتوما هوك وتشكيل حلف دفاعي مع واشنطن ولندن ليفاقم حسب الخبراء من الوضع ويدفع باتجاه سباق تسلح إقليمي لا يكبحه كابح وذلك بذريعة الردع والردع المضاد في لعبة تجاذب القوى بين الصين وحلفائها والولايات المتحدة وحلفائها.
خلال 24 ساعة فقط هذا الأسبوع، أطلقت كوريا الشمالية مقذوفين من قطار، كما أجرت كوريا الجنوبية تجربة ناجحة على أول صاروخ بالستي يُطلق من غواصة، فيما أعلنت أستراليا عن صفقة غير مسبوقة لشراء غواصات أمريكية متطورة تعمل بالطاقة النووية وصواريخ كروز. تسلط كل هذا التجارب وصفقات شراء الأسلحة الضوء على سباق تسلح إقليمي في منطقة المحيط الهادئ تتسارع وتيرته مع تزايد التنافس بين الصين والولايات المتحدة.
يرى الأستاذ في جامعة يونسي جون ديلوري أن “هناك بعض الاندفاع على التسلح في منطقة الهندي والهادئ”، مضيفا “هناك شعور بأن الجميع يفعل ذلك”. اندفاع ملحوظ لكنه يؤشر إلى منطقة يتسارع فيها الإنفاق على أكثر الأسلحة حداثة، وفق خبراء.
للمزيد – كيف ترد الصين على اتفاق الغواصات الأمريكي الأسترالي؟
العام الماضي وحده أنفقت منطقتا آسيا وأوقيانيا أكثر من تريليون دولار أمريكي على جيوشها، بحسب أرقام “معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام”. وقالت المسؤولة في المعهد لوسي بيرد-سدورو “شاهدنا منحى تصاعديا خلال السنوات العشرين الماضية” معتبرة أن “آسيا هي فعلا المنطقة التي يلاحظ فيها المنحى التصاعدي أكثر” من أي مكان آخر. وتشير إلى ظروف مؤاتية لنمو اقتصادي سريع، يصب الأموال في صناديق الحكومة، وإلى تغير “مفاهيم التهديد” في المنطقة.
“ردع”
تمثل حصة الصين نصف المبالغ تلك، واستمر إنفاقها الدفاعي في الازدياد خلال 26 سنة خلت، ما حول جيشها (جيش التحرير الشعبي) إلى قوة قتالية حديثة. تنفق بكين حاليا على دفاعها نحو 252 مليار دولار سنويا، بارتفاع بنسبة 76 بالمئة منذ 2011، ما يتيح لها إبراز قوتها في أنحاء المنطقة وتحدي التفوق الأمريكي بشكل مباشر.
لكن الإنفاق الدفاعي يتزايد أيضا في أستراليا والهند واليابان وكوريا الجنوبية وأماكن أخرى. وبالنسبة لمايكل شوبريدج، المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية الأسترالية، ويعمل الآن لدى “المعهد الأسترالي للسياسات الإستراتيجية” فإن الإنفاق هو رد فعل مباشر على الصين.
يقول إن “التنافس العسكري الحقيقي هو بين الصين وشركاء آخرين يريدون ردع الصين عن استخدام القوة”. ثم يتابع “رد الفعل هذا تزايد وخصوصا منذ تولي شي (جينبينع) الرئاسة. من الواضح أنه مهتم باستخدام جميع القوة التي تكتسبها الصين بطريقة قسرية وعدوانية”.
قرابة 20 بالمئة من الإنفاق الدفاعي للمنطقة حاليا هو على المشتريات، وخصوصا شراء أصول بحرية وأسلحة ردع بعيدة المدى مصممة لإقناع بكين، أو أي خصم آخر، بأن تكلفة الهجوم باهظة جدا.
ويشير شوبريدرج إلى قرار أستراليا الخميس امتلاك ما لا يقل عن ثماني غواصات أمريكية تعمل بالدفع النووي وعدد غير محدد من صواريخ كروز طراز توماهوك. ويعتبر أن “الجميع يركز على رفع تكاليف الانخراط في نزاع عسكري بالنسبة للصين”. ويضيف أن حتى ما تنفقه كوريا الجنوبية “يجري بدافع من الصين وكذلك من كوريا الشمالية… لا يوجد تفسير لقرار (سيول بناء) حاملة طائرات بمعزل عن كوريا الشمالية”. وعلى غرار ذلك فإن “تحديث الهند لجيشها يدفعه بوضوح تنامي القوة العسكرية للصين” وفق المحلل.
أما الصين، المولعة بوصف علاقتها بالولايات المتحدة بأنها “تنافس بين قوى عظمى”، فإنها تتهم الولايات المتحدة بتأجيج سباق التسلح. وذكر مقال في صحيفة “غلوبال تايمز” الموالية للحكومة أن واشنطن “تستقطب بشكل هستيري نظام تحالفاتها”.
وإذا ما كانت الخشية من الصين هي القوة المحركة للإنفاق الدفاعي الإقليمي، فإن الولايات المتحدة تبدو سعيدة في تسريع العملية ومساعدة حلفائها الإقليميين في تعزيز قوتهم. وفيما كانت الصين واليابان بصدد “تسريع” برامجهما الدفاعية، كانت واشنطن بحسب ديلوري “تساعد وتحرض” حلفاءها “باسم ردع الصين”. وقال “لا نرى ضبطا للتسلح هنا، بل نرى العكس”.
فرانس24/ أ ف ب
مصدر الخبر