آخر الأخبارأخبار محلية

وداعًا للفئات النقدية الصغيرة.. كيف ستؤثر الـ500 ألف والمليون ليرة على الاقتصاد وسعر الصرف؟


 تتربع الليرة اللبنانية على قائمة أضعف العملات في العالم، محافظةً على موقعها المتقدم أو القريب من الصدارة منذ عدة سنوات. وبعد أن كانت مثبتة عند 1500 ليرة مقابل الدولار الأميركي، فقدت أكثر من 98% من قيمتها منذ اندلاع الأزمة المالية في لبنان عام 2019. وبحسب البنك الدولي، بلغ متوسط التضخم 171.2% في عام 2022، وهو من بين أعلى المعدلات المسجلة عالميًا، نتيجة الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية.

 

وقد جاء هذا الانهيار نتيجة مزيج من العوامل، أبرزها التضخم المفرط، وسوء الإدارة الاقتصادية، وعدم الاستقرار السياسي، إلى جانب أزمة القطاع المصرفي. واليوم، تواصل الليرة اللبنانية تداولها عند مستويات متدنية قياسية، فيما تصدر لبنان المرتبة الأولى ضمن قائمة أضعف عشر عملات في العالم بحلول عام 2025، وفقًا لتقرير نشره موقع “Economy Middle East”.

 

ولهذا السبب، أقر مجلس النواب تعديل قانون النقد والتسليف للسماح لمصرف لبنان بطباعة فئات نقدية أعلى ووضعها في التداول. هذا التعديل الذي أُقر في مجلس النواب يتضمن تعديل أحكام المواد من 2 إلى 8 من “قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي”، مما يتيح لمصرف لبنان طباعة أوراق نقدية من فئات جديدة. مما أثار تساؤلات حول تداعياته المحتملة على سعر الصرف واستقرار الليرة والاقتصاد في المستقبل. في هذا الاطار، يشرح الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور نسيب غبريل لـ”لبنان 24″، أن “إقرار القانون الذي يسمح لمصرف لبنان بطباعة أوراق نقدية جديدة من فئتي 500 ألف ومليون ليرة، جاء في سياق تدهور سعر صرف الليرة منذ عام 2019، بالتوازي مع ارتفاع معدلات التضخم الناتجة عن زيادة الأسعار. وأوضح أن هذا الوضع دفع الأفراد إلى حمل مبالغ نقدية كبيرة، مما شكّل خطراً حقيقياً، خصوصًا على الشركات التي تتعامل بمبالغ ضخمة نقدًا، في ظل تعطل أنظمة الدفع المصرفية“.

 

أضاف: “اليوم، يبلغ إجمالي النقد المتداول في الاقتصاد اللبناني نحو 157 ألفاً و600 مليار ليرة. وتشكل فئة الـ100 ألف ليرة نسبة 94% من هذا المجموع، بينما تستحوذ فئة الـ50 ألف ليرة على 4.5%، وتوزع النسبة المتبقية 1.5% على فئات الـ20 ألف والـ10 آلاف والـ5 آلاف ليرة والألف أيضًا”. تابع: “إن أحد أهداف هذا القانون هو الحفاظ على حجم الكتلة النقدية في السوق، خصوصاً لتفادي اي تضخم إضافي أو زيادة الطلب على الدولار نتيجة ارتفاع الكتلة النقدية. حالياً، يوجد نحو 83 ألف مليار ليرة نقداً في التداول داخل الاقتصاد. وبموجب القانون الجديد، سيعمل مصرف لبنان تدريجيًا على سحب جزء من الكتلة النقدية القائمة، التي تبلغ 157 ألفاً و600 مليار ليرة، بدءاً بالفئات الصغيرة التي تشكل 1.5% فقط من الإجمالي، على أن تمتد العملية لاحقًا إلى فئات الـ100 ألف ليرة التي تستحوذ على 94% من الأوراق النقدية المتداولة“.

 

أما عن احتمال حدوث تضخم بعد ضخ هذه الفئات في السوق اللبناني، فقال غبريل أن”طباعة الفئات الجديدة لن تؤثر على معدلات التضخم، طالما أن مصرف لبنان يلتزم بضبط الكتلة النقدية، إذ لن يتم ضخ الفئات الجديدة في السوق دون سحب ما يعادلها من الفئات القديمة، سواء من فئة المئة ألف أو من الفئات الأصغر“.

 

واشار إلى أن “هذه الخطوة تمهد تدريجياً لسحب الفئات الصغيرة، مثل فئة الألف والخمسة آلاف والعشرة آلاف ليرة، وربما لاحقاً فئة العشرين ألف ليرة”. أما بالنسبة لسعر الصرف، فأكد غبريل أنه لن ينخفض، لأن الدورة الاقتصادية بأكملها أصبحت مبنية على أساس سعر صرف يبلغ 89,500 ليرة للدولار. وأوضح أن كل التعاملات اليومية، سواء بين الشركات والأفراد أو بين الأفراد والمتاجر، تتم على هذا السعر، بالإضافة إلى أن البيانات المالية للشركات والمصارف، وكذلك إيرادات الخزينة والضرائب، كلها تُسعَّر وفق هذا المستوى.

 

وأشار إلى أن الهدف على المدى الطويل، ومن خلال تنفيذ برنامج إصلاحي متكامل، هو أن يصبح العرض والطلب في السوق هما العاملان المحددان لسعر الصرف، مع تدخل مصرف لبنان فقط لضبط التقلبات الحادة. كما شدد على أن استعادة استخدام الليرة اللبنانية في كل التعاملات التجارية بدلاً من الدولار يتطلب وقتاً لتحقيقه. وعن مسألة إعادة الثقة بالليرة اللبنانية، فأوضح غبريل إلى أن هذه الخطوة لن تعيد الثقة، حيث أن الليرة كانت قد ثبتت على سعر صرف 89,500 ليرة منذ تموز 2023، بعدما نجح مصرف لبنان في وقف تدهور سعر الصرف. وأضاف أن مصرف لبنان سحب 22 تريليون ليرة من السوق خلال عام 2023، أي ما يعادل 30% من إجمالي الكتلة النقدية المتداولة، مما ساهم في تحسين سعر الصرف تدريجيًا. ورغم التحديات التي واجهها لبنان، بما في ذلك الصدمات الأمنية مثل حادثة الكحالة، ، تصعيد الحرب الإسرائيلية على لبنان في أيلول 2024، استطاع مصرف لبنان الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

 

وأوضح أن هذه السياسة أدت إلى تراجع التضخم بشكل ملحوظ، حيث انخفض مؤشر أسعار الاستهلاك إلى 15% في آذار 2025 مقارنةً بنفس الشهر من العام الماضي، وهو أدنى مستوى لمؤشر أسعار الاستهلاك منذ خمس سنوات.

 

لكن غبريل شدد على أن إعادة الثقة ليست مسألة تتعلق فقط بإجراءات مصرف لبنان، بل هي مرتبطة بمجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية. وأكد أن ذلك يتطلب برنامجًا إصلاحيًا شاملًا، بما في ذلك حصر السلاح بيد الدولة والقوات المسلحة اللبنانية، وكذلك قرار الحرب والسلام. كما أضاف أن استعادة العلاقات مع دول الخليج، ومحاربة الاقتصاد النقدي والموازي، وإعادة هيكلة القطاع العام، جميعها عوامل أساسية.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى