النهار:
وطنية – كتبت صحيفة “النهار” تقول: لم يكن أسوأ من مشهد مجلس وزراء الحكومة الوليدة المتجاهل الصامت على وقائع “الدخول” الاستفزازي للنفط الإيراني الى البقاع في عراضة يراد لها ان تتجاوز حاجات اللبنانيين الى المازوت والبنزين، لإظهار توسع النفوذ الإيراني على يد “حزب الله” ومن طريق سوريا، هذا الدخول الأشبه بالغزو الاستفزازي لكل الدولة وأجهزتها ومؤسساتها الدستورية، سوى التباهي الباهت بأن إقرار البيان الوزاري معدلاً كان هو انجاز السلطة والعهد والحكومة في اليوم نفسه! والواقع ان أرتال الصهاريج الناقلة المازوت الإيراني المتدفقة من سوريا امس، بدت كأنها الهدية المسمومة القاصمة لظهر الدولة المغيبة والحكومة المنطلقة لتوها، ليس فقط لان “حزب الله” تعمد رفع العنوان الذي يتجاوز ازمة المحروقات الخانقة التي تبرر لجوءه الى استيراد النفط الإيراني ومشتقاته الى لبنان، بل عنوان التوظيف الإقليمي وتسخير لبنان ساحة وميداناً مفتوحاً من ميادين الصراعات التي زجّ الحزب لبنان فيها، ولذا رفع أمس شعار الحفاوة بالصهاريج الناقلة للمحروقات الإيرانية عنوانا لما وصفه بـ”كسر الحصار الأميركي”. ولكن الوقع المباشر لهذا العنوان شكّل في الواقع كسراً بكل المعايير للدولة اللبنانية والحكومة الجديدة التي تباهى الحزب انه من أحد عرابي ولادتها، فلم تمض أيام قليلة على ولادتها حتى سدد اليها ضربة قاسية، واسوأ ما في الامر ان الحكومة صمتت تماماً عن الضربة، اسوة بـ”العهد القوي” فيما تصاعدت امام الرأي العام الداخلي والخارجي مجموعة وقائع فضائحية في حق الدولة أجهزتها الأمنية والسياسية جراء هذا التطور.
لقد دخلت قوافل الصهاريج المحمّلة بالمازوت الايراني الى الأراضي اللبنانية سالكة معابر غير شرعية من البقاع الشمالي عبر طريق القصر – الشواغير، وسط إجراءات أمنيّة كثيفة من “حزب الله” الذي تولت عناصره الكشف على الطريق. الأولى التي دخلت لبنان مؤلفة من 21 صهريجاً، وأعقبتها قوافل مماثلة، من دون تحديد مواعيد وصولها.
وعلى طول الطريق في اتجاه بعلبك، تجمهر عشرات من مناصري الحزب، للترحيب بالقوافل رافعين أعلام الحزب ومطلقين العنان للرشاشات وقذائف الآر بي جي. وفي معلومات “النهار”، أن القافلة دخلت الأراضي اللبنانية عبر بلدتي حوش السيّد علي والقصر في قضاء الهرمل، حيث يتداخل على تخومهما الشرقيّة الجانبان اللبناني والسوري، ويتنقّل المواطنون من الدولتين بكثير من الحريّة ومن دون التزام الشروط القانونية. ثم إن الصهاريج دخلت عبر معابر غير شرعية من دون المرور بالجمارك، كما من دون موافقة من وزارة الطاقة المسؤولة عن النوعية والمعايير. وبتفلت تام من التسعير والرقابة ولم تجد كل هذه العراضة مسؤولا واحدا يسأل او يعترض او يعلّق. في المقابل كان يجري التعتيم الكامل على تطور إيجابي للغاية، ومن صنع الدولة، هو بداية وصول الفيول العراقي الى لبنان للمساهمة في التخفيف من ازمة الكهرباء، وسط معايير مزدوجة فاقعة يراد لها ان تخدم المحور الممانع المهيمن على قرارات الدولة.
ولذا اكتسب موقف البرلمان الاوروبي في جلسة عقدها أمس دلالات مهمة إذ أكد “مسؤولية حزب الله في أزمة لبنان الاقتصادية والاجتماعية”. ودعا دول الاتحاد الاوروبي الى “وضع قائمة مؤسسات وأشخاص في لبنان ينطبق عليهم نظام العقوبات”. واعتبر في قرار أصدره ان ” كارثة لبنان سببها حفنة من المسؤولين”. كما دعا “قادة لبنان الى عدم تأجيل الانتخابات عام 2022 تحت أي سبب”.
تعديلات البيان الوزاري
وفي غضون ذلك لم يصدر أي موقف رسمي في شأن ادخال المحروقات الإيرانية واقتصرت جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا على اقرار البيان الوزاري للحكومة الجديدة بالإجماع، بعد إجراء تعديلات طفيفة عليه. وانهت الامانة العامة لمجلس الوزراء تصحيح الصيغة الاخيرة التي اقرت لارسالها صباح اليوم الى الامانة العامة لمجلس النواب. وعلم ان الرئيس نبيه بري سيدعو الى جلسة المناقشة والثقة يوم الاثنين المقبل بعد طباعة وتوزيع البيان على النواب اليوم في أبعد تقدير.
وأدخلت تعديلات طفيفة على البيان الوزاري قبل اقراره منها:
تغيير تسمية الحكومة واصبحت “معاً للانقاذ” بناء لطلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي باعتبارها تسمية اقوى من “حكومة العزم والأمل”.
في القطاع المصرفي تم اعتماد عبارة “اصلاح القطاع المصرفي واعادة هيكلته حيث يلزم”.
في موضوع التحقيق في انفجار المرفأ وتحديداً بموضوع الحصانات، اعتمدت عبارة “تأكيد التعاون بين الحكومة ومجلس النواب في كل ما يقتضيه القانون والوصول الى الحقيقة”.
في التفاوض مع صندوق النقد الدولي تم تأكيد الندية باضافة عبارة “وفقاً للاولويات وما تقتضيه المصلحة الوطنية”.
في ملف الكهرباء، تمّ تأكيد خطة الكهرباء وتتضمن استجرار الطاقة والطاقة البديلة وبناء معامل (من دون الاشارة الى اسماء المعامل).
بعد جلسة مجلس الوزراء، توجه رئيس الحكومة ووزير المال يوسف خليل الى مكتب رئيس الجمهورية. وفي معلومات خاصة ان خليل حمل معه الى بعبدا عقد التدقيق الجنائي واطلع رئيس الجمهورية كما اطلع رئيس الحكومة على انه سيوقعه الثلثاء وقد ابلغ ديوان المحاسبة بالاستعداد للمباشرة بعملية التدقيق.
الفيول العراقي
وفي هذه الأثناء وصلت الشحنة الاولى من الفيول العراقي (غاز اويل حمولتها 31 ألف طن) إلى لبنان. وقد أُجري اختبار لمطابقة مواصفات الفيول وأتت النتيجة إيجابية، وبدأ التفريغ أمس على أن تصل الشحنة الثانية من الفيول grade B الاسبوع المقبل كما كان مقرراً في السابق.
يُذكر انه وفق الاتفاق والعقد الذي وقعه وزير الطاقة السابق ريمون غجر مع وزير المال العراقي وبمواكبة اللواء عباس ابرهيم، ستحصل كل شهر مناقصة لاستبدال الفيول العراقي بفيول لزوم معامل كهرباء لبنان، على ان تجرى المناقصة الثانية في الاسبوع الاول من تشرين الأول.
وفي تطورات أزمة المحروقات، أعلن رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط جورج فيّاض أن “الشركات أوقفت تسليم المحروقات بطلب من المديرية العامة للنفط، ومعظم المحطّات مقفلة”، وكشف أن “تأجيل رفع الدعم إلى ما بعد تأليف الحكومة، جاء تجنّباً للبلبلة.
وفي هذا السياق، أفادت معلومات ان قرار المديرية العامة للنفط بفرض عدم تسليم السوق المحلية اي كمية من المشتقات النفطية، هو من أجل إحصاء كمية المخزون المتبقي المدعوم وفق آلية الـ8000 لدى الشركات المستوردة والموزّعة وتحويل هذه الكمية إلى غير مدعومة كلياً، وبالتالي قد يُرفع الدعم عن المشتقات النفطية هذا الأسبوع. وكشفت ان منشآت النفط في طرابلس والزهراني بدأت صباح أمس بتسليم المازوت غير المدعوم للشركات.
مذكرة توقيف فنيانوس
على الصعيد القضائي وبعد مذكرة احضار رئيس الحكومة السابق حسان دياب الذي غادر الى الولايات المتحدة قبل تبلغها أصدر أمس المحقق العدلي القاضي طارق بيطار مذكرة توقيف غيابية بحق الوزير السابق يوسف فينيانوس بعد تغيّبه بدوره عن حضور جلسة أمس امامه. وسُجّل تحرّك لأهالي الضحايا أمام منزل القاضي غسان عويدات، حيث نددوا “بتصرفات النيابة العامة التمييزية المشبوهة والمريبة والتي بدأت بتسريب معلومات التحقيق ثمّ عدم قيامها بدورها الأساس لجهة الإدعاء ولاحظنا أخيراً مماطلة النيابة العامة التمييزية وتسويفها وتأخيرها ولامبالاتها بمسألة الدفوع الشكلية للتأخير قدر المستطاع بحضور المتهمين لاختلاق ذرائع وحجج”. وقال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، عبر “تويتر”: مع صدور خبر مذكرة التوقيف بحق الوزير السابق يوسف فنيانوس نؤكد وقوفنا الى جانبه مدافعاً عن نفسه وبحق ضمن القوانين المرعية الإجراء”.
=================
مصدر الخبر