آخر الأخبارأخبار محلية

مشهدية انتخابية مكرّرة.. الكلّ رابحون فمن الخاسر؟!

مع انتهاء المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان، انتقل النقاش من السياق الذي جرت فيه الانتخابات، والمشاكل التنظيمية واللوجستية التي اعترت العملية الانتخابية، إلى النتائج التي أفرزتها، على صعيد مختلف البلديات والأقضية، لتبرز “مشهدية” باتت تتكرّر في كل الاستحقاقات تقريبًا، وهي خروج جميع الأطراف لإعلان “النصر”، من دون أن يُعثَر على “خاسر واحد” يتمتّع بروح رياضية.


Advertisement










 
هكذا، ضاع اللبنانيون أمس وهم يستمعون إلى التصريحات السياسية الصادرة عن قادة القوى السياسية التي يفترض أنها خاضت المعارك الكبرى في جبل لبنان، فرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل خرج في مؤتمر صحافي ليعلن أنّ نتائج انتخابات جبل لبنان دلّت على انتشار التيار في كل المحافظة، وأنّه لا يزال “القوة الأساسية” فيها، لافتًا إلى أنّ الأرقام تدل على تقدم التيار في أعضاء البلديات والمخاتير، “وبالتالي حضورنا الوازن في جبل لبنان”.
 
وبالموازاة، لوحظ إعلان تهليل خصوم “التيار” أيضًا لنتائج الانتخابات، فرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مثلاً قال إنّ نتائج الانتخابات “تبشّر بالخير”، مشيرًا إلى أنّ لبنان انتقل إلى مرحلة جديدة، بعدما نفض عنه جلدًا قديمًا أثخن جسده بالجراح على مدى ثلاثين سنة مضت، ومثله فعل رئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل الذي تحدّث عن “تغيير كبير” حصل في المتن تحديدًا، آملاً أن تكون هذه الانتخابات “بداية لنهضة لبنان”، على حدّ وصفه.
 
رابحون وخاسرون..
 
قد لا يكون منطق “الكل رابح” غريبًا عن لبنان، حيث اعتادت القوى السياسية أن تفصّل كلّ الأحداث “على قياسها”، لإقناع الرأي العام بأنّ كلّ شيء يسير في مصلحتها، لكنه قد يجد ضالته في الانتخابات البلدية تحديدًا، أكثر من أيّ استحقاق آخر، لأنّه في هذا الاستحقاق تحديدًا، “يختلط الحابل بالنابل”، إن جاز التعبير، والمقصود بذلك هو التداخل الذي يطبع هذه الانتخابات بين ما هو سياسي وما هو محلي وما هو عائلي وما هو تنموي، إلى آخره.
 
ولعلّ هذا التداخل هو الذي يساعد القوى السياسية، على اختلافها، وتناقضها أحيانًا، للقول إنّها “رابحة”، فهي يمكنها أن تتبنّى مثلاً خيارات العائلات، وتقول إنّها تعبّر عنها، ويمكنها أن تختار البلدات التي فاز فيها محسوبون عليها، للقول إنّها ثبّتت وجودها، ويمكنها اعتبار مجرّد حصول “التغيير” في بعض المجالس البلدية مؤشّرًا على رغبة عامة بالتغيير، وكلّ هذه الأمور للمفارقة وردت في تعليقات القوى السياسية على نتائج الانتخابات.
 
لكن، وفق المنطق نفسه، يمكن القول إنّ “الكلّ خاسر” أيضًا، فالتحالفات الانتخابية وحدها تؤشّر في مكان ما إلى هروب القوى السياسية وربما قفزها إلى الأمام، ولا سيما مع “تناقضها” بين منطقة وأخرى، وأحيانًا داخل المنطقة الواحدة، علمًا أنّ العدد الكبير من المجالس البلدية والاختيارية، يتيح لكل طرف “الفوز”، عبر اختيار بعض الأرقام دون غيرها، للوصول إلى الخلاصات التي تناسبه، وتصوّره منتصرًا.
 
نتائج “لا يبنى عليها”
 
في كلّ الأحوال، ثمّة سؤال كبير طُرِح في الساعات الأخيرة، ربما بالنظر إلى توقيت الانتخابات البلدية الذي يأتي قبل عام من انتخابات نيابية ستشكّل الشغل الشاغل لجميع القوى السياسية، وهو حول ما إذا كانت نتائج الاستحقاق البلدي يمكن أن تعطي “مؤشّرًا” لما ستكون عليه نتائج الانتخابات النيابية العام المقبل، أو ربما يمكن اعتبارها “بروفا” لرسم معالم هذه الانتخابات، بما في ذلك التحالفات التي يمكن أن تخاض على أساسها.
 
حتى الآن، الإجابة الأكثر واقعية تبقى أنّ “لا رابط” بين الاستحقاقين، وأنّ نتائج الانتخابات البلدية “لا يبنى عليها” في الاستحقاق النيابي المنتظر، للكثير من الاعتبارات والأسباب، أولها أنّ ما يسري على الانتخابات البلدية لا يسري بالضرورة على الانتخابات النيابية، خصوصًا على مستوى الطابع السياسي، وثانيها أنّ التحالفات لن تكون نفسها بطبيعة الحال، حتى لو أنّ مصطلح “التحالف الانتخابي”، بمعنى غير المبدئي، ولد في الاستحقاق النيابي.
 
ولعل الأهم من ذلك على خطّ “الفوارق” يبقى أنّ النظام الأكثري الذي يحكم الانتخابات البلدية، له اعتباراته المختلفة جذريًا عن النظام النسبي المعتمد في الانتخابات النيابية، ولذلك فإنّه لا يمكن البناء على نتائج الانتخابات البلدية لتوقّع نتائج مماثلة على المستوى النيابية، ولو أنّ بعض القوى السياسية يمكن أن تستفيد من هذا الاستحقاق لجسّ نبض الشارع، وبالتالي محاولة معالجة الثغرات، إن وُجدت، قبل أن يحين موعد الانتخابات النيابية.
 
صحيح أنّ الصورة لم تكتمل بعد، وهي لا تزال تنتظر سائر الجولات الانتخابية، خصوصًا في الجنوب، حيث يستعدّ “الثنائي الشيعي” مثلاً لما يشبه “الاستفتاء الشعبي” لدحض كلّ ما يُقال عن تراجعه الشعبي. ولكن الجولة الأولى من الانتخابات البلدية ربما أكّدت المؤكد، فالقوى السياسية الباحثة عن أيّ “نصر”، وكيفما كان، بدت بمجملها “خاسرة”، وهو ما يتطلب منها إعادة النظر بخطابها وتموضعاتها، قبل موعد الانتخابات النيابية!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى